قامت سلطات الأمن بمدينة تاوريرت أول أمس الأحد باعتقال طفلين يتراوح عمراهما على التوالي ما بين ست و13 سنة بعد مشاركتهما رفقة آبائهما ومسؤولي إحدى الجمعيات الناشطة في المنطقة في مسيرة سلمية احتجاجا على إغلاق دار الشباب الوحيدة بالمدينة. وظل الطفلان ياسين البغدادي، ست سنوات، وخولة بكاوي، 13 سنة، في مخفر الشرطة لمدة ثلاث ساعات ونصف، انطلاقا من الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد، وهو توقيت انطلاق المسيرة، وإلى غاية الواحدة والنصف، ليتم إخلاء سبيلهما بعد أن أنجزت محاضر لأوليائهما. كما تم اعتقال مصطفى تركري، نائب رئيس جمعية سنابل السلام للطفولة بتاوريرت والمقربة من جماعة العدل والإحسان، وعدد من أولياء التلاميذ، حيث أنجزت محاضر للجميع قبل أن يتم إخلاء سبيلهم. وكان عدد من أولياء وآباء عدد من أطفال مدينة تاوريرت شاركوا في مسيرة سلمية نظمتها جمعية سنابل السلام للطفولة بتاوريرت، وهي جمعية قانونية تمتد صلاحية مكتبها المسير إلى غاية 2010 ، احتجاجا على إغلاق دار الشباب الوحيدة في المدينة، ومنع الجمعية من ممارسة أنشطتها. وفي هذا الإطار، قال مصطفى تركري، نائب رئيس الجمعية، إن «أعضاء الجمعية فوجئوا بمنعهم من قبل السلطات من دخول دار الشباب، بدعوى وجود قرار في الموضوع». ويضيف: «وهو ما دفع أعضاء الجمعية والآباء إلى تنظيم مسيرة احتجاجية انطلقت من مقر دار الشباب متجهة إلى مقر الباشوية، وهي المسيرة التي حاصرتها قوات الأمن وعملت على تفريقها بعنف لم يستثن منه الأطفال». إلى ذلك، أصيب الطفلان ياسين البغدادي وخولة البكاوي، اللذين ظلا محتجزين لدى رجال الأمن لساعات، بأزمة نفسية حادة جراء ما تعرضا له. وقال عبد اللطيف بكاوي، والد الطفلة خولة إنه اعتاد على أخذ بناته الثلاث إلى جمعية سنابل منذ إنشائها قبل سبع سنوات، «لأنها جمعية قانونية». وأضاف أنه فوجئ يوم الأحد الماضي عند أخذه لبناته إلى دار الشباب برجال الأمن يطوقون المكان. وزاد قائلا: «كان مشهدا رهيبا، فقد ضرب رجال الأمن ابنتي هناء إلى أن سال الدم من فمها، فيما حاصر 12 آخرون مدججين بالهراوات ابنتي خولة، فيما كانت هي تصرخ بأعلى صوتها». وعندما لمح عبد اللطيف ابنته محاصرة من قبل تسعة أفراد من رجال الأمن حاول التدخل، إلا أنهم منعوه ومزقوا سترته قبل أن يأخذوه إلى سيارتهم رفقة ابنته التي كادت تجن من كثرة الصراخ. وأكد عبد اللطيف أن أحد رجال الأمن صفع ابنته بقوة في محاولة لإسكاتها، وهو ما جعل أصابعة تظل مرسومة على خدها لساعات، يقول والدها. والدة الطفل ياسين بغدادي، البالغ من العمر ست سنوات لم تستفق بعد من صدمة ما تعرض له ابنها الصغير. وتقول إلهام الورطاسي إن ابنها عضو في جمعية سنابل ويشارك في جميع أنشطتها القانونية. وتضيف بألم «لقد أخذ رجال الأمن زوجي وابني الصغير في سيارتهم قبل أن يلحقوني بهم، وهو ما جعل ابني يعيش ظروفا نفسية صعبة لم يتخلص منها إلى حد الآن، فقد ظل صغيري يصرخ ويرتعد طوال ثلاث ساعات التي قضيناها لدى رجال الأمن، وهو الآن عاجز عن الدراسة ولديه شهادة طبية تثبت معاناته النفسية، خاصة وأن المدرسة التي يدرس بها توجد بالقرب من مديرية الأمن، وهو ما جعله يرفض وبشدة المرور من هناك». وقال نائب رئيس جمعية سنابل السلام للطفولة، إن رجال الأمن نعتوا والدة الطفل ياسين بألفاظ نابية أمام ابنها الصغير، وهو ما أصابه بحالة ذهول لم يتجاوزها إلى حد الآن. وكانت جمعية سنابل السلام للطفولة نظمت يوم تاسع مارس مسيرة أخرى احتجاجا على إغلاق دار الشباب، وهي المسيرة التي شارك فيها حوالي 150 طفلا من مدينة تاوريرت رفقة آبائهم وأمهاتهم. وكرد فعل على ذلك، قامت قوات الأمن بتطويق المسيرة التي اتجهت صوب مقر الباشوية. ويقول بيان صادر عن الجمعية إن «باشا المدينة حضر رفقة رجال الأمن فحاصروا الأطفال في مشهد رهيب، حيث صار الصغار يتدافعون ويركضون في كل الاتجاهات إلى أن تاه بعضهم في دروب المدينة وأزقتها». ويضيف البيان: «وفيما حمل بعض الآباء أبناءهم مهرولين في كل الاتجاهات، توجهت بعض الأمهات نحو مركز الشرطة بحثا عن أبنائهن الذين تاهوا، غير أنهن قوبلن بالإهانة والسب والشتم، مما جعل بعضهن يغمى عليهن».