تبدو الأبناك أكثر ازدهارا في المغرب في السنوات الأخيرة، وهذا ما تؤشر عليه نتائجها المالية والتجارية.. نتائج اعتاد رِِِؤساء الأبناك الرئيسية في السنوات الأخيرة على وصفها ب«غير المسبوقة» و«التاريخية»، بل إن بنكا مثل القرض العقاري والسياحي بدأ يتعافى من الأزمة التي عانى منها خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث ضاعف بثلاث مرات أرباحه في السنة الفارطة، وهو ما شجع رئيسه على الحديث عن «ثورة صغيرة» أفضت إلى تلك النتيجة. المؤشرات التي تجمعت لدى بنك المغرب تفيد بأن وتيرة الإقراض لدى البنوك المغربية تسارعت في السنوات الأخيرة، نتيجة خفض معدلات الفائدة والظرفية الاقتصادية المواتية، حسب بعض المراقبين، لتصل قيمة القروض التي وزعتها في السنة الفارطة إلى 423 مليار درهم، مسجلة زيادة بنسبة 29 في المائة، حيث أصبحت تمثل 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وعرفت جميع أصناف القروض ارتفاعا كبيرا، غير أن الضوء ألقي أكثر على القروض العقارية التي نمت في السنة الفارطة ب33 في المائة، لتصل إلى 107 ملايير درهم، وهو ما حدا بالبنك المركزي إلى دعوة البنوك إلى التخفيف من المنافسة بينها، خاصة على مستوى معدلات الفائدة المنخفضة، غير أنه يتجلى أن بعض مسؤولي القطاع البنكي يعتبرون أنه محصن ضد الهزات التي تحذر منها وكالة ستاندار أند بورز. وفي السنة الفارطة، وصلت الودائع لدى القطاع البنكي المغربي، التي تشكل أساس الموارد التي تعتمد عليها البنوك من أجل تلبية الطلب على القروض، إلى515 مليار درهم، حيث زادت بنسبة 19 في المائة، ومثلت الودائع المؤدى عنها، أي التي يترتب عنها منح فوائد، 41 في المائة، بينما تشكل الودائع غير المؤدى عنها، أي التي لا تستفيد من فوائد، حوالي تلثي الودائع لدى البنوك المغربية، وهذا يساعد الأبناك على تخفيض تكلفة الموارد المالية، وقد بدأت بعض الأصوات تنادي بضرورة إخضاع الودائع غير المؤدى عنها لفوائد، حتى يتسنى رفع معدل الاستبناك في المغرب.. ورغم ما يقال عن زيادة إمكانيات الادخار لدى البنوك المغربية، يعتبر بنك المغرب ضعف الاستبناك بمثابة إحدى الهشاشات التي تعاني منها البنوك، حيث لا يتعدى هذا المعدل 25 في المائة في المغرب، وقد يصل إلى 33 في المائة، إذا ما أخذ دور بريد المغرب في هذا المجال بعين الاعتبار. غير أن القطاع البنكي يرى أن هذا المعدل لا يعكس حقيقة الدينامية التي تعرفها عمليات فتح الوكالات البنكية، التي وصل عددها في السنة الفارطة إلى300 وكالة، بل إن عدد الحسابات البنكية الجديدة التي فتحتها البنوك المغربية في السنة الفارطة ارتفع إلى مليون حساب، ثم إن مسؤولا كبيرا في التجاري وفا بنك نبه إلى ضرورة التمييز، عند الحديث عن معدل الاستبناك، بين العالمين القروي والحضري وعزل الأشخاص الذين يبلغون من العمر أقل من 18 عاما. ويعتبر بعض المراقبين أن الأبناك تتوفر على هوامش أرباح كبيرة في المغرب، بفعل ضعف تكاليف الموارد التي تتوفر عليها، والمشكلة في أغلبها من ودائع لا تترتب عنها فوائد للزبناء، بالإضافة إلى توسع مجال العمولات، أي الاقتطاعات التي تحصل عليها من تقديم خدمات للزبناء. غير أن ما أثار الانتباه أكثر، خلال ندوة عقدت مؤخرا حول القطاع البنكي وقانون المنافسة، هو تلك العلاقة المختلة بين الزبناء والأبناك التي تتجلى في عقود تتضمن بنودا محررة في غالب الأحيان بالفرنسية، خاصة تلك المتعلقة بعقد فتح الحساب الذي يتضمن، حسب ما عبر عنه باحثون، 30 بندا مجحفا، ناهيك عن عدم الإخبار بالمنتوجات والعمولات التي تترتب عنه. وقد تميز القطاع البنكي خلال السنة الفارطة بتحول السيولة التي استفاد منها إلى خصاص، وارتفاع معدل الديون التي يصعب استردادها، والذي وصل إلى 5 في المائة، مما يؤثر على نوعية أصول البنوك. في ذات الوقت، يفترض أن تتوخى البنوك الحذر من مخاطر أسعار الفائدة على النظام البنكي، والعمل على رفع معدل الملاءمة، أي الأموال الذاتية التي تخول لها مواجهة الطلبات الموجهة إليها، من 8 في المائة إلى 10 في المائة في السنة الحالية و12 في المائة في 2009..