رغم أن بطولة المجموعة الوطنية للهواة تكاد تشرف على نهايتها، إلا أن الفرق المناضلة في دوري المظالم لا زالت تنتظر الهبة السنوية التي يقدمها الراعي الرسمي لكرة القدم ذاك العالم الجديد الذي لا ينادي معشر الهواة. الهبة التي أخلفت بوعدها عبارة عن أقمصة رياضية ظلت المجموعة الوطنية للهواة تقدمها سنويا لفرق مهددة بكل أشكال التعرية، ولو في إطار ترسيخ مبدأ اليد العليا خير من اليد السفلى، ولأن المثل الشعبي يقول « ولف عادة قطعها تعادى» فإن انقطاع الدعم ولو بشكل ظرفي قد حرك جمر الغضب الراقد تحت الرماد،وجعل أحد رؤساء الفرق المنكوبة يهدد بخوض ما تبقى من مباريات بأجساد عارية تعبيرا عن حجم الخصاص. يقول الجهاز الساهر على تدبير شأن بطولة الهواة إن الغلاف المالي الذي رصده المستشهر لكساء الفرق الهاوية يقارب 800 مليون سنتيم، لكن مصدرنا الرسمي لم يقدم تبريرات التأخير في تحويل للاعتماد إلى أمتعة رياضية، تعددت الروايات هناك من يقول بان المستشهر صرف النظر عن الدعم، وهناك من طالب بالتريث لأن مسطرة صرف الاعتمادات بطيئة، وهناك طرح ثالث يرى بأن المجموعة الوطنية انتبهت لرداءة الأقمصة وعدم قدرتها على مقاومة التقلبات المناخية والتنافسية ففضلت التعامل بهدوء مع المبادرة التضامنية، وعدم توزيع الأقمصة تحسبا لأي طارئ من شأنه أن يكشف عيوب لباس يصطلح عليه بالقميص «الجوطابل». ولأن جامعة الكرة فضلت تكسية الملاعب بالعشب الاصطناعي قبل تكسية أجساد اللاعبين، فإن العديد من الفرق الوطنية المصنفة لا ترى مانعا من خوض مبارياتها بأقمصة بلا ملامح ولا ماركات ذات جودة عالية مادام المشرع لا يلزمها بذلك، فالجيش والدفاع الجديدي واتحاد الخميسات والنادي القنيطري والعديد من الفرق المصنفة نزهت نفسها عن ارتداء البدل بعناوين حقيقية أو مستنسخة، مادامت بقية الفرق تكتفي بجودة من الدرجة الثالثة، في ظل هذا الوضع لن يستغرب المتفرج إذا تابع مباراة فسيفسائية يتعايش فيها أديداس ونايك ولوطو ورايبوك وبوما وكابا دون أي اختلاف. وأمام أزمة الأقمصة التي تعيشها الفرق الممارسة في بطولة القسم الشرفي، فقد ظهرت مهنة أخرى جعلت البعض يقتات من كراء الأقمصة للفرق الفقيرة، اليوم بإمكان فريق يعاني من أزمة لباس أو باغته خصمه بلون مماثل أن يستأجر ألبسة بديلة تعفيه من الهزيمة باعتذار أو بالعراء على حد تعبير أحد مندوبي المباريات الذين عاشوا وقائع مماثلة، ورب ضارة نافعة لسماسرة الأقمصة. ومن أغرب ما شهدته بطولة القسم الثاني هواة، ما حصل في سيدي بنور حين حل فريق صخور الرحامنة ضيفا على مدينة سان بيرنار ليتبين للحكم قبل المواجهة بدقائق بأن الفريقين معا يرتديان نفس اللون الأحمر، ولأن القوانين تحتم على الضيوف تغيير أقمصتهم الحمراء بأخرى ذات لون مخالف، فإن عدم توفر أبناء الرحامنة على أمتعة بديلة ورفض المحليين خوض المباراة بلون آخر لعشقهم للأحمر، قد وضع الزوار أمام خيارين أحلاهما مر، إما شراء أقمصة جديدة مع ما يتطلبه من اعتماد استثنائي غير متوفر أصلا، أو القبول بالهزيمة بالقلم والإعفاء من إجراء المباراة، لم تنفع محاولات ذوي النيات الحسنة لتقريب وجهات النظر وتفادي النوايا السيئة، فاضطر مسؤول عن فريق صخور الرحامنة إلى حمل الأقمصة إلى اقرب «طولوري» بحي البام، وصباغتها بلون مخالف قبل لحظات من إطلاق صافرة البداية، ولكم أن تتصوروا معاناة اللاعبين مع أقمصة تنبعث منها رائحة الطلاء وتختلط فيها الصباغة الطرية مع حمرة التراب، لكن الحاجة أم الاختراع في مشهد كروي يرتدي فيه الكبار أقمصة كابا الرفيعة ويكتفي الصغار ب»لحيس الكابة».