الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    "البيجيدي": دعم استيراد الأبقار والأغنام كلف الميزانية العامة 13 مليار درهم دون أي أثر يذكر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    "الأحرار" يثمنون قرار مجلس الأمن    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    بينهم مغربيين.. الشروع في محاكمة المتورطين في قطع رأس أستاذ فرنسي    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة        القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    مندوبية التخطيط : ارتفاع معدل البطالة في المغرب    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    لهذه الأسباب.. الوداد يتقدم بطلب رسمي لتغيير موعد مباراته ضد اتحاد طنجة        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدريد.. مدينة لكل اللغات والأجناس والألوان
نشر في المساء يوم 20 - 02 - 2008

توصف مدريد بأنها مدينة من مائة لون. إنها مدينة لكل الأجناس واللغات والألوان. ففي الوقت الذي تعتبر فيه هذه المدينة قلب إسبانيا النابض سياسيا واقتصاديا، تعطي حاراتها ومناطقها المختلفة انطباعا غريبا بكون هذه المدينة تشكل لوحدها قارة حقيقية. فبين جنباتها يجتمع المغربي بالباكستاني بالكولومبي بالصيني بالروسي بالإفريقي... إنها مدينة مدهشة في فسيفسائها الاجتماعية الغريبة، وهي في الوقت نفسه مدينة أليفة جدا.
الأكثر إسبانية
الخروج من منطقة وولوج أخرى في مدريد يشبه الخروج من بلد وولوج آخر. فالاختلاف بيّن بين مناطقها إلى درجة الإبهار، ومعمارها يتفاوت في تفاصيله بين منطقة وأخرى. إنها المدينة الباذخة والصاخبة والمختالة والنرجسية، وهي أيضا المدينة المتواضعة والهادئة والمرحبة بالجميع.
المدريديون، يفخرون بكونهم عمق إسبانيا وأن منطقتهم تنصهر فيها كل القوميات الإيبيرية. وينظر سكان مدريد إلى القصر الملكي، المحاط بحدائق باذخة، كونه لا يمثل فقط رمزا للملكية في البلاد، بل أيضا رمزا لانصهار الجميع في ظل الثقافة القشتالية في إطار من احترام الثقافات المحلية، وهذا ما يدفع المدريديين إلى اعتبار أنفسهم الأكثر إسبانية من بين جميع سكان إسبانيا. ففي الوقت الذي يفخر فيه سكان مدينة برشلونة ونواحيها بأصولهم الكاتلانية، وسكان لاكورونيا وفيغو بأصولهم الغاليسية، وسكان بلباو وفيسكايا بأصولهم الباسكية، إضافة إلى مناطق أخرى كثيرة، إلا أن المدريديين يعتبرون أنفسهم الأبناء الأقحاح للثقافة الإسبانية القشتالية.
الأفضل والأجمل
مدريد ليست فقط رمزا لوحدة البلاد، في ظل ذلك التنوع الثقافي والإثني الذي يصيب إسبانيا بالخوف أحيانا من خطر الانقسام، بل إن هذه المدينة تمثل أيضا رمزا من رموز الجمال والتحضر. لذلك فإن المدينة تصر دائما على أن تقدم نفسها لغيرها وكأنها الأفضل والأجمل.
الذين يزورون مدريد سيجدون أنفسهم، حتى من دون أن يدروا، وهم في قلب منطقة «بويرتا ديل صول»، أو «باب الشمس». فهذه المنطقة تشبه المغناطيس الذي يجذب إليه كل زوار المدينة. وإذا كانت كل الطرق تؤدي إلى روما، فإن كل الرياح في مدريد تؤدي إلى ديل صول، التي تضم بين جنباتها كل شيء تقريبا، المتاجر والمقاهي والمطاعم والحدائق والمعارض والشوارع الفسيحة والأزقة الضيقة وروائح الشرق والغرب وتماثيل الشخصيات الإسبانية الأكثر شهرة، بما فيها تمثال دون كيخوتي، صانع ملحمة الخيال في الرواية الإسبانية الحديثة، الذي يقف فيها تمثال هذه الشخصية رافعا رمحه في الهواء وقربه تمثال خادمه إيل بانتشو الذي لا يقل عنه بلاهة.
غير بعيد عن هذه المنطقة، يوجد واحد من الأحياء الأكثر شهرة في مدريد وهو حي تطوان، الذي استمد اسمه من الزقاق الذي يحمل اسم هذه المدينة المغربية. ولم يسمّ الإسبان واحدا من أشهر أحيائهم باسم تطوان تيمنا بهذا الاسم أو حبا في المدينة، بل فقط تيمنا بالانتصار الذي حققوه على المغاربة في معركة تطوان أواخر القرن التاسع عشر، وكأنهم تفاءلوا بهذه المدينة إلى حد أنهم جعلوها عاصمة للحماية الإسبانية على شمال المغرب.
الغرابة والبؤس والغنى
حي لافابييس في مدريد لا يمكن أن يتوه عنه أحد. إنه الحي الذي يلقبه البعض بحي الفقراء أو حي المهاجرين، وأحيانا يلقبونه حي المبدعين، وفي أحيان أخرى يسمونه حي المتناقضات الصارخة.
أغلب المهاجرين في مدريد يتجمعون في هذا الحي، وفيه تظهر المتناقضات الصارخة للعاصمة الإسبانية، وفيه يجتمع فقراء المدينة ومهاجروها ومبدعوها ومنحرفوها ولصوصها وشرفاؤها.
لافابييس يشبه أحد أحياء أمريكا اللاتينية أو أحد الأحياء الصينية أو أحد الأحياء المغربية. إنه يشبه كل شيء، وهو في العمق لا يشبه إلا نفسه.
في زوايا هذا الحي، الذي غادره كثير من الإسبان بعد «هجمة» المهاجرين، توجد مطاعم ومتاجر صينية ومغربية وباكستانية وجزائرية وإفريقية ومكسيكية وكولومبية وبوليفية ورومانية وبولونية.
عاش حي لافابييس لسنوات طويلة في ظل نسيان مزمن وكأنه حي مهجور، وهجره الكثير من سكانه الإسبان الذين توجهوا إلى السكن نحو مناطق أخرى في مدريد، خصوصا بعد تحسن أحوالهم المادية بعد الازدهار الاقتصادي الذي عاشته إسبانيا بعد الانتقال من مرحلة دكتاتورية الجنرال فرانكو إلى مرحلة الديمقراطية.
هكذا بدأت ملامح هذا الحي تتغير منذ أوائل عقد الثمانينيات وإلى اليوم. لقد أصبح حيا يمثل قوس قزح بألوانه وأجناسه. هكذا أصبح بالإمكان أكل طبق من الكسكس في أي مطعم مغربي في هذا الحي، أو تناول وجبة صينية أو باكستانية أو هندية أو سنغالية أو مكسيكية.
هناك أماكن أخرى في إسبانيا تحمل الكثير من علامات التفرد، ويحس زائرها بأنه أمام عالم مختلف. ساحة إسبانيا واحدة من هذه الأماكن، والدخول إليها يتم عبر عدة أبواب لأنها عبارة عن ساحة كبيرة محاطة ببنايات كثيرة يغلب عليها اللون الأحمر وكأنها ساحة مغلقة.
في هذه الساحة يتجمع الرسامون الموهوبون الذين ينقلون تفاصيل الوجوه على أوراقهم الصقيلة بكثير من الدقة والإبداع مقابل بضع ورقات من الأورو. وهناك الموسيقيون الذين يعزفون أشجى الألحان بقيثاراتهم الإسبانية الأصيلة، وهناك الغجريات اللواتي يقرأن الكف ويرددن نفس العبارات الغامضة. وهناك راقصات الفلامنغو اللواتي يتحركن مثل سنبلة يهزها الريح، وهن يضعن أمامهن قبعة يضع فيها المعجبون قطعا نقدية، وهناك باعة التحف الذين يتفاصلون في الأسعار كأنهم تجار من العالم الثالث.
متع بلا حدود
حدائق مدريد وساحاتها وملاعبها ومناطقها الخضراء متعة حقيقية. حديقة «إيل ريتيرو» أفضل حدائق مدريد على الإطلاق. إنها غابة أليفة ممتدة الأطراف لا تكاد تكون لها نهاية. في أحد أطرافها بحيرة كبيرة بزوارق خفيفة، وفي أعماقها الكثير من الأسماك لا يصطادها أحد، وعلى جانبها قصر من زجاج يسر الناظرين.
في مدريد الكثير من الساحات وأشهرها ساحة «سيبيليس» التي تشهد في كثير من الأحيان احتفالات صاخبة عندما يفوز فريق المدينة الأول ريال مدريد بأحد الألقاب المحلية أو القارية.
ريال مدريد ليس مجرد فريق لكرة القدم. إنه معلمة سياحية وتجارية واقتصادية كبرى في المدينة.
عندما يجري فريق ريال مدريد إحدى مبارياته في ملعب بيرنابيو، فإن الجمهور يختلط بالسياح من كل مكان. هناك اليابانيون الذين يعشقون كثيرا هذا الفريق والذين يتحولون إلى زبائن رئيسيين لشباك التذاكر. وهناك أناس من كل القارات الذين يزورون هذا الملعب في أي وقت. حتى الحصص التدريبية لفريق ريال مدريد تتحول إلى مزار سياحي. إنه الفريق الذي يبيض ذهبا.
في مدريد سوق متميز يقام كل أحد في منطقة «راسترو». إنه السوق الذي يمكن العثور فيه على كل شيء، بدءا بالتحف ومرورا بالملابس وانتهاء بالدراجات.
أغلب تجار «راسترو» من المهاجرين الأجانب الذين ينصبون خيامهم الأنيقة على طول عدد من الشوارع، في ظل نظام صارم يؤطره أفراد الأمن الذين يجعلون من هذا السوق الشعبي نموذجا رائعا لما يمكن أن تكون عليه الأسواق الرخيصة.
أغلب المهاجرين في مدريد يقصدون هذا السوق كل أحد، ليس فقط لأنه يضم بضائع رخيصة وفي المتناول، بل أيضا لأن أغلب التجار فيه مهاجرون أيضا، وهذا يسمح، إلى حد كبير، بإمكانية التواصل اللغوي بين البائع والمشتري. أغلب المهاجرين المغاربة في مدريد يبحثون عن تجار مغاربة، والباكستانيون والهنود والسنغاليون يبحثون أيضا عن مواطنيهم من أجل تواصل أفضل. أما الإسبان فإنهم لا يبحثون سوى عن بضائع ثمينة بأسعار رخيصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.