عادت أسعار السمك إلى الارتفاع مجددا في الأسواق بعد أن قرر مهنيو الصيد الساحلي الدخول في عملية «توقف اضطراري» عن العمل منذ يوم الخميس الماضي، احتجاجا على ارتفاع تكاليف الغازوال المهني وعدم وفاء الوزارة الوصية بالتزامات المتضمنة في بلاغ مشترك وقع بين الطرفين عقب إضراب سابق دام22 يوما. وصباح أمس الاثنين، بيع بميناء الدارالبيضاء الكيلوغرام الواحد من السردين بسعر 15 درهما داخل المرسى وب20 درهما في أسواق الأحياء الشعبية، بينما وصل ثمن الكيلوغرام الواحد من «الميرلان» إلى 40 درهما داخل الميناء و50 درهما في الأسواق. كما كان لهذا «التوقف الاضطراري» في أثره على المستهلكين، ووصف تاجر سمك بالسوق المركزي بشارع محمد الخامس في الدارالبيضاء قرار الإضراب بأنه غير مُبرر، مشيرا إلى أن أسعار كميات الأسماك الضئيلة المتاحة حاليا ستتضاعف خلال الأيام المقبلة ما لم تخرج المراكب للصيد مجددا، ومضيفا أن العديد من زبائنه تعذر عليهم اقتناء الأسماك بسبب الغلاء وغياب الطراوة أيضا. وحسب بازين محمد، عضو اللجنة الوطنية لمهنيي الصيد الساحلي فإن مراكب الصيد الساحلي متوقفة بالكامل في ميناء أكادير، مشيرا إلى أن الأسماك المعروضة في السوق عبارة عن مخزون لمستودعات التلفيف، وزاد بازين قائلا: «الكيلوغرام الواحد من السردين غير الطري يباع الآن بعشرين درهما وسمك «الصول» بلغ 190 درهما للكيلوغرام الواحد، لم يعد باستطاعة الصيادين تحمل تكاليف رحلات الصيد، لذلك فالتوقف عن العمل جاء بشكل اضطراري ولا أحد منا اختار الإضراب عن العمل بمحض إرادته». وقلل مصدر من المكتب الوطني للصيد بميناء الدارالبيضاء من تأثير الإضراب على تزويد الأسواق بالأسماك، مشيرا إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار السمك ترتبط بقانون العرض والطلب ولا علاقة لها بإضراب قطاع الصيد الساحلي. وترسو بميناء الدارالبيضاء يوميا 48 باخرة محملة بالأسماك، كما أفاد بذلك عامل بالمكتب الوطني للصيد، والذي أضاف أن هناك مراكب محملة بالأسماك تفد كل يوم على ميناء البيضاء من موانئ الصويرة وآسفي والجرف الأصفر لتزويد السوق المحلية بالسمك. وقال كمال صبري، عضو اللجنة الوطنية لمهنيي الصيد الساحلي، إن الصيادين في ميناء الدارالبيضاء لم يتوقفوا جميعهم عن العمل، وإن كانت الإكراهات المهنية تمنعهم من ركوب البحر، على حد قوله، وضمنها إقرار زيادة جديدة السبت الماضي بقيمة 450 درهما في الطن الواحد من الغازوال المهني، ليصل سعر طن الغازوال المهني داخل الموانئ المغربية إلى 8000 درهم. وأشار المصدر ذاته إلى أن أرباب الصيد الساحلي بميناء الدارالبيضاء يمارسون عملهم بشكل عادي إن هم استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وأضاف قائلا: بحسرة في تصريح ل«المساء»: هاهو البحر أمامنا ولا أحد يمنعنا من ركوبه، لكن نحن غير قادرين على تحمل نفقات رحلات الصيد المرتفعة، لقد أصبح الغازوال المهني يباع داخل الموانئ بسعر يفوق بكثير ذلك المعتمد في محطات البنزين خارج الميناء». وكانت اللجنة الوطنية لقطاع الصيد الساحلي بالمغرب قد قررت يوم الخميس الماضي خوض إضراب في شكل توقف اضطراري عن العمل داخل جميع الموانئ المغربية إلى حين تجاوب الحكومة مع مطالب المهنيين. ويدعو المهنيون إلى التخفيف من كثرة الرسوم وتعدد الضرائب والزيادات المتوالية في ثمن الكازوال الذي يمثل حوالي 65 في المائة من المصاريف العامة. ويتصدر مطلب دعم الدولة لمادة الكازوال قائمة مطالب الصيادين الذين يعتبرون أن إبقاء الدولة على الأسعار الحالية يضعهم أمام خيار وحيد هو التوقف التام عن العمل، بعد أن تأكد لهم أن لا فائدة ترجى من خروجهم للصيد في البحر. يشار إلى أن مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب سبق لهم أن خاضوا إضرابا وطنيا مفتوحا، دام من فاتح فبراير إلى ال15 منه بسبب ارتفاع ثمن المحروقات، واستأنف الصيادون عملهم بعد عقد اتفاق مع الوزارة وإصدار «بلاغ مشترك» أكد على تحويل قسط من الموارد المالية المخصصة لتحديث وعصرنة الأسطول الساحلي لفائدة الصيادين، وذلك للتخفيف من آثار ارتفاع ثمن الوقود، وتخفيض الاقتطاعات المطبقة على المبيعات، مع الأخذ بعين الاعتبار التكاليف العامة لوحدات الصيد الساحلي، ثم تبسيط المساطر الإدارية المطبقة على مراكب الصيد الساحلي. وحسب مصادر مهنية، فإن الإضراب الأخير في قطاع الصيد الساحلي تسبب في خسارات مالية قُدّرت بنحو 67 مليون درهم. ويعتبر قطاع الصيد البحري مصدرا رئيسيا لإيرادات المغرب، حيث يصطاد سنويا 800.000 طن قيمتها نحو 4 ملايير درهم.