الفائدة الوحيدة التي يقدمها هذا الفيلم لمتلقيه، هي فقط تلك الإحصائيات التي عرضها على شكل رسوم بيانية تظهر تزايد عدد المسلمين في هولندا وأوروبا. حيث أورد في مبياناته أن عدد المسلمين بهولندا سنة 1909 لم يكن يتجاوز 54 مسلما، ليتطور العدد ويصل إلى 944000 سنة 2004. كما أورد أيضا أن عدد المسلمين في أوروبا سنة 2007 وصل إلى 54 مليون مسلم. وإن كان هذا قد يجعل المشاهد يتساءل في نفسه عن نوايا المخرج من وراء إيراده لتلك الأرقام، أهي للترهيب من انتشار الإسلام وتكاثر المسلمين في العالم أم لغرض آخر في نفس فيلدرز؟ وفي نهاية الفيلم، يظهر شخص يقلب صفحة من القرآن الكريم، ثم يختفي المشهد ويتلو ذلك صوت تمزيق مُدو لورقة ما من كتاب، فيظهر نص مكتوب على الشاشة يخبر المشاهد بأن الصوت الذي سمعه لصفحة مقتطعة من دليل هاتف.. تليها دعوة صريحة للمسلمين ب«اقتطاع الآيات التي تدعو إلى الكراهية من القرآن الكريم»، قبل أن يختمها بعبارة «أوقفوا الأسلمة. دافعوا عن الحرية». الفتنة الفلدرزية ووجهت بتجاهل كبير من طرف العالم الإسلامي، باستثناء أندونيسيا وباكستان التي شهدت مظاهرات احتجاجية عقب بث الشريط على شبكة الإنترنيت، والأردن وماليزيا التي صدرت بها دعوات إلى مقاطعة المنتوجات الهولندية. وكانت تلك الدعوات كافية لجعل المصالح التجارية الهولندية تهدد بمقاضاة فيلدرز إذا ما لحقتها أضرار نتيجة استخدام المسلمين ل«سلاح» المقاطعة. واضطرت الحكومة الهولندية إلى استدعاء سفراء منظمة المؤتمر الإسلامي لتوضح لهم أنها تعارض الفيلم.. وهكذا «هدّأتهم» بالكلام الحلو ودعتهم إلى «الحفاظ على رباطة الجأش» مع الإبقاء على «علاقات ودية» بين دولهم وهولندا. 24 ساعة بعد بث «فتنة» على الإنترنيت، قامت الرابطة العربية الأوروبية بهولندا ببث فيلم مماثل على موقع «يوتوب» تحت عنوان «المُفتِنون»، كردّ «عملي وحضاري» على التصريحات والمواقف العنصرية التي يطرحها فيلدرز ضد المسلمين. حيث ركز هذا الفيلم القصير على إبراز المواقف العنصرية لفيلدرز ضد المسلمين، وكذا فضح علاقته بإسرائيل، وذلك بعرض عدة صور له مع عدد من قادة إسرائيل كإيهود باراك وشارون. كما أشار الفيلم، الذي لا يتجاوز عمره 7 دقائق، إلى كون فيلدرز، المتزوج من يهودية مجرية، قد أثار شكوكا لدى بعض أعضاء حزب «الحرية» الذي يمثله، في أنه «مدفوع بتعليمات من السفارة الإسرائيلية في هولندا». وهكذا وقع لفيلدرز (44 عاما) كمن يريد أن يوقد فتيل الفتنة ليحرق به الناس، فأحرق به نفسه وصار ملعونا حتى وسط بلده، بعد أن انطبق عليه الحديث النبوي القائل: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها».