كانت مظاهر الغضب بادية على عدد من الصيادين المهنيين القادمين من آسفي والقنيطرة والعرائش وغيرها وهم يدخلون أمس إلى قاعة الاجتماعات الكبرى بالطابق الرابع لمقر وزارة الصيد البحري، مكان انعقاد اجتماع مغلق بين الوزارة ومهنيي قطاع الصيد الساحلي، من أجل إحداث لجن مشتركة تفعيلا لمضامين اتفاق 11 فبراير بين الطرفين الذي أعاد اليوم مراكب الصيد إلى البحر. قبل انطلاق موعد اللقاء المحدد في العاشرة صباحا، توزع «ملوك البحر» في شكل مجموعات، كل فريق يتدارس في الكواليس ما سيطرحه في هذا الاجتماع الذي كان جدول أعماله محسوما سلفا. لكن المشكل هو أن اتفاق توحيد سعر اقتناء المحروقات كما جرى التنصيص عليه في بيان مشترك بين الوزارة والمهنيين لم يحترم بعدد من الموانئ. تدق الساعة العاشرة، فيحيط «ملوك البحر» بطاولة الاجتماع كما يحيط الأكلة بقصعة الطعام، الكل يتدافع من أجل حجز مقعد مقرب من صناع القرار. يمسك الكاتب العام لوزارة الصيد، محمد الترميدي، بالميكروفون، يقول:«باسم الله، نبداو آ الإخوان»، وبينما انطلق في إحاطة الحضور علما بخلاصات الاجتماع السابق، انبرى رئيس نقابة الصيد الساحلي السوسي، محمد إومول، إلى المطالبة بتأجيل انطلاقة اللقاء إلى حين وصول وفد الدارالبيضاء. بين وصول وفد البيضاء واستئناف الاجتماع، كانت الهواتف النقالة لا تتوقف عن الرنين بين من ينقل أسماء الحضور إلى جهات مجهولة وبين من يسأل عن سعر الكازوال بالموانئ التابع لها وبين من يطالب بالاتفاق حول خطة محمد إومول. تحت أضواء مصابيح قاعة الاجتماعات، المشتعلة في يوم مشمس، انطلق هذا الاجتماع الذي كاد ينسف قبل أن ينفذ إلى معالجة النقط المطروحة في جدول الأعمال. والمثير أن الوزير الوصي، عزيز أخنوش، غاب عن اللقاء في حين حضر أحد فروع شركاته، والأمر هنا يخص شركة إفريقيا غاز التي اتهمها المهنيون بالتمرد على اتفاق يحمل توقيع مديرها العام بصفته وزيرا للصيد البحري يقضي بتحديد 5.000 درهم للطن من الكازوال الخاص بالصيد الساحلي. فبينما كان «المتحدث» باسم وفد البيضاء يقدم تصورا حول آليات تغلب الوزارة والمهنيين على سوق المحروقات المتقلب في حالة ما إذا بلغ سعر البرميل الواحد في السوق العالمي 200 دولار، انطلق الهرج والمرج بين المهنيين، فانتفض المتحدث باسم وفد الدارالبيضاء بشكل هستيري في وجه الحضور الذين وصفهم ب«الجهلة» وهو يقسم بأغلظ الايمان بالعودة من حيث أتى. واحتج كثير من المهنيين على شركة إفريقيا غاز التي لم تلتزم بالاتفاق، وكاد هذا الاحتجاج يعصف باللقاء لولا تدخل الكاتب العام للوزارة ليرد على مهاجمي شركة أخنوش بالقول إنه يتوفر على «ورقة رسمية تؤكد التزام شركة إفريقيا غاز باتفاق الوزارة مع شركات المحروقات». واشتكى أحد الصيادين من تنصل مديرية الضرائب بالأقاليم من إعفاء البحارة من ضريبة TVA المفروضة على الكازوال». وأعادت هذه المداخلة الاجتماع إلى نقطة البداية، ولم يجد الكاتب العام سوى القول بأن هناك أمورا لا يمكن الإفصاح عنها». سيطر الصمت على قاعة الاجتماع. وكان الكل ينتظر رد الكاتب العام، الذي قال: «إننا لا يمكن أن نطلب من مناديب الوزارة خرق القانون». وأضاف أن الوزارة راسلت مديرية الضرائب لإلغاء ضريبة القيمة المضافة المفروضة على الكازوال الخاص بمراكب الصيد لإنهاء المشكل». لم تقتنع غالبية المهنيين بتبرير المسؤول، وردد عدد منهم أن القانون لا يمكن أن يلغى إلا بقانون، وأن الأمر لا يحسم فيه مندوب وزارة الصيد ولا مدير جهوي للضرائب بقدرما يحسم فيه بند تشريعي صادر في القانون المالي.