بمعدل يومي يصل إلى أكثر من 360 ألف نسخة، تعتبر صحيفة الغارديان البريطانية، المملوكة من طرف مجموعة الغارديان، إحدى أهم الصحف البريطانية الجادة بعد كل من الديلي تلغراف (880 ألف نسخة) والتايمز ( 630 ألف نسخة). تتميز الغادرين، المحسوبة على اليسار، بحجمها «البلرينر» الذي يشبه حجم صحيفة لوموند الفرنسية، وبكونها الصحيفة البريطانية الوحيدة، إلى جانب الديلي ميل، التي تطبع جميع صفحاتها بألوان الطيف، وبتوفرها على عدد من كتاب الرأي الأكثر مقروئية وبنشرها لروبورتاجات مترجمة لكل من الواشنطن بوسط الأمريكية ولوموند الفرنسية. تعتبر صحيفة الغارديان، صحيفة النخبة التي يقرؤها الأساتذة والنقابيون، خاصة في العاصمة لندن، إلى درجة أن المحافظين عندما يريدون وصف أحدهم بأنه «مثقف يساري» يقولون إنه «قارئ للغارديان». وأظهر استطلاع للرأي أنجز سنة 2004 لمعرفة نوعية قراء الجريدة، 44 في المائة من القراء هم ناخبو الحزب العمالي، 37 في المائة من ناخبي الحزب اللبرالي الديمقراطي و5 في المائة فقط من المحافظين. أسست صحيفة الغارديان سنة 1821، بمدينة مانشستر من طرف مجموعة من رجال الأعمال على رأسهم جون إدواردز تايلور. من أشهر رؤساء تحرير الصحيفة التي كان اسمها آنذاك « مانشستر غارديان»، والذي جعل الغارديان من أبرز الصحف الوطنية، سي بي سكوت الذي قاد الصحيفة لمدة 57 سنة منذ سنة 1872، إلى أن اشتراها من مالكها ابن تايلور سنة 1907، محولا إياها من صحيفة معتدلة إلى صحيفة متطرفة في خط تحريرها. وقد لعبت الصداقة التي جمعت بين سكوت وخاييم ويزمان دورا في خروج وعد بلفور إلى الوجود، وقد كانت الغارديان من بين المساندين لقيام دولة إسرائيل في 1948. في يونيو 1936، أصبحت ملكية الصحيفة بين يدي سكوت تراست، وقد أعاد هذا الانتقال الصحيفة إلى خط تحريرها المعتدل وكان وراء استقلاليتها وميلها إلى جهة اليسار. عندما قتل الثلاثة عشر شخصا من متظاهري الحقوق المدنية في الثلاثين من يناير 1972 بإيرلندا الشمالية والذي بات يعرف ب»الأحد الدموي»، ألقت الغارديان، التي غيرت اسمها سنة 1959، باللوم على المتظاهرين وعلى منظمي التظاهرة السلمية، حيث اعتبرتهم المسؤولين عن المجزرة التي وقعت وليس الجيش البريطاني الذي تدخل بقوة وأطلق الرصاص الحي عليهم. غالبا ما تنفرد صحيفة الغارديان بتحقيقات أو أخبار أو تقارير سرية، كما حصل مؤخرا عندما كشفت الصحيفة البريطانية عن وثيقة سرية تثبت تستر الحكومة البريطانية على أنشطة إسرائيل النووية لتسيير الحرب على العراق. فقد انفردت الغارديان بالكشف عن مضمون الوثيقة التي تشير إلى رفع اسم «إسرائيل» من ملف أسلحة الدمار الشامل الذي استخدمته حكومة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كذريعة لمشاركتها في إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003. كما تظهر الوثيقة كيف أن وزارة الخارجية البريطانية منعت تضمين الملف أي ذكر أو إشارة إلى القلق بشأن ترسانة «إسرائيل» النووية. تقول الغارديان إن الوثيقة التي اطلعت عليها الصحيفة «تفضح للمرة الأولى المدى الكامل الذي بلغه قلق الحكومة بشأن وضع العلاقات البريطانية - الإسرائيلية». ويضيف التحقيق أن الوثيقة تظهر كيف أن الخارجية البريطانية «قاتلت بنجاح» لإبقاء اسم إسرائيل الذي كُتب بخط اليد على هامش المسودة الأولى لملف أسلحة الدمار الشامل العراقية المثير للجدل طي الكتمان عند رفع القضية أمام محكمة المعلومات، التي تنظر في القضايا المتعلقة بقانون حرية المعلومات في البلاد.