سكان أنفگو على موعد مع أول ملك يزور قريتهم المعزولة في الأطلس، لهذا فهم مجندون، ليس فقط لاستقبال الملك وفي أيديهم لائحة مطالب، على رأسها طريق يربطهم بالعالم، إنهم مرتبكون كذلك لأنهم لم يروا الملك ولا والده ولا جده قط، سوى على الأوراق النقدية القليلة التي وصلت إلى أيدي القلة منهم في قرية يموت أطفالها من البرد. سكان مدشر أنفگو، التابع لقيادة تونفيت بإقليمخنيفرة، يتدربون منذ الأربعاء الماضي على ترديد أهازيج باللغة الأمازيغية ومصحوبة برقصة «أحيدوس» الجماعية، استعدادا لاستقبال الملك محمد السادس الذي سبق له أن وعد بزيارة مدشر«أنفگو». السلطات المحلية حثت سكان القرية، التي فقدت العام الماضي أزيد من 35 طفلا قضوا نحبهم جراء مرض غامض، على ارتداء ملابس لائقة وكنس باحات منازلهم والاستعداد لاستقبال الملك. ولتعبئة سكان المدشر الذي يفتقر إلى الماء والكهرباء والهاتف، جندت السلطات «براحا» أخبر ظهيرة الأربعاء الماضي السكان بقرب قدوم الملك محمد السادس وحثهم على تنظيف البلدة وارتداء ملابس لائقة مستعينا بمكبر الصوت الوحيد المتواجد في مسجد القرية. هذا، وكان من المتوقع أن يزور الملك «أنفكو» مساء الجمعة بعد أدائه لصلاة الجمعة بمدينة خنيفرة، وسط سعادة غامرة يشعر بها سكان القرية الذين جعلهم موت أطفالهم في النشرات الأولى للأخبار بعدما كانوا جزءا من المغرب المنسي. وقال أحد السكان، في اتصال هاتفي صباح أمس الجمعة مع «المساء»، إن الكاتب العام لعمالة خنيفرة زارهم وصرف تعويضات مالية للمزارعين الذين أتلف عمال الأشغال العمومية حقولهم الصغيرة في حواشي وادي «أوييض» لاستعمالها كمدرج لهبوط طائرة ملكية. وأشارت مصادرنا إلى أن العاملين بمؤسسة محمد الخامس للتضامن في أنفكو أجلوا مغادرتهم للمدشر التي كان من المفروض أن تتم يوم 20 أبريل الماضي، مضيفة أن العاملين في المؤسسة لم يعودوا يقدمون فقط حبات الدواء للمرضى من الأطفال والنساء بل فتحوا أوراشا تكوينية في الخياطة والصناعة التقليدية يستفيد منها السكان المحليون. ووصفت مصادرنا أجواء استعداد سكان «أنفكو» لاستقبال الملك ب«الفرحة الكبيرة»، مؤكدة أن غالبية السكان البسطاء لا يضيرهم موت أبنائهم في موسم الصقيع ولا قلة ذات اليد وقطع مسافات طويلة للوصول إلى قيادة «تونفيت» لشراء المواد الغذائية بقدر ما تخيفهم الغرامات المالية الباهظة التي يفرض حراس المياه والغابات على السكان أداءها. وقال أحد سكان «أنفكو» ردا على سؤال ل«المساء» حول ما سيطلبونه من الملك محمد السادس عندما يزورهم: «سنشكو إلى جلالته «بوعالي»، وهو الاسم الذي يطلقونه على حراس المياه والغابات. وكان بلاغ لوزارة الداخلية قد أكد أن الملك محمد السادس سيقوم في غضون النصف الثاني من شهر أبريل المنصرم بزيارة لمنطقة أنفكو وإعطاء الانطلاقة لعدة مشاريع تنموية بإقليمخنيفرة. وكان الملك محمد السادس قد اطلع يوم الخميس عاشر أبريل الماضي، بقيادة تونفيت (140 كلم عن خنيفرة)، على ظروف إنجاز «العملية الإنسانية تونفيت2007»، الموجهة لمساعدة السكان في وضعية صعبة، خاصة الأمهات والأطفال بالجماعات القروية «أنمزي» و«أكوديم» و«سيدي يحيى أويوسف» و«تونفيت». وأنجزت هذه العملية بكلفة إجمالية بلغت 23 مليون درهم، واستفاد منها حوالي 24 ألف شخص على ثلاث مراحل. وفي العاشر من أبريل المنصرم استقبل الملك أيضا بمدينة خنيفرة حجير وعلي المزداد سنة 1947 بمنطقة «القباب» وعينه عاملا على إقليمخنيفرة خلفا لأحمد شويحات.