خلال سنة 1995 عندما اشتدت موجة الجفاف في المغرب عاشت مدينة طنجة التي كانت ساكنتها تقارب نصف المليون، أكبر أزمة عطش في تاريخ المغرب المستقل، حينها لجأت الدولة إلى تزويدها بالماء الصالح للشرب عن طريق بواخر تنطلق من منطقة دكالة لتصل إلى ميناء طنجة. وحسب وزارة الماء والبيئة فقد بلغت تكلفة هذه العملية 300 مليون درهم، أي ما يعادل تقريبا الميزانية المخصصة لبناء سد متوسط. وخلال السنوات الأخيرة كثرت احتجاجات المواطنين المغاربة بسبب المشاكل المرتبطة ب»الماء»، ففي مدينة بني ملال (حيث توجد شلالات أوزود) أدى انقطاع الماء عن المدينة لأيام إلى تفجر أزمة، وفي فاس ظهرت مشكلة تسرب المياه الملوثة إلى مجاري المياه الصالحة للشرب، أما في البوادي فيبدو المشكل أعمق حيث إنه مع توالي سنوات الجفاف تزداد معاناة السكان لجلب الماء من الأماكن البعيدة.. وفي خلفية كل هذه الأحداث التي بدأت تطفو على السطح تبدو إشكالية الماء أكثر تعقيدا في المغرب، فمع توالي سنوات الجفاف فإن الحصة السنوية للمواطن المغربي من الموارد المائية في تناقص مستمر، حيث إنها ستقل عن 700 متر مكعب في أفق سنة 2025 بعد ما كانت تفوق 3000 متر مكعب خلال بداية الستينيات. وحددت منظمة الصحة العالمية الحصة المخصصة لكل فرد من الماء في 10-12 مترا مكعبا، في حين أن المغرب لا يوفر سوى 6-8 أمتار مكعبة للأسرة بأكملها وليس للفرد. ويصل معدل الموارد المائية في السنة المتوسطة في المغرب إلى 22 مليار متر مكعب، أمام عجز شمل كل الأحواض المغربية بفعل الجفاف تراوح ما بين 10% و80% وانخفاض مهم لصبيب الأودية والعيون خلال الصيف كما يلاحظ رداءة جودة المياه السطحية علي صعيد 45% من محطات المراقبة ونفس الشيء للمياه الجوفية على صعيد 51% من محطات المراقبة. ويواجه المغرب مشكل تدبير الإشكاليات المتعلقة بالندرة والاستغلال المفرط وترتبط هذه التحديات بالتقلبات المناخية وتزايد الحاجيات المائية وتراجع حقينة السدود، والضغط الكبير على المياه الجوفية، وارتفاع حدة تلوث الموارد المائية. وحسب المعطيات الرسمية فإن الموارد المائية تقدر في الآونة الأخيرة في المغرب بما بين 15 و20 مليار متر مكعب سنويا منها حوالي 75 في المائة عبارة عن مياه سطحية، وحوالي 25 في المائة عبارة عن مياه جوفية. وبالمقارنة مع سنة 1996 فإن الموارد المائية كانت تصل إلى 40 مليار متر مكعب. ولمعرفة حجم تأثير الجفاف على الاقتصاد الوطني تكفي معرفة أن الناتج الخام الداخلي في المغرب انخفض ب1.6 في المائة خلال سنة 1995، بينما في سنة 1996 التي سجلت ارتفاعا ملحوظا في المحصول من الحبوب وصل إلى 100 مليون قنطار سجل الناتج الخام الداخلي ارتفاعا ب9.2 %. وبسبب تخوف الخبراء من أن سنوات الجفاف التي ضربت المغرب خلال سنوات(1981،1985،1995 ،1998، 2000 و2002) قد تؤدي إلى وقوع دورة جفاف تكون أكثر حدة واتساعا في المغرب لجأت الحكومة إلى سياسة تخزين المياه في السدود لتعويض العجز المسجل خلال تلك السنوات التي لم يتعد فيها منسوب المياه 10 ملايير متر مكعب. ورغم وجود مواقف تشكك في سياسة السدود التي انتهجها المغرب خاصة في ظل تناقص التساقطات، وغياب دراسات تقدم تقييما لهذه السياسات فإن الموقف الرسمي للوزارة الوصية على القطاع لازال يعتبر بأن «التغيرات المناخية لا يمكنها إلا أن تصب في اتجاه تدعيم سياسة السدود وتزيدها مصداقية»، وأنه لابد من تعبئة الموارد المائية وتخزينها في السدود. وفضلا عن المشاكل المرتبطة بقلة التساقطات المطرية تواجه المغرب مشكلة تلوث المياه وما يخلف ذلك من آثار وضحايا، إذ يعتبر الماء الملوث من الأسباب الرئيسية للوفيات عند الأطفال. وفضلا عن ذلك فإن الجفاف لا تنتج عنه فقط قلة التساقطات بل تنتج عنه أيضا الفيضانات وما تخلف من آثار مدمرة، قد تم تحديد 50 موقعا من المواقع الأكثر عرضة لآفة الفيضانات في المغرب من بين 390 موقعا تم تحديده.