شهدت منطقة عين بنجليق، التابعة إداريا لسيدي حرازم بفاس، عمليات هدم واسعة لمحلات حرفيين في الفخار والطين. هؤلاء يتهمون ثلاثة قياد من المنطقة ومعهم رجال القوات المساعدة بالوقوف وراء هذا الهدم، ويذهبون إلى أنهم فوجئوا بهذا التدخل، ولم يكونوا على علم به، وأنهم لم يتلقوا بعد العملية أدنى تبريرات لخطوة السلطات المحلية. كل ما يعرفونه هو أن التدخل أسفر عن هدم «محلات» عبارة عن براريك يزاولون فيها حرفهم، ونتج عنه كذلك إحراق بعض «المحلات». فقد ترتب عن هذا التدخل، حسب هؤلاء، انفجار قنينة غاز، فيما تعرضت بعض أمتعتهم وآلياتهم للإتلاف. أحمد القصيصر هدم محله وفجرت قنينة غاز في «براكته». معاق حرفي بدوره هدم محله واضطر، طبقا لما يقول، إلى جمع المساعدات من الحرفيين الآخرين لإعادة بناء براكته. هذا الأخير يشير إلى أنه يعيل أسرة كبيرة ويشغل أربعة حرفيين. ويضيف أن هذا الهدم يراد من ورائه تشريد كل هذه الأسر ورمي أفرادها إلى الإجرام. «لقد قطعت أرجلنا من قبل أباطرة الصناعة التقليدية، وهؤلاء أرادوا قطع أرزاقنا». أما حميد الوافي، وهو من أقدم الحرفيين بهذا الفضاء، فقد تعرض محله بدوره للهدم، ولم يجد إلى حد الآن، حسب ما يقوله، الإمكانيات ليعيد بناءها. ويشير إلى أنه يتوفر على وثائق تثبت أنه يعمل في هذا المحل منذ ما يقارب 16 سنة، لكن السلطات التي هدمت هذه البراريك أخذت منه أصول هذه الوثائق. وبالرغم من أنه قصد أكثر من مرة مقر قائد المنطقة لاسترجاعها، فإنه لم يتمكن من ذلك، حيث ظل طلبه يواجه في كل مرة بالرفض، قبل أن يُعمد إلى هذا المقر. ويظهر أن السلطة المحلية ترمي من خلال هذا التصرف فرض ضرورة إخلاء الحرفيين لمواقعهم الحالية وانتقالهم إلى المنطقة الجديدة المخصصة لذلك، والتي توجد في طريق سيدي احرازم، وذلك باستعمال القوة. وهذا ما يرفضه هؤلاء الحرفيون الذين يتمسكون بالحوار ويطالبون بإيجاد تسوية للمشاكل المطروحة. أما من حيث المبدأ، فهم يرحبون بفكرة الانتقال إلى فضاء مجهز وأكثر أمنا وسلامة وأحسن من حيث ظروف الاشتغال. الحرفيون الذين يعملون في هذه المحلات، التي يناهز عددها 176 محلا، يذهبون إلى أن الإحصاء الذي اعتمد في سنة 2005 شابته خروقات ولم يشمل جميع المحلات. ويطالبون تبعا لذلك بإعادة النظر في لائحة المستفيدين من التحويل لكي تشمل جميع المحلات. ويضيف هؤلاء أن المبالغ المفروض أداؤها للحصول على البقع في الفضاء المقترح من قبل السلطات باهظة، ولا يمكن لأغلبهم أن يؤديها. ويتمسكون بضرورة إعادة تكييف المبالغ مع أوضاعهم الاجتماعية. ويفيد أحدهم بأنه تم إقصاء ما يقارب 30 مستفيدا نتيجة عدم قدرتهم على أداء المبالغ المقترحة. ومن جهة أخرى، يرى هؤلاء الحرفيون أن التحويل يجب كذلك أن يشمل من يسمونهم بأباطرة الحرف التقليدية بفاس، وأن تمنح لهم الأولوية في الأداء لأنهم يمتلكون الإمكانيات لدفع المبالغ المطلوبة، على أن يخفف العبء على هؤلاء الصغار.ويستغرب الحرفيون تدخل السلطة لهدم هذه «البراريك» التي تشغل كل واحدة منها ما لا يقل عن أربعة حرفيين، جلهم يعيلون أسرهم. ويقول بعض هؤلاء إنهم يتوفرون على رخص لهذه المحلات بهذه المنطقة، وذلك من قبل المجلس الجماعي ومندوبية غرفة الصناعة التقليدية وغرف الصناعة التقليدية ورئيس التعاونية الصناعية لمعلمي الفخار بفاس. ومنهم من قضى ما يناهز 16 سنة وهو يشتغل في «محله» في هذا الفضاء. وبالرغم من أنهم رفعوا شكايات إلى الوالي محمد غرابي في أمر هذا الاعتداء، فإنهم لم يتلقوا بعد أي رد. كما وضعوا شكاية لدى الجمعية المغربية لحقوق الانسان، لكنها لم تزر بعد هؤلاء للنظر في وضعهم والاستماع إلى شهاداتهم، سواء في ما يتعلق بتنقيلهم أو في ما يرتبط بالتدخل لهدم بعض محلاتهم. وعلم منهم بأن لا أحد من الأحزاب السياسية زارهم للاطلاع على أوضاعهم، باستثناء حزب العدالة والتنمية الذي يتابع ملفهم ويسعى إلى إيجاد حل له. أموال بالملايير وكانت فاس قد شهدت، مراسيم تقديم وتوقيع برنامج التنمية الجهوية للصناعة التقليدية بجهة فاس-بولمان لفترة (2007-2011). وتصل الميزانية الإجمالية لتحقيق المشاريع المنصوص عليها في هذا المخطط إلى 134 مليار سنتيم، حيث التزمت الدولة بتوفير ما قدره 40 مليار سنتيم، فيما التزمت الجماعات المحلية لجهة فاس بولمان ب5 ملايير سنتيم، ومنظمة تحدي الألفية في إطار برنامج التعاون المغربي-الأمريكي ب54.7 مليار سنتيم، وصندوق الحد من التلوث (فوديب) ب800 مليون سنتيم، فيما حددت مساهمة المستثمرين الخواص في 4.9 ملايير سنتيم والصناع المستفيدين في 28 مليار سنتيم. ومن ضمن مكونات البرنامج المذكور، الحي الصناعي الجديد المندمج لمعلمي الفخار ببنجليق الهادف إلى ترحيل وحدات الفخار والزليج، وذلك بغية إحداث قرية مندمجة ببنجليق لفائدة 80 معلماً حرفياً يشغلون أزيد من 3000 يد عاملة ومتمرسة، من أجل إبعاد آثار التلوث البيئي الناتج عن إفرازات المواد المستعملة في «طهو» الفخار والزليج، وكذا لتوسيع معامل الإنتاج وتطوير الحرفة. وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 5.2 ملايير سنتيم. وقد ساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية في البنية التحتية للمشروع. أباطرة في القطاع مبالغ مالية ضخمة خصصت للنهوض بالصناعة التقليدية بفاس، لكن وضعية الحرفيين بهذه المدينة، التي تقدم على أنها عاصمة الحرف التقليدية بالمغرب، تظهر أنهم في معاناة يومية من أجل كسب لقمة العيش وإعالة الأسرة. مشروع تأهيل هذه الصناعة دخلت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبدأت المشاريع والإنجازات، فيما الصناع التقليديون يجهلون كل شيء عن هذه المشاريع وظروف إنجازها وقيمتها بالنسبة إلى أوضاعهم. أغلب الصناع التقليديين في فاس يشيرون إلى أن نسبة كبيرة من هذه الإنجازات لن تعود بالفضل إلا على من يسمونهم بأباطرة القطاع، وهم يعرفونهم بالأسماء، ويعرفون كل التفاصيل الدقيقة عن أوضاعهم. ويقولون إن هؤلاء لا علاقة لهم بالصناعة التقليدية سوى علاقة «مول الشكارة». الأباطرة عادة ما يلجؤون إلى خدمات الحرفيين، لكن دون أن يضمنوا لهم الحماية القانونية ودون أن يعترفوا بخدماتهم. وعندما تتدهور صحتهم يرمى بهم في الشارع. الحرفيون يمكنهم أن يسردوا قصصا من الواقع عن فقراء الحرفيين الذين رمي بهم وهم في عمر متقدم في الشارع من قبل هؤلاء الأباطرة، وفرض عليهم تسول قوت العائلة بعدما لفظتهم معامل الأباطرة في غياب الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية. بعض هؤلاء الفقراء تعرضوا للإعاقة بعدما قطعت أرجلهم بسبب البرودة في ظل غياب أدنى التجهيزات والمكيفات للحفاظ على صحتهم فطردوا من العمل دون أدنى تردد. ويشير الحرفيون إلى أن معامل الأباطرة توجد في «عين النقبي» بفاس.