يقوم الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، منذ أول أمس الاثنين بزيارة رسمية تستمر يومين بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تتمحور أشغالها، حسب ما أعلن عنه الكرملين، في تسوية الخلافات القائمة بين البلدين وإعادة التوقيع على الصفقة العسكرية التي ألغيت بقرار من الرئيس الجزائري وبتوصية من خبراء أركان الحرب العامة للجيش الشعبي الجزائري. هذا، ولم تشهد علاقات الجزائروموسكو منذ أيام الحرب الباردة أية أزمة سياسية وعسكرية بأبعاد دبلوماسية وصلت حدتها إلى درجة تنقل الرئيس الجزائري شخصيا، بدعوة من نظيره الروسي، لاحتواء الخلاف والبحث عن سبل محاصرة قرار الجزائر بإلغاء صفقة عسكرية بقيمة 7 مليارات دولار نظير شراء الجزائر 23 طائرة حربية من طراز «ميغ 29». واستنادا إلى تقارير الصحف الجزائرية، فإن أزمة طائرات «ميغ 29» الروسية، التي اشترتها الجزائر في الفترة الممتدة بين سنتي 2006 و2007، تعود إلى اكتشاف السلطات العسكرية الجزائرية لما سمته ب«حالات غش» في عدد من الطائرات الروسية، كانت الجزائر اقتنتها على أساس أنها حديثة ولم يسبق لها أن دخلت مجال الخدمة، خلافاً لما ينص عليه العقد الذي أبرم قبل عامين، مما أثار غضب السلطات الجزائرية التي ألغت هذه الصفقة المقدرة بسبعة مليارات دولار. وكان بوتفليقة، الذي ظهر في حالة متقدمة من المرض خلال مراسيم استقباله، قد حمل إلى موسكو جملة من المبررات القوية لقرار الجزائر إلغاء الصفقة العسكرية التي تسببت في خسارة للمصنّع الروسي قدرها مليار دولار، لكن موسكو استطاعت تعويضها بصفقة إنجاز «ترامواي» في الجزائر العاصمة فازت بها شركة «راشيا رايوايز»، وهي شركة مختلطة جزائرية-روسية. وفي غضون ذلك، تأكد، من خلال مباحثات بوتفليقة وبوتين، أن موسكو اقترحت استبدال هذه الطائرات بطائرات أخرى أكثر تطوراً وأغلى سعراً من طراز «ميغ 29»، في وقت علقت فيه صحيفة «كومرسانت» الروسية على هذا الحادث بكونها «المرة الأولى في تاريخ التعاون العسكري الروسي يعيد بلد أجنبي إلى موسكو معدات». هذا، وتسود شكوك كبرى لدى الخبراء الروس من كون إلغاء صفقة «ميغ 29» قد يعود إلى ضغوط فرنسية على الجزائر بغرض بيعها مقاتلات «رافال» الحربية، حيث صرح في هذا الشأن روسلان بوخوف، مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا، لوكالة الأنباء الفرنسية بأن «مشكلة مقاتلات ميغ لم تظهر سوى قبل ستة أشهر، وحتى ذلك التاريخ كانت الجزائر من الدول الأكثر وفاء للمعدات العسكرية الروسية»، مضيفا أنه «من الواضح أن هذا التغير ليس بسبب نوعية المعدات العسكرية بل بسبب الوضع السياسي في الجزائر وسياسة فرنسا في هذا البلد»، على حد تعبيره.