تنظر محكمة الجنايات بمدينة لييج البلجيكية منذ يوم الاثنين الماضي في ملف المغربية نعيمة شقرون، ذات الستة والعشرين ربيعا، المتهمة بقتل خليل والدتها فتيحة الروكي. الضحية محسن خلف الله تونسي كان يبلغ من العمر 47 سنة، وكان خليل والدة نعيمة، وقد تم تنويمه داخل شقته باستعمال أقراص منومة ثم خنقه بوسادة، ووضع جثته وهي مكبلة في حقيبة كبيرة ذات عجلات، وتوصيلها إلى منزل فتيحة حيث وضعت الجثة في المجمد لمدة شهر قبل أن يتم دفنها تحت أرضية المرآب وتبليطه من جديد بالإسمنت، ولم يتم العثور على الجثة وهي متحللة إلا عن طريق مكالمة من مجهول أبلغ فيها عن مكان دفنها. فتيحة الروكي، والدة نعيمة، فرت من بلجيكا إلى المغرب بمجرد العثور على الجثة عام 2003، أي بعد عامين على ارتكاب الجريمة التي حدثت في يوليوز 2001، وأدينت في المغرب في يونيو 2006 بتهمة القتل وحكم عليها بعشرين سنة سجنا. وكانت نعيمة قد اعترفت في البداية بأنها هي من ارتكب جريمة قتل خليل والدتها، إلا أنها أنكرت مسؤوليتها بعد ذلك وقالت إن والدتها هي التي طلبت منها أن تتحمل المسؤولية بدلا عنها، معللة ذلك بأنها، أي الأم، أصبحت في سن لن تحتمل فيه السجن وأنها ستعود من المغرب لكي ترعى طفلي ابنتها نعيمة، لكنها لم تعد من المغرب أبدا. وأضافت نعيمة شقرون أنها في تاريخ ارتكاب الجريمة كانت في سن التاسعة عشرة وكانت قد وضعت لتوها مولودا ذكرا، وأن علاقتها بوالدتها كانت غير منتظمة لأن أمها تركت المنزل وذهبت للعيش مع خليلها. وعن ملابسات الحادث قالت نعيمة أمام قاضي التحقيق إنها جاءت إلى الشقة مكان الجريمة لكي تري طلفها لأمها لكنها وجدتها وقد أقدمت على تنويم الضحية بأقراص منومة وأضافت أن أمها استعانت بها وبخالتها من أجل دفن الضحية. وكان قد تم إطلاق سراح نعيمة شقرون في السابق بعد ستة عشر شهرا من السجن، وهي الآن تستجوب في حالة سراح، حيث يدافع عنها محام يدعى فرانسوا دوبوا. وركز قاضي التحقيق بمحكمة لييج في جلسة الاستماع إلى الشهود أول أمس الثلاثاء على الاستماع إلى مختلف أفراد أسرة نعيمة وأقارب والدتها لمعرفة مدى تورطها في جريمة قتل خليل والدتها فتيحة، فأثناء جولات التحقيق السابقة تضاربت أقوال نعيمة التي اعترفت في إحدى المرات بأنها لم تقتل الضحية بل فقط ساعدت أمها بأن أحكمت إمساك رجليه عندما كانت والدتها تخنقه بالوسادة. وتأسفت لأنها لم تستطع معارضة والدتها قائلة: «لقد كانت أمي متسلطة ولم أكن أستطيع أن أخالفها في أي شيء، وكانت إذا اتخذت قرارا أعرف أن علي تنفيذه لا محالة وإلا فإنها ستعنفني وتضربني، وفي تلك اللحظة خفت على نفسي وعلى طفلي منها». وتبين خلال التحقيق أن المجهول الذي أبلغ عن مكان دفن الجثة ما هو إلا أخ الأم فتيحة الروكي، الذي قال إن أعمال الحفر في المرآب التي استمرت عدة أيام قد تزامنت مع اختفاء خليل فتيحة عن الأنظار، كما أنه لاحظ أن فتيحة تغير دائما موضوع الحديث عندما يذكر اسم محسن خلف الله. في حين قال خال آخر لنعيمة إن فتيحة الروكي لم تخبر أي فرد من العائلة عن قتلها خليلها، بل كانت تقول لهم إن محسن هجرها، وأضاف أنه بعد اكتشاف الجثة بقيت فتيحة متمسكة بأنها بريئة وأن أقاربها نصحوها بأن تبقى في بلجيكا وأن توكل محاميا جيدا إذا كانت فعلا بريئة لكنها أصرت على أن تهرب إلى المغرب واختارت بنفسها السائقين الذين سافرت معهم إلى المغرب. وقد أجمع الشهود الذين أدلوا بشهادتهم في القضية على أن نعيمة شقرون هي إنسانه هادئة الطباع لكنها كانت مطيعة لوالدتها تنفذ كل ما تأمرها به، حتى إن أحدهم قال «لقد كانت مطيعة إلى درجة أن نفذت أمر والدتها بقتل محسن خلف الله». محسن خلف الله الضحية كان قد غادر تونس لأسباب سياسية وترك والديه وأبناءه هناك، أما زوجته فكانت تقيم بشكل منفصل عنه ببلجيكا حين قتله. ومن المحتمل بالنسبة إلى الشهود أن تكون فتيحة، التي اعترفت في المغرب بجريمتها وألقت بالمسؤولية في بلجيكا على ابنتها، قد قتلت خليلها بسبب الغيرة. من جهة أخرى، يفترض أن تكون المحكمة استمعت صباح أمس الأربعاء في لييج إلى إفادة آخر الشهود بالإضافة إلى رأي الخبير النفسي حول شخصية نعيمة شقرون.