دعا مهنيون يعملون في قطاع البناء والتعمير بالدار البيضاء إلى اعتماد «ميثاق شرف» وإحداث لجان يقظة مهمتها تتبع ومراقبة أوراش البناء المفتوحة في عاصمة الإسمنت المسلح. وشكل حادث انهيار عمارة في شارع مصطفى المعاني بالدارالبيضاء مطلع أبريل الجاري محور لقاء شارك فيه مهندسون مدنيون وممثلو مكاتب دراسات ومراقبة ومقاولون ومهندسون معماريون عقد أمس الأربعاء بالمدرسة العليا للهندسة المعمارية في الدارالبيضاء. وأعرب المشاركون في مائدة مستديرة موضوعها «سلامة البنايات» عن اعتقادهم بأن تكرار حوادث انهيار العمارات السكنية يضع المتدخلين في أوراش البناء محط مساءلة أمام غياب إجراءات السلامة في قطاع التعمير. وناقش المتدخلون حادث انهيار عمارة يوم 2 أبريل الجاري بالدارالبيضاء وعرجوا على انهيار مركب تجاري قبل أسابيع بالقنيطرة، وذكروا بسقوط عمارتين في فاس سنة 2004 وأخرى في مراكش، داعين إلى اعتماد آليات جدية لمراقبة أوراش البناء وتتبع الأشغال قبل وقوع كارثة جديدة. وأقر المتدخلون في المائدة المستديرة المنظمة حول «سلامة البنايات» بوجود اختلالات عميقة يشهدها قطاع التعمير في الدارالبيضاء، مشيرين لوجود فوضى في تسليم رخص البناء قبل الحصول على رخص الهدم من لدن «دار الخدمات» التابعة لمجلس مدينة الدارالبيضاء. وأقر مشاركون في اللقاء بأن مهنيي البناء يعملون بطريقة عشوائية يغيب فيها التنسيق المفترض توفره بين المنعش العقاري والمهندس المعماري ومكتب الدراسات والمراقبة والمقاولة المنفذة للمشروع. مشددين على أن الوقت قد حان للتحرك، بدل انتظار حوادث سقوط العمارات لإعادة لفت الانتباه إلى مشكل قائم منذ سنوات، ويتعلق بالغش في مواد البناء وعدم التقيد بإجراءات السلامة والوقاية في الأوراش. وأشار محمد عز الدين نكموش، الرئيس الأسبق لهيئة المهندسين المعماريين في المنطقة الوسطى، إلى وجود اختلالات في ميدان التعمير بالعاصمة الاقتصادية، حددها في عدم احترام «دفتر الورش» من لدن المهندسين المعماريين أنفسهم. وقال إن بعضهم يكتفي بالتوقيع على دفتر الورش فقط دون أن يواكب أشغاله في مرحلة تنفيذ المشروع. ودعا نكموش إلى إحداث «خلية يقظة» يمكنها أن تقوم بزيارات للأوراش وتتدخل لتقويم الاختلالات في حينها، وزاد قائلا: «هل يجب أن ننتظر دائما انهيار عمارة جديدة لنستحضر مشكلا نعيشه كمهنيين يوميا، قبل أيام هوت عمارة في شارع مصطفى المعاني بالدارالبيضاء بسبب أشغال ورش مجاور تسبب في الكارثة. ربما يتعلق الأمر ب«طاشرون» لا يعرف كيف يحمي العقارات المجاورة لمكان الورش ولم يحترم الأمتار القانونية التي ينبغي تركها لتفصل ورش البناء عن العقارات المحيطة به، لدينا قوانين ولكن نحتفظ بها في الأدراج أو المحافظ وهي لا تطبق». من جانبه، اتهم خالد رمضان، ممثل المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، مقاولات بالغش في البناء وتنفيذ التصاميم وقال رمضان: «من المؤسف أن نتحدث عن وجود نافذة في منزل لا تؤدي وظيفتها، الطبيعي هو أن تكون النافذة تسمح بدخول الهواء وأشعة الشمس، وعندما تكون هذه «النافذة» مجرد تمثل لشيء ما داخل عمارة فإن تشييدها لا يعني بالضرورة وجود نافذة حقيقية وفق المواصفات المتعارف عليها بين المهنيين». وألمح المتحدث باسم المدرسة الحسنية للأشغال العمومية إلى وجود فوضى تطال قطاع التعمير في مدينة الدارالبيضاء وتطرح أزمة تتعلق بتدبير المخاطر المستقبلية، داعيا إلى اعتماد قانون زجري يجرم مخالفات البناء. ولفت متحدث باسم مكتب للمراقبة الأنظار إلى معاناة عمال أوراش البناء في قلب العاصمة الاقتصادية مع «البرغوت»، مضيفا أن المائدة المستديرة التي عقدت بمقر المدرسة العليا للمهندسين تظل نخبوية وتنضاف إلى لقاءات سابقة جرى تنظيمها بعد وقوع حالات انهيار عمارات سكنية. وشدد المصدر ذاته على وجود حياد سلبي للسلطات وتغاضيها عن تجاوزات منعشين عقاريين يشغلون عمال بناء في ظروف تغيب فيها الخوذات الواقية وإجراءات السلامة ويجبرون على النوم داخل أوراش مشبعة بالرطوبة، توحدها براغيت تنهش أجساد عمال يتقاضون أجورا زهيدة مقابل ساعات طويلة، وهم لا يتمتعون بنظام التغطية الصحية وغير مصرح بهم لدى مندوبيات وزارة التشغيل أو صندوق الضمان الاجتماعي.