اتهم بعض ممثلي جمعيات المجتمع المدني بمدينة فكيك قوات الأمن المغربي بالتساهل مع الجارة الجزائر التي يختطف جيشها أبناء المنطقة ويسرق مواشي الرحل بشكل مستمر، على حد قولهم. وهدد هؤلاء بتنظيم مسيرة نحو الحدود المغربية الجزائريةبإقليم فكيك (لخناك) احتجاجا على استمرار احتجاز الجزائر لأربعة شباب من المدينة منذ منتصف الشهر الجاري. وأكد محمد كاكو، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمدينة، أن هذه المسيرة تأتي للتنديد بقيام الجيش الجزائري باعتقال مغاربة من داخل تراب فكيك، ولمطالبة السلطات المغربية بوضع حد لهذه الاستفزازات المتواصلة منذ سنين. وأوضح الناشط الحقوقي أن الجيش المغربي كلما اعتقل جزائريين على الحدود، فإنه يرحلهم سريعا، في الوقت الذي تحتجز فيه السلطات الجزائرية المغاربة مددا طويلة. ومن جهته، اعتبر عمر السعدي، رئيس جمعية إنصاف المتضررين بفكيك، أن المنطقة تعيش دائما توترات مع الجيش الجزائري الذي لا يتوانى عن استفزاز الساكنة باعتقال أبنائها، وبالمقابل فإن السلطات المغربية تتعامل مع هذا الموضوع بنوع من الليونة، على حد تعبيره. وبالمقابل، نفى مسؤولون أمنيون بمدينة فكيك استفزاز الجيش الجزائري لساكنة فكيك، متهمين شباب المدينة باختراق الحدود، وأكدوا في حديثهم ل«المساء» أن ارتباط السكان بأراضي أجدادهم التي استولت عليها الجزائر منذ سنين تدفعهم إلى اجتياز الحدود التي تركها الاستعمار الفرنسي. وفي اتصال هاتفي, قال مسؤول بالسفارة المغربية بالجزائر، فضل عدم الكشف عن هويته، إن المشاكل البسيطة التي تقع على الحدود المغربية الجزائرية تحل محليا على صعيد قنصلية المغرب بسيدي بلعباس، ولا تتدخل السفارة إلا في الحالات «المعقدة والمستعصية والتي تتطلب اتصالا مباشرا بالسلطات الجزائرية بالعاصمة». وأوضح في اتصال مع «المساء» أمس الاثنين، أن آخر مشكل قامت السفارة المغربية بالجزائر بحله يعود إلى منتصف يناير عندما أشرفت على إعادة 185 رأس ماعز في ملكية زاوية أولاد سيدي أحمد الشيخ بعين بني مطهر بإقليم جرادة. وقال المصدر إن القطيع دخل بدون راع واعترضت سبيله السلطات الجزائرية وقامت بحجزه. وتدخلت السفارة على أعلى مستوى من أجل حل المشكل. ومن جانب آخر قال مصدر من القنصلية المغربية بسيدي بلعباس بالجزائر إن «لا علم لهم باحتجاز أربعة مغاربة من طرف السلطات الجزائرية. وإنما اطلعوا على الأمر من خلال الصحافة الجزائرية. وقاموا بمراسلة وكيل الجمهورية بشأن هذه القضية». وأوضح المصدر أن المشكل الأساسي يكمن في عدم وجود حدود واضحة ومرسومة وبالتالي فقد يقع أن يجتاز راع بقطيعه الحدود وفي تلك «الحالة يعتبر الشخص الذي اجتاز الحدود، مهربا ويتم التعامل معه على هذا الأساس. وبمجرد علمها بخبر احتجاز شخص من طرف وكيل الجمهورية الجزائري تتخذ القنصلية الإجراءات اللازمة من اتصالات ومتابعة للملف، كما أنها تراسل السلطات المغربية كل 15 يوما». وحول مصير الشباب الأربعة، أكد مسؤول أمني أنهم لم يحاكموا بعد, وأن السلطات المحلية في اتصال دائم مع نظيرتها الجزائرية حول الموضوع. ومازالت أسر المعتقلين الأربعة تترقب عودتهم بعدما بلغ إلى علمها أن محكمة بشار قضت في حقهم بخمسة آلاف دينار جزائري لكل واحد منهم (600 درهم مغربي) ،غير أن مصدرا من الجزائر أكد ل«المساء» أن الخبر غير مؤكد ومن المرتقب أن تتم محاكمتهم يومه الثلاثاء. ويستقبل منزل المعتقل محمود بن دحو (24 سنة) يوميا أقاربه الذين يواسون عائلته التي تنتظر قدومه رفقة ابن خاله ياسين عبد الحق (25 سنة) الذي تقطن أسرته بالقنيطرة. وبألم وحسرة، تقول فاطمة عبد الحق والدة بن دحو «خرج ابني رفقة ابن خاله بعد تناول وجبة الغداء ، ولم يعد بعدها، ليخبرنا صديق له أنه اعتقل قرب وادي زوزفانة من قبل الجيش الجزائري». وقال عمر شعشاوي خال المعتقل عبد المالك رابح، (23سنة): «ما زلنا لم نتلق أي جواب رسمي من السلطات المغربية حول مصير ابن أختي الذي ذهب رفقة أصدقائه لاصطياد الأسماك»، مشيرا إلى أن « أقارب له بولاية بشاربالجزائر أخبروه باقتراب موعد ترحيله». ومن جهتها، ذكرت خديجة يعقوب أن ابنها عمر بنعلي (24 سنة) «ترك دراجته ومعطفه بالقرب من الوادي وذهب ليصطاد السمك رفقة أصدقائه لنبلغ بعدها بخبر اعتقاله من قبل الجيش الجزائري». وشدد الجيش المغربي المراقبة بالقرب من وادي زوزفانة بعد اعتقال الشباب الأربعة،فأخذ يحذر كل وافد على المكان من الاقتراب من الوادي حتى لا يعتقل من لدن الجزائريين، حسب ما عاينته «المساء» بعين المكان. ومن جهة أخرى، سيسلم المغرب خلال الأيام المقبلة إلى الجزائر سبع بقرات تعود إلى ملكية جزائري، دخلت منطقة بني مطهر التابعة لإقليم جرادة، وفق ما أكده مصدر مطلع. و تعتقل الجزائر مابين 15 و20 مغربيا سنويا على الحدود ينحدرون من ضواحي إقليم فكيك وجرادة، خاصة بجماعة عبو لكحل وبوعنان، إلى جانب قطعان الماشية والبقر، حسب تقديرات مسؤول أمني . وكانت الجزائر قد سلمت 177 من رؤوس الماشية إلى المغرب منذ حوالي أسبوع كما سلم المغرب إلى الجزائر جنديا جزائريا دخل التراب المغربي. يذكر أن مدينة فكيك، التي تبعد عن مدينة وجدة بحوالي 390 كيلومترا، من المراكز الحدودية الأكثر حساسية مع دولة الجزائر.