- لماذا اتخذت الزاوية البودشيشية في العامين الأخيرين تقليدا جديدا بتنظيم ملتقى عالمي للتصوف؟ < أولا هذا ليس بجديد مائة في المائة لأنه سبق لنا أن نظمنا بمدينتي الرباط والدار البيضاء ندوات دولية منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، شاركت فيها نخبة من كبار المختصين وأخص بالذكر منهم جون لوي ميشون، وتناولت مواضيع المعرفة بين العقل والروح وقضايا كثيرة تخص التصوف. وفي ما يتعلق بالملتقى العالمي للتصوف فهذا تقليد جديد اختارته الزاوية لكي يصبح نشاطا سنويا، ونحن عازمون على جعله تقليدا دائما نظرا للحاجة للتعريف بهذا المكون الأساسي من الدين الإسلامي الحنيف المبني على الوسطية والاعتدال في هذا الوقت الذي يحتاج فيه الإسلام إلى إظهار انفتاحه على الحضارات الأخرى وسعيه إلى تناول كل ما يشغل الرأي العام والمختصين. - ظلت الزاوية طيلة العقود الماضية بعيدة عن الإعلام والنخبة الثقافية بالمغرب، هل يدخل الملتقى العالمي في إطار استراتيجية جديدة للتواصل العمومي؟ < نحن نعيش اليوم في عالم المعرفة والتواصل، ومن الطبيعي أن ننخرط في مقتضيات ودينامية هذا العالم كما هو شأن كل مكونات مجتمعنا. لأن من واجبنا التعريف بدعوتنا خصوصا في الوقت الذي شابه فيه كثير من الخلط وسوء الفهم، مما يتطلب تنوير الرأي العام وتعريفه بمكون أساسي من مكونات هويتنا كمغاربة، فالتصوف جزء أساسي من البنية التاريخية والحضارية والمعرفية للمغرب، وقد ظل هذا الأخير طيلة القرون الماضية يحمل مشعل التصوف، بل إن المشرق العربي استمد الكثير من المدارس الصوفية للمغرب، الذي كان أرضا خصبة للزوايا الصوفية وكبار شيوخ التصوف. - يؤخذ على الزاوية أنها لا تهتم بالشأن العام والعمل السياسي، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ < هذا سؤال قديم جديد، والمسألة محسوم فيها بالنسبة إلينا، إذ إننا لسنا حركة أو حزبا سياسيا، ولا نمارس العمل السياسي بالمعنى المتعارف عليه لدى الجميع، غير أننا نهتم اهتماما كبيرا بكل قضايا الأمة الكبرى، لأن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، كما ورد في الحديث النبوي، علما بأن التصوف يعني الانفتاح على جميع التيارات بكامل مكوناتها، بل يمكن أن تحتضن الزاوية مريدين من أحزاب مختلفة وتكون بذلك عامل توحيد وجمع للشمل، لأن هدفها هو التربية الروحية الكفيلة بإمداد الحقل السياسي بالبعد الخلقي الذي يعطي للعمل السياسي مستوى نبيلا ويبعده عن السياسوية والحسابات الصغيرة والفئوية الضيقة ويجعله فضاء للبناء والمنافسة الشريفة لخدمة الصالح العام. * عن اللجنة المنظمة للملتقى العالمي الثاني للتصوف