كشف مصدر من وزارة الثقافة أن الأبحاث الأولية، التي أجراها باحثون من معهد الآثار بالرباط حول مشروع الطريق السيار الذي ينتظر أن يربط بين تازةوفاس، بيّنت أن الخط المقترح لمرور هذه الطريق يضم 6 مواقع وصفها هؤلاء الباحثون بالمهمة. وأشار الباحث الأركيولوجي منتصر لوكيلي إلى أنه يرجح أن تكون هذه المواقع عبارة عن مدن أثرية أخرى تنضاف إلى المدينة التي اكتشفت مؤخرا على بعد 15 كيلومترا من فاس في اتجاه تازة. وذكر هذا الباحث أنه يجهل إلى حد الآن ما إذا كانت المؤسسات المعنية بحماية مثل هذه المواقع الأثرية ستسمح بمرور هذه الطريق في نفس الخط المقترح أم إن القرار السياسي سيلزم شركة الطرق السيارة بتغيير التصميم. وفي السياق ذاته، أورد هذا الباحث أنه إذا ما حدث أن «مرت» الطريق على هذا الموقع فإنه سيكون، بذلك، الموقعَ الأثري الثالث الذي «تمر» عليه الطرق السيارة في المغرب، وذلك بعد الموقع الأثري خديس الذي يوجد بالولجة بسلا، وهو عبارة عن حصن روماني، سنة 1996. ويعد هذا الحصن ثاني أكبر حصن في المغرب. أما الموقع الثاني الذي مر منه الطريق السيار فيعرف ب«ظهر أسقفان»، ويوجد بالقصر الصغير، وتم تشييد هذا الطريق ما بين 2005 و2006. وارتباطا بذات الموضوع، ذهب هذا الباحث إلى أن معهد الآثار لم يقم بأبحاثه الأولية المعتادة قبل بدء مشروع الطريق السيار الرابط بين الرباطوفاس والذي يمتد على مساحة تقرب من 200 كلم. ولم يعلن عما إذا كان هذا الخط يضم مواقع أثرية أم لا. وأشار هذا الباحث إلى احتمال وجود المواقع الأثرية عبر هذا الخط، نظرا إلى أن المنطقة عرفت بالتنقلات التجارية الكبيرة في العصر الوسيط. وأورد الباحث الأركيولوجي أن المغرب يفتقر إلى قانون يمنع بناء الطرق على المواقع الأثرية، مضيفا أن الشركة نفسها هي التي تمول أبحاث المعهد الأركيولوجي قبل بدء الأشغال، وذلك في غياب أي إطار قانوني للتعامل بين المؤسستين. كما ذكر أن المغرب يفتقر إلى معهد متخصص في الأركيولوجية الوقائية، وهو معهد يقوم بالأبحاث قبل بدء الأشغال، كما هو الشأن في فرنسا التي تتوفر على أقدم معهد أوربي في هذا الأمر. وكشف المصدر ذاته أن المعهد الوحيد المتخصص في المغرب اضطر إلى الاستعانة بباحثي معهد فرنسا لاستكمال الدراسات الأولية حول الموقع الأثري المكتشف مؤخرا بفاس. وكان بلاغ لوزارة الثقافة قد ذهب إلى أنه من المرجح أن المدينة الأثرية تعود إلى القرن ال12 وال13 الميلادي. لكن لوكيلي قال إن الأبحاث أظهرت أن المدينة الأثرية تضم عناصر تفيد بأنها أقدم من هذا التاريخ بكثير، معتبرا أن هذه المدينة تختفي في التاريخ لتظهر من جديد، وموضحا أنها عادت إلى الحياة أكثر من ثلاث مرات ودامت كل مرحلة 200 سنة. ورجح أن يكون الاختفاء المتكرر للمدينة بسبب الفيضانات. لكنه استغرب عدم وقوف المصادر التاريخية المعروفة على هذه المدينة التي شيدت في منطقة معروفة بالفلاحة منذ القدم وعلى مقربة من مدينة فاس. وأفاد المصدر بأن مهمة الفريق المكلف بهذه الأبحاث امتدت ل45 يوما، أضيف إليها أسبوع آخر وانتهت دون استكمال الدراسة حول المدينة الأثرية المكتشفة. وأرجع عدم استكمال هذه الدراسة إلى قصر الوقت وإلى نقص في عدد الباحثين وضعف في الإمكانيات.