أجهزت مقالع للصناعة التقليدية في أحواز فاس عما يقرب من 22 عاملا منذ بدء الأشغال بها إلى الآن. ونقل أحد المصابين على إثر انهيار بأحد هذه المقالع التي توجد بمنطقة بنجليق التابعة للنفوذ الترابي لجماعة سيدي حرازم بإقليم مولاي يعقوب إلى مصحة خاصة، يوم السبت الماضي، لتلقي العلاجات الضرورية بعدما أصيب بكسور على مستوى رجليه. ولم تسجل هذه الحادثة في أي محضر من محاضر الدرك، واكتفى صاحب المقلع التقليدي الذي تعرض للانهيار بنقل عامله على متن سيارة خاصة إلى إحدى المصحات بمركز مدينة فاس وتولى علاجه على نفقته الخاصة. وقال أحد الحرفيين بهذه المنطقة إنه من المستبعد أن يسترجع العامل المصاب لياقته الجسدية بعد هذا الحادث الذي نجم عنه اختفاء شاحنة مخصصة لنقل المواد الخام وسط أكوام الأتربة المنهارة. وشهدت بداية الأسبوع الماضي حادث انهيار بمقلع آخر أدى إلى إصابة عامل نقل بدوره على متن سيارة صاحب المقلع إلى مصحة خاصة أخرى بمركز المدينة، دون أن تسجل أي جهة من الجهات المكلفة بتنظيم المقالع ومراقبتها أي حادث من هذا النوع، وأجريت لهذا العامل عملية جراحية كلفت صاحب الورشة ما يقرب من 4 ملايين سنتيم. وتعد هذه المقالع التي تسيطر عليها «لوبيات» الصناعة التقليدية بفاس من أهم المقالع التي تستخرج منها المواد الأولية لصناعة «الزليج». وتتحدث الجمعية الفاسية للزليج والفخار عن فوضى عارمة لاستغلال هذه المقالع. ويقول رئيسها عبد الإله القونتي، إن هذا الاستغلال لا يستند على أي رخص قانونية ولا يستجيب لأي معايير صحية. وتتبع بعض الأراضي التي تستغل فيها هذه المقالع لما يعرف بأراضي الأحباس، كما أن بعضها يتبع للخواص. وتغيب معايير السلامة عن هذه الكهوف، وأغلب مداخلها مهدد بالانهيار. ويعمد أصحاب هذه المقالع، بعد كل حادث، إلى التدخل بالمال لإرضاء عائلة المصاب، ويتفادون بذلك أي مشاكل مع القضاء فيما يواصلون جني الملايين من السنتيمات يوميا بمقالعهم دون أي يؤدوا أي ضريبة للدولة، ودون أن يصرحوا بأي عامل، ولا تكتفي «لوبيات» هذه المقالع بتزويد السوق المحلية للصناعة التقليدية بالمواد الأولية، بل يعمد أصحابها إلى تصديرها إلى عدد من المدن المغربية المعروفة بصناعتها المحلية أبرزها مراكش. وبجانب هذه المقالع تتنامى أحياء صفيحية للصناع التقليديين الذين لفظتهم معامل «لوبيات» الصناعة التقليدية المحلية. وبالرغم من محاولات للسيطرة على تنامي هذه البراريك عبر هدمها في السنة الماضية، إلى أنها سرعان ما تعود وتتوسع المساحات التي تقوم عليها وعمدت السلطات إلى إعداد مشروع لتجميع هؤلاء الحرفيين غير بعيد عن هذه الكهوف، إلا أن أغلبيتهم لم يتمكنوا، بسبب ضيق ذات اليد، من أداء الأقساط الضرورية للاستفادة، ما أدى إلى إقصائهم وفتح المجال أمام اللوبيات المسيطرة ذاتها للاستفادة عوضهم.