أكد مصدر من ولاية أمن الدارالبيضاء أن الأجهزة الأمنية بالمدينة تقف عاجزة عن محاصرة مروجي المخدرات القوية، مشيرا إلى أن المزودين الرئيسيين للسوق ما يزالون بمنأى عن أية ملاحقة بالرغم من أن والي الأمن مصطفى الموزوني وجه تعليمات مشددة لمرؤسيه بشن «حرب مفتوحة» على أوكار ترويج المخدرات الصلبة. وعزا المصدر ذاته قصور الأجهزة الأمنية في تطويق اتساع رقعة ترويج المخدرات القوية إلى ضعف الإمكانيات اللوجستيكية وغياب «الحصيص» ووسائل النقل وآليات تعقب مروجي السموم البيضاء. مشيرا إلى نزوح مروجيها من ملاهي منطقة عين الذئاب، كسوق تقليدية يقصدها الراغبون في الحصول على المخدرات، إلى الأحياء الشعبية وأبواب بعض المؤسسات التعليمية واستهداف شرائح اجتماعية متوسطة. وبحسب المصدر ذاته، فإن استهلاك الكوكايين والهروين شهد طفرة نوعية في عاصمة المغرب الاقتصادية بعد غزو المروجين لأسواق جديدة تشمل شباب الأحياء السكنية وتلاميذ المدارس، وهكذا لم يعد الكوكايين حكرا على أبناء الأغنياء فقط، بل إن الأسعار التفضيلية الجديدة شجعت شباب الأحياء الشعبية على تجريب استهلاكه. ومن الحيل التقليدية التي يعتمدها باعة المخدرات الصلبة في الدارالبيضاء، لتجنب الوقوع في قبضة الشرطة، التوفر على هواتف محمولة يغيرون أرقامها باستمرار ويستعملونها في ربط الاتصال بزبائنهم، ومطالبة الزبون الراغب في اقتناء المخدر بالإدلاء ب»كلمة سر» قبل الحصول على الكبسلولة المطلوبة. وأشارت مصادرنا إلى أن التجار يعمدون إلى تغيير أماكن البيع باستمرار ويتوفرون على وسيلة نقل سريعة وخفيفة تجنبهم الاعتقال في حالة مطاردة الشرطة لهم. ويعتمد المروجون على قاموس خاص للتواصل مع زبنائهم، ونجد في معجم تجارة واستهلاك المسحوق الأبيض بالدارالبيضاء كلمات «السي دي» و«الحصول على التعبئة» و«القميجة البيضاء» و«زوبيدة». وأقر مصدر أمني من الشرطة القضائية لأمن عين الشق الحي الحسني بكون منطقة عين الذئاب، القريبة من مفوضية الشرطة «الدار الحمراء»، هي منطقة حبلى بمروجي السموم البيضاء، خصوصا في بعض«الكاباريهات»، وقال ردا على سؤال ل«المساء»، حول عدم تحرك عناصر الشرطة القضائية بالحي الحسني لاعتقال تجار المخدرات، إن ملاهي كورنيش عين الذئاب تابعة للمنطقة الأمنية آنفا وعناصرها هم الذين يجب أن يعتقلوا تجار المخدرات القوية في كورنيش عين الذئاب. وعاينت «المساء» مساء أول أمس الخميس كمية من مخدر الكوكايين حجزتها الضابطة القضائية للحي الحسني الأسبوع الماضي من مروجين. وتقدر بحوالي 250 غراما من الكوكايين والهيروين في أكياس بلاستيكية بيضاء. وهي ما تزال في عهدة الشرطة رغم إحالة من ضبطوا متلبسين بترويجها على العدالة بداية الأسبوع الجاري. وبحسب مصدر أمني، فإن الكمية المحجوزة من المخدر الأبيض ضبطت بحوزة مبحوث عنه اسمه مصطفى غير مكان سكناه من درب الخير بالدارالبيضاء وانتقل للسكن في حي سباتة الشعبي بمقاطعة بن امسيك. وبحسب رواية الشرطة فإن عناصرها اعتقلت مصطفى بعد أن غادر منزله وضبطت بحوزته 8 كبسولات كوكايين وقطعة وزنها 50 غراما من مادة الشيرا. وتبين للشرطة بعد تفتيش منزل المتهم أنه كان يخبئ بغرفة نومه 80 غراما من الكوكايين وميزانا إلكترونيا صغيرا يستعين به في الوزن. وقال المروج المعتقل للشرطة في محضر استنطاقه إن «مخدر الكوكايين أصبح أكثر طلبا في السوق من مخدر الشيرا». وصرح المروج، حسب محضر الاستماع إليه، بأنه اقتنى الكمية المحجوزة ( 150 غراما) من مزود يقطن بمدينة المحمدية بمبلغ 58 ألف درهم وهو يبيعها بالتقسيط لزبنائه بسعر 500 درهم ل«السطر». واعتقلت الشرطة أيضا مروجا آخر للسموم البيضاء اسمه فاروق الناظوري، وهو شقيق لمعتقل بسجن عكاشة بتهمة ترويج الهروين. وقالت الشرطة إنها اعتقلت فاروق بعد أن نصبت له كمينا وسخرت شرطيا ليعمل كسائق سيارة أجرة وأنها استعانت بخليلة المروج ليتم اعتقاله في شارع عبد المومن وبحوزته 150 غراما من الكوكايين . وبعد تفتيش الشرطة لشقة فاروق عثرت على كمية أخرى من ال«القميجة البيضاء» ومبلغ مالي وميزان إلكتروني صغير، إضافة إلى ريال سعودي كان المروج قد استعمله لاستنشاق جرعة من المخدر قبيل إلقاء القبض عليه. وتشهد أسعار المخدرات القوية تخفيضات تنافسية بين المروجين للحصول على زبائن أكثر. ويكلف الحصول على غرام واحد من الكوكايين دفع مبلغ500 درهم بعد أن كان ثمن «السطر» الواحد يكلف مبلغ 1000 درهم قبل ستة أشهر. وأكدت مصادر أمنية ل«المساء» أن بعض مروجي المخدرات الصلبة يستغلون علاقتهم بنادلات حانات يقطن ب«إقامة الفردوس» لاستقطاب الزبائن بعيدا عن الأعين والمراقبة. وقبل أسابيع اعتقلت الشرطة القضائية لأمن الحي الحسني عين الشق جزارا ظل يستغل محلا تجاريا لبيع اللحوم بإقامة الفردوس كغطاء ووجدت داخل محله كميات من مخدر الهروين كان يضعها رهن إشارة المدمنين المترددين على محله، بسعر تفضيلي قال مصدر أمني إنه لا يتعدى 450 درهما. وكانت الشرطة أعلنت سقوط شخص يلقب ب«المريكاني» واعتبرته المزود الرئيسي للعلب الليلية بكورنيش عين الذئاب بالمخدرات القوية واعتقلت ثلاثة أشخاص من عناصر شبكة لترويج الكوكايين وبحوزتهم 318 غراما من المخدرات الصلبة. وظل زعيم الشبكة المسمى عز الدين يتخفى تحت لقب «الميريكاني»، وبالرغم من أنه يمتلك مقهى فخما بشارع 2 مارس فإنه ظل يتاجر في المخدرات الصلبة. وقال عامل في حانة بعين الذئاب رفض الكشف عن هويته إن سعر الغرام الواحد من الكوكايين يتراوح مابين 500 و600 درهم في الأيام العادية ليصل إلى1000 درهم في عطلة نهاية الأسبوع. وأشارت بعض المصادر إلى أن عملية بيع المخدرات القوية صارت تتم خارج المدار الحضري لمدينة الدارالبيضاء، مضيفة أن بعض المروجين، في إطار الاحتياط من كمائن الشرطة أصبحوا أكثر حذرا وهم يتحققون من هوية المستهلكين، يعمدون إلى التنسيق مع الزبائن عبر الهاتف قبل ملاقاتهم في أماكن معزولة قد تكون خارج المدار الحضري للعاصمة الاقتصادية. تنامي استهلاك الكوكايين بالمؤسسات التعليمية أشار مصدر من مديرية الحياة المدرسية بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر إلى أن ظاهرة التدخين واستهلاك المخدرات في المؤسسات التعليمية بالمغرب في تنام متزايد. وقال المصدر ذاته ل«المساء» إن المؤسسات التعليمية في المغرب ومحيطها المباشر يشهدان عدة مظاهر سلبية مثل العنف وتخريب الممتلكات العمومية والتدخين والمخدرات». وللحد من ظاهرة العنف والتدخين واستهلاك المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية دعت مديرية الحياة المدرسية بالوزارة إلى تنظيم استشارات موسعة مع مصالح وزارتي الداخلية والعدل، وكتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين والإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والمرصد الوطني لحقوق الطفل، والمنظمات والجمعيات الحقوقية. وتحث المديرية المستشارين في التوجيه إلى تأطير التلاميذ والإصغاء إلى مشاكلهم المرتبطة بالدراسة وتكوين الملحقين الاجتماعيين وتعيينهم بالمؤسسات التعليمية. وأبدى رجل تعليم يعمل بنيابة آنفا قلقا بالغا من مغبة اكتساح تجار المخدرات القوية للمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية، وتمكنهم من جر التلاميذ المراهقين إلى الإدمان على المخدرات دون علم آبائهم. وقال الإطار التعليمي إن الكوكايين يباع في الدارالبيضاء على مقربة من مقر ولاية الأمن بشارع الزرقطوني، مشددا على أن بعض فتيات الثانوية التأهيلية «أحمد شوقي» المطلة على مقر ولاية الأمن يستهلكن المخدرات وبشكل نهم أيضا. مطالبا بتوفير الحماية الأمنية للمؤسسات التعليمية واعتقال من أسماهم ب«المتربصين بالتلاميذ لجرهم في طريق الانحراف».