منذ بداية هذا الشهر، ومع عودة بعض الهدوء إلى مياه المتوسطي، انطلقت مجموعة من المهاجرين الأفارقة في أخذ دورات تدريبية في حصص السباحة والغوص بهدف الوصول سباحة إلى سواحل مدينة سبتة. ومنذ فاتح ماي الجاري إلى حدود العشرين منه، تمكن 19 منهم من الوصول إلى شواطئ بنثو بسبتة. من أجل ذلك، وتفاديا للغرق في عرض البحر، قرر عدد من هؤلاء المهاجرين الأفارقة أخذ حصص تدريبية مكثفة في فن السباحة على يد أحد شبان المنطقة، باعتبار أن معظمهم لا يجيد فن العوم باستثناء القليل منهم المنحدرين من ساحل العاج، وهم يمثلون الأغلبية من الذين حققوا أملهم ووصلوا سباحة إلى سبتة. لقد تمكنت «المساء» من التحدث مع بعضهم، والانطلاق معهم من غابة مجاورة لبليونش ومصاحبتهم إلى غاية الشاطئ للاطلاع على حصصهم التدريبية في السباحة في سواحل القرية الهادئة. «أتقاضى من طرف الأفارقة الأربعة 50 درهما مقابل تعليمهم السباحة من التاسعة إلى الثانية عشرة زوالا»، يقول سمير، ل«المساء». ويفضل الشاب، الذي لا يتجاوز عمره 19 سنة، كسب 50 درهما كل صباح قبل الذهاب إلى مدينة الفنيدق حيث يشتغل مساء بأحد مقاهي المدينة. لحظة وصولنا إلى المكان المخصص للتدريب، وجدنا خمسة مهاجرين أفارقة في انتظارنا، أحدهم يحمل كيسا يحتوي على بذلة غطس وحذاء بحري خاص بالتجذيف. «أهلا صديقي»، يقول طاهيرو معانقا «معلمه» سمير. طاهيرو البالغ من العمر 29 سنة مهاجر غير قانوني قضى أكثر من ثلاث سنوات متنقلا بين مدينة الرباط وطنجة ونواحي الفنيدق. وحسب ما يحكيه، فإن الرجل عانى كثيرا في المغرب بسبب قلة الموارد المالية، والضغط الأمني الممارس عليهم من طرف أجهزة الأمن المغربية. «هذه المرة سأتوفق في الوصول إلى سبتة»، يقول بحماس وهو يداعب هاتفه المحمول. فبعد وفاة أحد المهاجرين الأفارقة غرقا ليلة 25/26 من شتنبر الماضي، قبالة سواحل سبتة، حيث اعترضتهم دورية بحرية للحرس المدني الإسباني، أصبح هؤلاء يفضلون تعلم وإتقان السباحة عوض التعرض لنفس مصير زميلهم لاوكلين سونغو. في حدود الساعة التاسعة والربع صباحا، تبدأ الحصة التدريبية، حيث يتقدم الأفارقة الأربعة إلى البحر رفقة سمير، في حين بقي زميلهم الخامس يراقب الوضع تفاديا لعيون الفضوليين وهو يستمع بانتباه إلى جهاز راديو صغير يبث أغاني باللغة الإسبانية. «اليوم آخر حصة تدريبية لهم»، يوضح سمير، فالأربعة قد بدؤوا يتقنون نوعا ما السباحة بعد «حصص مكثفة» دامت ستة أيام. «أوروبا على مرمى حجر من هنا، ولذلك لم يعد ممكنا لنا التراجع إلى الوراء» يقول طاهيرو، وهو يناول حذاءه المائي لصديقه. ساعة قبل انتهاء الحصة التدريبية، سنغادر المكان فيما يودعنا طاهيرو وهو يدعونا أن نتمنى له النجاح والتوفيق في تحقيق حلمه بالوصول إلى «الجنة» الأوربية التي طالما انتظرها. ليلة إنجاز هذا التحقيق (الأحد) ستصلنا أخبار عن نجاح ثلاثة من الأفارقة الخمسة في الوصول سباحة إلى شواطئ مدينة سبتة، مستعملين أحذية بحرية خاصة بالتجذيف وصدرية هوائية تفاديا للغرق. وحسب بلاغ الحرس المدني الإسباني ليلتها، فإن دورية بحرية تابعة لها تمكنت من اعتراض المهاجرين بعد كشفهم من طرف أجهزة الإشعار الحرارية المزروعة في عرض الساحل، لكن الأفارقة كانوا لحظتها قد وصلوا ساحل سبتة. وحسب نفس المصدر، فقد تم نقل الأفارقة الثلاثة إلى المستشفى بسبب هبوط حاد في درجة حرارتهم، قبل أن تتم إحالتهم على مركز الإيواء الخاص بالمهاجرين غير الشرعيين.