ينتظر أن يعلن عن تحويل مسار مشروع بناء الطريق السيار الذي شرع في إنجازه بين فاس وتازة بعد اكتشاف مدينة أثرية من قبل عمال وأطر يعملون في المشروع في نقطة كان من المقرر أن تمر منها هذه الطريق. وقالت المصادر إن الأشغال بمنطقة الرمل بدوار أولاد بوصالح التابعة لجماعة عين الشقف قد توقفت بسبب هذه «المفاجأة» التي لم تكن في الحسبان. وكان أطر وعمال بهذا المشروع قد وقفوا على أنقاض مدينة أثرية بعدما وصلت أشغال التهيئة الأولية للطريق إلى هذه المنطقة، وهو ما دفعهم إلى إخبار السلطات. وتعود الواقعة، طبقا للمصادر، إلى حوالي ثلاثة أشهر. وكشفت الأبحاث، التي أجراها أركيولوجيون مغاربة وفرنسيون على هذه المدينة التي اكتشفت في هذه المنطقة الفلاحية بفاس، أن المدينة تعود إلى القرن ال12 الميلادي. وعاينت «المساء» ملامح هذه المدينة التي تبدو ظاهرة للعيان، بالرغم من أن المنطقة تستغل في المجال الفلاحي. وذهب أحد أبناء المنطقة إلى أن الساكنة وأصحاب الأرض يعرفون أن الأمر يتعلق بشيء أثري، مضيفا أن السلطات أخبرت بالموضوع منذ 1986. وقد كانت ملامحها آنذاك ظاهرة للعيان. وخلت «المدينة» يوم أول أمس الثلاثاء من أي باحثين. ولم يعاين إلا حارسان بخيمة تؤويهما وخيمة أخرى مخصصة لبعض آلات الحفر والتنقيب التي تستعمل من قبل باحثي الأثر. ومنذ إعلان الاكتشاف، أضحت منطقة عين الشقف، التي عرفت مؤخرا إعلاميا بتحولها من منطقة فلاحية إلى منطقة مهددة باكتساح المدن الإسمنتية بسبب وصول المنعشين العقاريين إليها، قبلة ل«سياح» يرغبون في التعرف على ملامح هذه المدينة التاريخية التي لا يزال الغموض يكتنف كل جوانبها. وحسب المصادر، فإن أبحاث الأثريين، التي اقتصرت إلى حد الآن على حوالي هكتار كفضاء للعمل والتنقيب، ستشمل حوالي 15 هكتارا إضافيا، وذلك للتمكن من الإحاطة بالمشهد الكامل لهذه المدينة. وكان هؤلاء الأثريون، المغاربة والفرنسيون، قد استعانوا في عملية الحفر الأولى بما يناهز 85 عاملا. وقالت المصادر إن المسؤولين أدوا لهم أجورهم كمياومين بحصة 70 درهما لليوم، لكن دون أي مستحقات أخرى تخص الضمان الاجتماعي وغيره من المستحقات العائلية وما سواها. وأضافت المصادر أن نفس المبلغ هو ما يتقاضاه يوميا ونقدا كل من عبد الحق بونار وحسن علوسي، وهما من العمال الذين تم الاحتفاظ بهما بعد «تسريح» العمال الآخرين في انتظار استقدام أيد عاملة أخرى في الشطر الثاني من الأبحاث. ولا يدري الحارسان مع أي جهة يعملان. وقال أحدهما ل«المساء» إن كل ما يعرفانه هو أن أحد الفرنسيين كلفهما بحراسة المكان إلى حين عودة الفريق، مضيفا أنه عرف كنه «تعليمات» الفرنسي عبر مترجمه المغربي. وكان بلاغ لوزارة الثقافة قد أشار إلى أن ما يضمه الموقع من آثار يؤكد أن الأمر يتعلق بمدينة تاريخية يرجح أن تكون قد شيدت في عصر الموحدين، أي ما بين القرنين ال12 وال13 الميلاديين. وجاء في توضيح وزارة الثقافة أن الأبحاث التي أجريت على هذا الموقع الأثري قام بها فريق من الباحثين ينتمون إلى المعهد الوطني لعلوم الآثار، التابع للوزارة. وأضاف المصدر ذاته أن هؤلاء الخبراء بدؤوا تنقيباتهم وأبحاثهم في هذا الموقع منذ 3 مارس الماضي، موضحا أنه تمت الاستعانة، لاحقا، بخبرات من المعهد الفرنسي للأبحاث الأركيولوجية، وهو أقدم المؤسسات البحثية المتخصصة في علم الآثار على الصعيد الأوربي.