كشف بحث ميداني أنجزه مجموعة من طلبة ثانوية مولاي إدريس بالدار البيضاء، عن اختلالات بنيوية في المنظومة الكروية أدت إلى تنامي ظاهرة الشغب التي تعرفها ميادين الكرة، وشملت العينة 600 شخص من مرتادي الملاعب تتراوح أعمارهم ما بين 16 و22 سنة. وكان عبد الرحيم غريب المشرف على البحث الميداني قد عرض بثانوية ليون الإفريقي نتائج الاستبيان الذي لامس فئات واسعة من هواة الكرة وزبناء المدرجات، في حلقة نقاش حضرتها فعاليات رياضية وأمنية لها ارتباطات يومية بالملاعب، ومجموعة من الطلبة الذين ساهموا في البحث. وتتراوح المستويات الدراسية للعينة المستجوبة ما بين الثانوي والجامعي، بينما تقطن أغلبيتها بمنطقة أنفا والحي الحسني، وهم في الغالب ينحدرون من أوساط اجتماعية متوسطة الدخل (68 في المائة)، منهم من ينتمي لجمعيات المحبين ولفصائل الإيلترا (79 في المائة) وقلة خارج التأطير الجمعوي (18 في المائة). وخلص البحث إلى أن الجمهور المغربي يعاني من ضعف في التأطير وأن رواد المدرجات يتحولون ينتظمون كلما تعلق الأمر بفعل غير منظم. ومن خصائص العينة التي أثارت اهتمام الحاضرين أن 25 في المائة منها تعترف بأنها تتناول الكحول، و23 في المائة تدخن الحشيش و9 في المائة كل مشتقات المخدرات، بل إن المثير حقا في هذا البوح هو أن 65 في المائة من المستجوبين يؤكدون بأنهم يدخلون للملاعب دون الحاجة لأداء تذاكر، و55 في المائة يقدمون إتاوات قبل ولوج المدرجات. وبدا من خلال البحث أن العينة غير راضية تماما على طرق عمل الجمعيات وفصائل الإيلترا، حيث أن 53 في المائة ترى بأنه بعيدة عن التأطير مقابل 26 في المائة التي تعتقد بأن التأطير حاضر بطريقة أو بأخرى، والأخطر في الأمر أن يكشف البحث عن وجود 32 في المائة من المنتمين للجمعيات ذاتها يعترفون بغياب الهاجس التنظيمي، وأن الخدمات التي تقدم لا ترقى للمستوى المطلوب. وعلى مستوى التنقلات فإن أغلب المستجوبين أكدوا أن سفرياتهم تتم حسب المزاج والإمكانيات، وكشفت المعطيات عن رحلات إلى مختلف أنحاء المغرب وإلى خارج الحدود، مع الاعتراف بغياب الخدمات المرافقة لذلك من إقامة ونقل مريح وتعدية ووسائل التشجيع. وتبين من خلال تفريغ الإجابات أن 42 في المائة من العينة المستجوبة والمنتمين للجمعيات ولفصائل الإيلترا تعتبر المكاتب المسيرة للفرق تخدم مصالحها الذاتية على المصالح العامة، كما اعتبرت أسعار التذاكر مغالى فيها، بل إن البعض اعتبر الزيادة فيها أشبه بالزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية. وطالب البحث بضرورة استغلال سوق السلع بشكل أفضل من خلال ترويج مثمر وواسع للعلامة التجارية للرجاء ومكافحة الاستنساخ بوضع أسعار معقولة للأقمصة وكل البضائع ذات الارتباط بالنادي. وتبين أيضا أن 76 في المائة من المستجوبين يذهبون للملاعب من أجل استهلاك الفرجة مقابل 49 في المائة يصرون على أن يصبح دورهم هو إنتاج الفرجة، بينما يعترف 51 في المائة من الجمهور بتداول ألفاظ عدائية وعنصرية، فيما يتحكم 30 في المائة في سلوكاتهم في الشارع والبيت دون أن يتمكنوا من ذلك على المدرجات، مما يؤكد بأن مكافحة الشغب لايكون في الملعب بل في الأسر والمدرسة وبكل وسائل التنشئة الاجتماعية. وقال 60 في المائة من الشباب المستجوب بأن بيع الشهب الاصطناعية مباح، و75 في المائة أوضح بأنه من السهل إدخال الشهب إلى الملاعب، حيث تبين أن البعض يقوم بتخزينها في المدرجات قبل المباريات بأيام. ورمى أغلب الشباب باللائمة على السلطات والأندية والجامعة وشركات الحراسة التي لم تتوفق في وقف النزيف، حيث رصدت التباين الحاصل على مستوى الاستقبال بين المنصة المغطاة والمكشوفة، وطالبت بإعادة النظر في جغرافية الجماهير في تموقعاتها داخل الملاعب. وللتصدي للظاهرة اقترح 60 في المائة رفع أسعار التذاكر و46 في المائة منع الشهب، كما طالب المستجوبون بإجراءات أخرىمن قبيل نشر البوليس السري وخلق حوافز للجماهير وتقنين دخول القاصرين وغيرها من التدابير التي ظلت حبرا على ورق. وخلص البحث إلى القول بأنه لا فرق بين من يخرب تجهيزات الملاعب وبين مسير يخرب ميزانية النادي أو الجامعة. تبقى الإشارة إلى أن البحث قد أجري قبيل دورة غانا وأن المشرفين عليه قرروا وضعه رهن إشارة كل من يهمه الأمر.