بين مقولة «لقد طفح المركب» الذي كانت منتشرة في المجتمع الألماني قبل عشرين عاما وترمز إلى أن فئات من المجتمع الألماني ضاقت ذرعا من الهجرة والأجانب، بسبب الضائقة الاقتصادية والاجتماعية، بدأت تظهر الآن ملامح تحول في نظرة الألمان للمهاجرين والأجانب، في اتجاه التحسن وتؤكدها معطيات موضوعية، فهل تطوى صفحة «المهاجر الضيف» من قاموس الألمان، ذلك ما يثير اهتمام المتتبعين لهذا الملف. لجوء عراقيين إلى كنائس أكدت متحدثة باسم وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية في برلين أن الوزارة تدرس بالفعل فكرة استقبال 30 ألف لاجئ عراقي من المسيحيين الذين يفرون من بلادهم بسبب العنف والحرب الأهلية، بيد أن المسؤولة أشارت أن الحكومة الألمانية تدرس السبل الكفيلة بتحقيق ذلك. ويأتي تصريح المسؤولة الألمانية ليؤكد ما كانت قد كشفت عنه مجلة «دير شبيغل» بأن هيئات كنيسية قدمت عرضا لاستقبال ما بين عشرين ألفا إلى ثلاثين ألف لاجئ مسيحي عراقي، ويوجد هؤلاء الموزعون حاليا في مناطق عديدة بين العراق وألمانيا، وجزء منهم وصلوا إلى ألمانيا بطرق غير شرعية وبعضهم عالقون في مناطق أخرى مثل اليونان. وفي حال تنفيذ هذا التعهد سيؤدي إلى رفع نسبي في عدد اللاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا، بعد أن سجلت نهاية العام الماضي رقما قياسيا جديدا من حيث تدني عدد اللاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا. إذ سجل في نهاية العام الماضي أقل نسبة طالبي لجوء منذ ثلاثين عاما، وحسب الأرقام التي صرحت بها وزارة الداخلية الألمانية فإن عدد طالبي اللجوء فاق 19 ألف شخص بقليل وتراجع بنسبة 9 في المائة قياسا لسنة 2006. ويشكل العراقيون نسبة مهمة، إذ يزيد عددهم عن 4 آلاف طالب لجوء، ويليهم طالبو اللجوء الصرب والأتراك. وعلى امتداد القرن العشرين شكلت ألمانيا وجهة يقصدها اللاجئون العراقيون بشكل جماعي، ففي الأربعينيات والخمسينيات وصل جيل أول من اللاجئين اليهود من العراق، وفي السبعينيات كانت هجرة جماعات يسارية ثم توالت الهجرات الجماعية في العقود الأخيرة وضمنها كفاءات وأطر عديدة. ويقدر عدد العراقيين حاليا في ألمانيا بحوالي 80 ألف شخص ليشكلوا بذلك ثاني جالية عربية بعد المغاربة الذين يفوق عددهم المائة ألف. نظرة الألمان للأجانب أظهر أحدث استطلاع للرأي أن الضغوط الإعلامية والسياسية التي تعرض لها الأجانب في الآونة الأخيرة في ألمانيا وأوربا، لم تسفر عن تراجع نظرة الألمان للأجانب، بل بالعكس أظهرت تحسنا ملحوظا، بيد أن المهاجرين الأتراك والمسلمين مايزالون في منطقة «التحفظ» بالمقارنة مع نسبة كبيرة من الألمان الذين جرى استجوابهم في الاستطلاع. وشهدت ألمانيا في الآونة الأخيرة جدلا كبيرا حول قضايا الهجرة والتهميش والجريمة في صفوف الأجانب الشبان وكذلك مواضيع مثل بناء المساجد، وأثرت النقاشات حول هذه القضايا على الأجواء الانتخابية في عدد من الولايات، كما انعكست هذه الملفات سلبا على أجواء سوق العمل، حيث ينتاب فئات من المجتمع الألماني أحيانا الشعور بأن المهاجرين يضايقونهم في فرص العمل، وهو ما يشكل دافعا لبعض الممارسات العنصرية. فحسب استطلاع أنجزه معهد شؤون النمو الديمغرافي، رغم ارتفاع عدد الأجانب في ألمانيا خلال العشرين عاما الأخيرة وتضاعفهم مرتين، إذ أصبح في حدود سبعة ملايين ونصف المليون، فإن نسبة الألمان اليوم الذين يعتقدون بأن بلادهم تحتضن عددا كبيرا من الأجانب لا يتجاوز 53 في المائة بعد أن كان 79 في المائة قبل عشرين عاما. ويعتقد الدكتور ادغار بيل، الخبير في معهد شؤون التطور الديمقراطي، أن التجربة والاحتكاك المباشر بين المواطنين والمهاجرين الأجانب، يكسبهم أفكارا أكثر دقة عن الواقع وبما يخالف الأحكام المسبقة، وهو ما تظهره نتائج الاستطلاع. بيد أن الاستطلاع كشف أن نظرة الألمان لم تخرج بعد عن دائرة التحفظ إزاء المهاجرين الأتراك والمسلمين (الأتراك أكبر جالية أجنبية في ألمانيا)، فهم في نظر غالبية المستجوبين لهم رؤية مختلفة عن الألمان في كثير من الأمور، لكنهم يعتقدون أن المهاجرين الأتراك يظلون يتميزون باللباقة والأدب. ويعتبر 15 في المائة من الألمان فقط أن المهاجرين الأتراك منافسون لهم في سوق العمل. وبالنسبة إلى انطباعات الألمان عن اندماج أطفال الأجانب مع أبنائهم في المدارس، فقد أظهر الاستطلاع استمرار الاعتقاد في هذا الاتجاه، إذ إن 67 في المائة يعتقدون مشاكل كبيرة تنتج عن اختلاط الأطفال في المدارس. ومن أبرز النتائج التي ظهرت في الاستطلاع أن نسبة 97 في المائة من المستجوبين يؤكدون أن إتقان اللغة الألمانية لا محيد عنه لمن يريد الاندماج في المجتمع الألماني، ونفس القناعة في ما يتعلق بضرورة احترام قيم المجتمع الألماني لمن يريد أن يحمل الجنسية الألمانية. ومن استنتاجات الاستطلاع أن 50 في المائة يعتقدون أن الأجانب يفضلون العيش مع بعضهم البعض، لكن ما يبعث على القلق هو أن نسبة 44 في المائة من الألمان المستجوبين يعتقدون أن الأجانب لا يحبونهم، وتفيد حيثيات الاستطلاع أن وسائل الإعلام لها دور كبير في هذا المجال، وأن التجارب والحالات كالجرائم أو الحوادث تغذي مثل تلك الاستنتاجات، وحتى في حالات تشكيل نظرة سلبية عن الأجانب فإن ذلك يعزز فكرة تنامي اتجاه الاعتماد على التجارب من الخضوع للأحكام المسبقة لدى الألمان. ويشكل هذا الاستطلاع، الذي أنجزته مؤسسة مرموقة في ألمانيا، اتجاها جديدا يسير في منحى مخالف لموجة من الاستطلاعات السلبية التي ظهرت في السنوات الماضية، وبعضها كان ينطلق من معطيات موضوعية تقدمها مؤسسات رسمية أوربية، على غرار توقعات إحصائية نشرت منذ عامين من قبل المكتب الاتحادي الألماني للإحصاء وكان ضمنها توقع بارتفاع نسبة المهاجرين في ألمانيا من 9 في المائة حاليا إلى 45 في المائة عام 2050. وفي بداية التسعينيات إثر الوحدة الألمانية، رفعت من قبل بعض الأوساط مقولة «لقد طفح المركب»، وهو شعار له حمولة نفسية وتاريخية سلبية ومقتبس من أفلام تعود لأجواء الحرب العالمية الثانية، ويرمز إلى عدم تقبل المزيد من وصول المهاجرين بسبب الضائقة التي تعيشها البلاد، لكن معطيات عديدة تظهر أن هذا الشعار تراجع بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، رغم استمرار عدد من المظاهر السلبية في النظرة للأجانب والمهاجرين. وإلى وقت قريب ظل المهاجر ينظر له في الأدبيات القانونية الألمانية ك»ضيف» أي أن وجوده مؤقت، لكن في السنوات القليلة الأخيرة وتحديدا منذ عهد حكومة المستشار السابق غيرهارد شرويدر طرأ تحول نوعي في النظرة القانونية للمهاجرين وظهرت سياسة جديدة تقوم على فكرة الاندماج، ودخل لأول مرة مفهوم ألمانيا كبلد هجرة، وخلال الآونة الأخيرة بدأت الحكومة الألمانية تخطط لاستقبال مهاجرين من الكفاءات ضمن منظومة جديدة تحمل اسم «البطاقات الزرقاء» لتسهيل هجرة الكفاءات، على غرار ما يحدث منذ عقود في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا وأستراليا. عن اليهود في ألمانيا قام المتحف اليهودي في برلين أخيرا بمبادرة غير مسبوقة، ونظم معرضا عن «نماذج للكليشيهات عن اليهود وغيرهم»، وهو موضوع يعتبر من القضايا الحساسة والمسكوت عنها، نظرا للماضي السلبي الذي تعرض له اليهود في عهد ألمانيا النازية. ويتواصل المعرض الذي افتتح الأسبوع الماضي إلى بداية غشت المقبل ويضم رسوما وصورا ومعروضات سمعية وبصرية، تقدم نماذج عن أنماط النظرة لليهود وغيرهم مثل الروس وبعض سكان مناطق ألمانيا مثل البافاريين (جنوبألمانيا) الذين يقدمون عادة على أنهم يرتدون السروال القصير المصنوع من الجلد. ويهدف القائمون على المعرض من هذه المبادرة إلى تسليط الأضواء على دور الموروث الثقافي والتاريخي في تشكيل الصور النمطية والكليشيهات في المجتمع وفي ما بين فئاته. وتضمن المعرض نماذج للأنماط التي تلصق بالمسلمين واليهود والشيوعيين والمثليين، وهي كليشيهات كانت تساهم في فترات تاريخية مختلفة في تغذية نزعات عنصرية ونشر الكراهية بين فئات المجتمع. وتضمن المعرض مائتي قطعة معروضة ومنحوتات ومن بينها منحوتة مثيرة للفنان الأمريكي دينيس كاردون وتتعلق بالأنوف اليهودية، في إشارة إلى المقولة المنتشرة عن تميز ملامح وجه اليهودي بأنفه الطويل، بيد أن المنحوتة نفذت بشكل هزلي أراد من خلاله الفنان أن يقدم أشكالا متباينة لأنوف أشخاص يهود. كما تضمن المعرض أعمالا تبرز الأحكام المنتشرة عن اليهود في عهد الحكم النازي في ألمانيا، كيف أنهم يسيطرون على المال والتجارة، ومن أبرز الأعمال المعروضة مجموعة خاصة للفنان النمساوي مارتين شلاف. وليست كل الكليشيهات خاطئة فبعضها يكون له نصيب من الواقع، لكن أثرها عميق في تشكيل النظرة السلبية وتغذية مظاهر عدم التسامح والكراهية، كما تفيد بذلك التجارب التاريخية في مجتمعات عديدة، ولذلك يسعى منظمو معرض برلين إلى معالجة هذه الإشكالية بطرحها من خلال أعمال فنية واستدراج المشاهد للتأمل والتفكير فيها، بدل استمرارها في مخيلته وذهنه كمسلمات. ويعتبر المتحف اليهودي في برلين من أهم المعالم الثقافية في العاصمة الاتحادية الألمانية، وهو مصمم بطريقة بناء ملتوية وفريدة من نوعها وصممه المهندس المعماري دانييل ليبنزكند، ويقدر عدد زواره منذ افتتاحه عام 2001 بأكثر من أربعة ملايين زائر. فولكسفاغن تسعى إلى أن تكون الأولى عالميا وضعت شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات لنفسها تحديا جديدا بتحقيق رقم قياسي في مبيعات منتوجاتها على مستوى عالمي أي أنها تسعى إلى تجاوز لقبها كأول مصنع للسيارات في أوربا لتصبح الأولى عالميا وتتفوق بذلك على تويوتا اليابانية. وأعلن رئيس فولكسفاغن مارتن فنترغورن أن هدف شركته هو رفع مبيعاتها من 6,2 ملايين سيارة إلى ثمانية ملايين سيارة في عام 2011، بمعنى طرح عشرين نموذجا جديدا خلال عامين، وستستثمر الشركة 29 مليار يورو للوصول إلى هذا الهدف. والمثير أن الشركة الألمانية وضعت هذا التحدي في الوقت الذي يسجل فيه اليورو ارتفاعا قياسيا في مواجهة الدولار وتواجه فيه شركات صناعة السيارات الألمانية منافسة شرسة في الأسواق الأمريكية والآسيوية، ولاسيما بعد دخول شركة «تاتا موتورز « الهندية على خط المنافسة بشرائها ماركتي جاغوار ولاندروفر البريطانيتين. وتعتمد فوسلفاغن على نموها في الآونة الأخيرة، وكذلك على سيطرتها على شركة سكانيا السويدية بحصة 68 في المائة. وحسب أحدث مؤشرات السوق الألمانية فإن الطلب على السيارات خلال شهري يناير وفبراير سجل زيادة بنسبة 25 في المائة، وحققت منها فولكسفاغن أعلى نسبة قياسا بالسيارات الألمانية الأخرى.