هل مراكش في منأى عن خطر العطش ؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح في ظل تقاطب قطاعات شاسعة تستنفد الموارد المائية للمنطقة. يوجد في مقدمتها القطاع السياحي الذي يزيد اتساعا وقطاع الري الفلاحي الذي لا تخفى أهميته وينضاف إلى كل ذلك التوسع السريع للمجال الحضري للمدينة وارتفاع تعداد ساكنتها، ماذا يراد إذن بمراكش؟ فملايين من الأمتار المكعبة من الموارد السطحية والجوفية تستنزفها يوميا الفنادق و ملاعب الكولف والمساحات الخضراء المحيطة بها ، والمئات من الآبار السرية المحفورة بها تواصل بشكل مستمر إفقار الفرشة المائية للمدينة، الاحتياطي الهام وصمام الأمان لمواجهة موجات الجفاف الطويلة الأمد حيث تراجعت ما بين سنة 1972 و 2001 بما يعادل 1.6 متر في السنة ووصلت في بعض حقول الالتقاط إلى 32 مترا. وأمام كل هذا يواصل المسؤولون التنكر للمخاطر المحدقة بالمدينة الحمراء والمهددة لأمنها المائي رغم أن كل المؤشرات والأرقام تؤكد قرب حدوث الكارثة. تشهد مراكش توسعا أفقيا وعموديا حيث تتصدر باقي المدن من حيث التطور العمراني و نمو الاستثمارات السياحية، فإلى أين تتجه هذه المدينة؟تساؤل يلقى ما يبرره في ظل التحديات المائية التي تفرضها التغيرات المناخية وفي ظل الاستغلال المفرط للمياه الجوفية والسطحية بسبب النشاط السقوي غير المعقلن و الاستنزاف السياحي على وجه التحديد . هل محطة معالجة المياه المستعملة كفيلة لوحدها بحماية المدينة الحمراء من هذا الخطر ؟ إذا كانت المؤهلات الطبيعية أحد أهم مكونات المنتوج السياحي؛ فإن إحداث المحطات والمؤسسات الإيوائية السياحية يتم عادة بالشواطئ والغابات والجبال وبمواقع طبيعية متميزة، ومن ثم فقد تدعو الحاجة إلى استصلاح بعض هذه المواقع وإعدادها لاستقبال المشاريع السياحية، وقد يتطلب الأمر أيضا إحداث محميات وبحيرات اصطناعية، وفضاءات طبيعية ومناطق خضراء لممارسة بعض الأنشطة الرياضية والقنص والنزهات ...الخ.. وذلك ماحدث بمراكش التي خلقت بها «بحار» اصطناعية ممثلة للطبيعة الساحلية . . وقد يؤدي الأمر كذلك إلى اقتطاع أجزاء من الغابات والمناطق الخضراء لاحتضان بنايات تشمل الفنادق والمرافق الترفيهية، ومن ثم فإن النشاط السياحي ينعكس في كثير من الأحيان على المحيط البيئي إيجابا أو سلبا؛ وذلك حسب حجم وطبيعة هذه المحطات وأهمية عدد السياح وفترات إقامتهم، وكيفية التعامل مع المحيط. تؤكد الرؤية المتعقلة أنه عند القيام بعمليات تهيئ المخططات السياحية وإعداد التصاميم المعمارية يجب مراعاة الجانب البيئي، وتقييم مدى استعداده لاستقبال المحطات والمؤسسات السياحية، حتى لا ينعكس سلبا على المحيط الطبيعي ويؤدي إلى إفشال المشاريع السياحية ، وتحول المكاسب الاقتصادية الآنية إلى إجهاز على حقوق الأجيال المقبلة . والحال كذلك ينطبق على مدينة تتميز بمناخ شبه جاف كمراكش وحاولت السياسة السياحية أن تجعل منها مدينة تختزل المكونات الثلاثة للمنتوج السياحي ، فجمعت بين المنتوج الثقافي والجبلي والساحلي رغم أن مناخها لا يتأقلم و طبيعة وخصوصيات كل منتوج على حدة . فهل ستستطيع مدينة مراكش مستقبلا تلبية حاجيات السياح بشكل دائم إن كانت السياحة فعلا الرهان الأساسي للتنمية؟ وهل ستنجح في تحقيق تنمية مستديمة لعنصرين لا يمكن الفصل بينهما خاصة وأن قطاع السياحة يصعب التحكم فيه والتكهن بمستقبله، وأن عنصر الماء مورد لا يمكن تجديده؟ موارد قليلة و حاجيات كبيرة و استنزاف أكبر... تتميز مدينة مراكش بمناخ شبه جاف،وهو ما يفسر ضعف الصبيب المائي، فأغلب المياه التي تستهلكها المنطقة مصدرها أم الربيع وحقينته لا تتجاوز 200 إلى 350 مم من الأمطار في السنة .علما بأن هذه الكمية موروثة عن أزمنة شبه رطبة، فالماء أنذاك مصدره من العيون لكن الجفاف الذي شهدته المنطقة لفترات طويلة شمل هذه العيون، وبدأ الناس بحفر الآبار و استنفاد الفرشة المائية وجلب الماء من سد سيدي إدريس.. ففي حال استنفاد المزود الأساسي لمراكش الذي هو أم الربيع. من أين سنأتي بالمياه لإنقاذ مدينة مراكش من أزمة محققة والتي تنذر وتدق ناقوس الخطر في غضون السنوات القليلة المقبلة؟ وهل ستكفي السدود المنشأة مؤخرا في تلبية حاجيات مدينة تتوسع بشكل غير مضبوط بساكنتها و مرافقها السياحية ؟ تضمن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء التزود الداخلي والخارجي للمدار الحضري لمدينة مراكش بالماء الصالح للشرب، وتجاوزت الشبكة حاليا المحور الحضري حيث تزود جزءا من الساكنة القاطنة بالمناطق القروية المحيطة بالسعادة وواحة سيدي إبراهيم وتسلطانت. المصادر المائية بمدينة مراكش سواء الموارد السطحية أو الباطنية كانت في الماضي من الاستثمارات الأكثر قربا وتوفرا وأقل كلفة. ومع تزايد النمو الديموغرافي والعمراني ارتفع الطلب على الماء، وأصبح تدبير وتعبئة الموارد المائية مسألة ضرورية نظرا لتراجعها سنة بعد سنة، وأن إنتاجها يتطلب تكاليف جد مهمة. وحاليا مدينة مراكش تتزود بالماء الصالح للشرب استنادا إلى مصدرين أساسيين: > المصادر السطحية سد سيدي إدريس، جنوبالمدينة مزود عبر سد الحسن الأول عن طريق قناة ويركان (118 كلم) بحقينة (12م /الثانية) من هنا تتزود الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء. فالسعة القصوى لإنتاج الماء تبلغ حاليا (1400لتر/الثانية) والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب في طور تنفيذ مشروع الرفع من هذه السعة إلى (2100 لتر/الثانية) > المصادر الجوفية توجد بشرق وشمال المدينة مصدرها الآبار، وتوفر للمدينة 40% من المياه. تعبأ الموارد المائية الباطنية في مجموعة من الحقول المحبسة (ثقوب، آبار، ومصاريف مياه موزعة جغرافيا شرق- غرب مدينة مراكش، يصل طولها إلى 38 كلم). تعتمد مراكش التي هي مدينة مليونية بالأساس لسد حاجياتها ، على الاستفادة من مياه إقليمي الحوز وأزيلال ولمواجهة أي أزمة مائية تم إحداث هذه المحطة الجديدة كإجراء أولي لاستقبال المياه التي ستجر من نهر أم الربيع مرورا بابن جرير واستعمال مياه سد للاتكركوست إضافة إلى مياه المنشأة الجديدة سد ويركان. والصبيب الإجمالي الذي تتوفر عليه هذه الموارد يصل إلى 1170لتر/ الثانية ، لكن نسبة الاستغلال لا تشكل سوى 400 لتر/الثانية بسبب نزول مستوى الفرشة. إنتاج الموارد المائية [ السطحية والجوفية] مخول فقط للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، الذي يضمن تزود المدينة بالماء الصالح للشرب إضافة إلى معالجة المياه التي تمر عبر خزانات 50.000م. م بأوريكا وتسلطانت، وخزان سيدي بوستى 73.500مم، هذه الخزانات تخضع للتوسيع قصد إضافة خزان صغير (12.500مم ) . بالرغم من كون المدينة الحمراء مهددة باستنفاد الخزان الموروث أصلا عن أزمنة مناخية رطبة فإن بعض مسيري قطاع الماء أكدوا أنها مؤمنة لأنها مزودة من مركب مائي سواء على مستوى المياه الجوفية أو السطحية هذا الأخير يتمثل في خطارة - أكدال- ويوزع 39 بئرا وثقب من حقل النقاط أكدال إسيل وأوريكا، وحقل التقاط نفيس.فيما المياه الجوفية تأتي عبر قناة روكاد سد الحسن الأول عبر سد سيدي ادريس من هنا تتزود شبكة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، لكن نسبة 37 % من المياه بمراكش تختفي بسبب التسربات الأرضية، وهذه النسبة الضائعة قياسا للمدن الأخرى يمكن أن تزود مدينة الصويرة بكل حاجياتها في فصل الصيف. المستقبل بمراكش .. عطش وشيك بمراكش ستكون وضعية المياه العذبة مختلفة مستقبلا عما هي عليه الآن وذلك نتيجة انتشار مظاهر التلوث، وسيؤدي ذلك إلى إضعاف الاحتياط المائي المحدود أصلا خاصة إذا أضفنا تأثير العوامل المناخية؛ كالتبخر والاحتباس الحراري وما ينتج عن ذلك من اختلال في الأنظمة الهيدرولوجية في الأرض. ومدينة مراكش هي نموذج مصغر لما سيقع في جميع أنحاء المغرب في الآفاق المستقبلية. على الأقل ذلك ما يؤكد عليه الخبراء . تبدو الأرقام جد ضخمة ومقلقة لكن ذلك لا يمنع حسب مدبري القطاع ، من ضمان تزويد المدينة بما يلزمها من الماء حتى أفق 2020 ،أي بعد عشر سنوات فقط ،لذلك فالأهم هو التفكير في الوسائل الكفيلة لتدعيم الموارد المائية على المدى البعيد، لأنها تبقى محدودة نظرا للتزايد السكاني والعمراني والسياحي... وبالرغم من اعتماد توجيهات ودراسات لتحويل الموارد المائية من أحواض خارجة عن منطقة تانسيفت إلى منطقة مراكش، علما بأن الحصة التي كان من المتوقع أن يستقبلها سد ويركان قبل الشروع في بنائه والتي تصل إلى 17.000مم، استهلكت نظرا للطلب المتزايد على الماء، فإن كل هذا لا يكفي لتدارك الأمور لوجود عوامل أخرى تتدخل بشكل مباشر أوغير مباشر في تراجع الموارد المائية بالمدينة. فمراكش حاليا تعرف عجزا على مستوى هذا المورد الحيوي، فهي تستورد كمية كبيرة من المياه الموجهة للاستهلاك من منطقة أم الربيع التي لا تتجاوز حقينته 350مم . وهذه النسبة ستستفحل في السنوات القليلة المقبلة والتي ظهرت بوادرها من الآن لعدة عوامل أولها تراجع كمية الأمطار، وتوالي فترات الجفاف وتوسع المدينة غير المعقلن و العشوائي ، أضف إلى ذلك تراجع الفرشة الباطنية وتلوثها، الشيء الذي يبدو واضحا في موت عدد من أشجار النخيل التي لم تعد قادرة على امتصاص الماء الذي تراجع ويتراجع سنويا بنسبة 4امتار ، يضاف إلى ذلك ظاهرة حفر الآبار بدون ترخيص في الأحياء الراقية التي تحتوي على الفيلات الفخمة و كذا في الرياضات التي تملّكها الأجانب في السنوات الأخيرة، كلها عوامل ساهمت في تراجع منسوب المياه الجوفية. مع العلم أن وكالة الحوض المائي ليست لديها إمكانيات تقنية وبشرية لمعرفة الكمية المستهلكة من الآبار رغم أن قانون الماء 10/95 يخول لها هذا الصلاحية . ورغم سلسلة الإجراءات والتدابير المبذولة لضمان تزود مراكش بالماء للحفاظ على وتيرة تطور النشاط السياحي و منها إنشاء محطة لمعالجة المياه المستعملة ، فإنها حسب تقدير الخبراء ستظل في حاجة ماسة إلى الموارد المائية. وهذا إشكال كبير ينبغي أن يلقى آذانا صاغية عند المسؤولين. استنزاف مستمر لملايين الأمتار المكعبة مع التزايد العمراني والديموغرافي بمراكش، أصبحت الحاجة إلى توفير الموارد المائية بشكل مضاعف ، مسألة أساسية لتلبية الحاجيات الضرورية والكمالية للسائح الذي يزور المدينة الحمراء وهو مستعد لأداء فاتورة الماء المستهلك دون التفكير في التعامل مع هذه المادة الحيوية بمسؤولية ، علما بأن أقل نسبة يحتاج إليها سائح واحد في اليوم تزيد عن 130 لترا ، مع العلم أيضا أن أغلب المياه الموجهة للفنادق(التي يتجاوز عددها 607 فندق منها 130 فندقا مصنفا ويضاف إليها 750 دارا مصنفة للضيافة و 2000 أخرى غير مصنفة ) من الفرشة المائية الباطنية لمراكش مما ينتج عنه تلوث واستنزاف ناهيك عن الهبوط المسترسل الملحوظ في منسوبها. الفنادق المصنفة : تستقطب مراكش وحدها سنويا نحو 1.5 مليون سائح وزار المدينة خلال سنة 2008 ما يناهز المليون و 600 ألف . وكان الإنتعاش الذي سجلته سنة 2006 و 2007 راجع إلى الارتفاع المسجل من قبل الأسواق البريطانية (+107%) والفرنسية (+5%) والألمانية (+35%) والإيطالية (+20%) ما يمثل نسبة (88%) من مجموع الليالي الإضافية، وبلغت بذلك نسبة الملء خلال هذه الفترة 70% مسجلة بذلك ارتفاعا وصل إلى 1% مقارنة مع الستة الأشهر من سنة 2006 . كما سُجل بالموازاة مع ذلك ارتفاع وإقبال كبيران على الفنادق المصنفة حيث وصل عدد السياح الوافدين عليها خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2007 ما يناهز 837.000 سائح مقابل 766.754 سائحا خلال نفس الفترة من سنة 2006 فبلغ بذلك عدد الليالي 3 م و110آلاف و 698 ليلة سياحية. ويذكر أن هناك 14 مشروعا سياحيا في طور الإنجاز بمراكش سيساعد في تعزيز القدرة الإيوائية التي تبلغ 40 ألف سرير بإضافة 21.460 سريرا في أفق 2010 وسيصل عددها إلى 80 ألفا في 2012. حاجيات الفنادق المصنفة من الماء تعد الفنادق الفاخرة والممتازة الوجهة االمفضلة لزبناء المنتوج السياحي بمراكش ، كونها تتوفر على مجموعة من المعايير التي لا توجد في غيرها من الفنادق المتوسطة أو البسيطة . لكن لكل ذلك كلفة بيئية لا يستهان بها فهي تحتل مساحات كبيرة من الهكتارات ، و فضاءات أخرى للترفيه والنزهة و المسابح، بل هناك فنادق لا تكتفي بمسبح واحد بل بمسبحين أو أكثر. والمسبح بدوره بحاجة إلى تجديد مياهه. أضف إلى ذلك مشكل التبخر والتلوث ثم الاستهلاك والضياع. مع استحضار أن أغلب هذه الفنادق توجد بها آبار وثقوب قد تكون مرخصة وقد تكون غير مرخصة . فالفنادق التي صرحت بعدد الآبار المتوفرة لديها وحجم استهلاكها من الماء عددها قليل وعلى سبيل المثال نجد فندق أمين يستهلك سنويا ما يناهز 27.000 متر مكعب ويتوفر على بئر واحد يصل عمقه إلى حوالي 22 مترا ، أما فندق أطلس آسني فيستهلك سنويا ما يناهز 25.000 مترمكعب ويتواجد به بئر واحد في حين يستهلك فندق المنصور الذهبي 18.250 مترا مكعبا سنويا ويعتمد على بئرين بعمق 40 مترا . و يستهلك فندق كنزي فرح 11.280 م م . رغم المجهودات التي يبذلها المكلفون بقطاع الماء بدءا من الإنتاج والمعالجة، ثم التوزيع، فإنها غير كافية لاستمرارية تزويد القطاعات الأساسية.(الفلاحة، الصناعة، السياحة). وأمام تنافس هذه القطاعات أصبحت حصة المواطن العادي مسألة مهمشة وثانوية، فقطاع السياحة الذي أضحى قطاعا تراهن عليه الدولة لما يوفره من فرص شغل وتنمية الاقتصاد الوطني. ونظرا للموقع الذي تحظى به مدينة الملتقيات الدولية فإنها تشكل الوجهة الأساسية لعدد من السياح من مختلف الوجهات العالمية، بدأ التفكير في إنشاء مشاريع سياحية أخرى والرفع من الطاقة الإيوائية للفنادق لتوفير الراحة للسائح الأجنبي.
ثروات مائية هائلة مهدورة تحت أقدام الأغنياء .. حسب معطيات وكالة الحوض المائي لتانسيفت، فإن حاجيات ملاعب الغولف بمراكش من الماء والمساحات الخضراء قدرت بحوالي 17.5 مليون متر مكعب في السنة، وستصل هذه النسبة في السنوات المقبلة إلى حوالي 25 مليون م م في السنة، بعد إحداث مشاريع الغولف المخطط لها حاليا . و تبين هذه المعطيات بالتفصيل حجم استهلاك المياه من قبل ملاعب الغولف بالمدينة الحمراء التي تتزود في عمومها من الفرشة الباطنية ومن قناة روكاد . وتؤكد هذه الأرقام هول الاستنزاف الذي تتعرض له الموارد المائية لعاصمة النخيل. ويكفي الاطلاع عليها للوقوف على ذلك: ملعب الغولف روايال أملكيس ،palmeraie يوجد بجنوب شرق مراكش وتتم تلبية حاجياته من الماء من الفرشة الباطنية دون الترخيص بذلك، وقدرت الكمية المستعملة من الماء ب 2.5 مليون م .م. - مشاريع الغولف التي تم الترخيص لها باستعمال المياه السطحية والباطنية قدرت نسبة استهلاكها من المياه السطحية عبر قناة روكاد ب: 900.000م.م / السنة لكل مركب غولف. وبنسبة 200.000م . م / السنة من المياه الجوفية لكل واحد من الغولفين الأولين حسب اللائحة : بالم غولف PALM GOLF ومشروع أصوفيد Assoufid و 500.000 م .م / السنة بالنسبة لغولف أطلس و رسورت » groupe Alain Crenn « Ressort ، والمركبات التي صرحت بنسب استهلاكها من الماء هي كالتالي: - مشروع بالم غولف PALM GOLF ويمتد على مساحة 170 ه - مشروع أصوفيد Assoufid على مساحة 220 ه - مشروع غولف أطلس و رسورت » groupe Alain Crenn « Ressort على مساحة 282 ه. مشاريع الغولف في طور التصريح بنسب الاستهلاك المائي: - غولف palace ressort على مساحة 350ه. - مشروع Latsis group ممتد على مساحة 140 ه حاجيته من الماء تقدر ب 15 مليون م م / السنة. - مشروع حدائق الأطلس يمتد على مساحة تزيد عن 148 ه نسبة الماء المتطلبة هي 1.65 مليون م م / السنة. Le domaine Royal: ممتد على مساحة 250ه النسبة المقدرة على مشاريع الغولف المماثلة هي 1.5 مليون م م /السنة. - مشروع TRITEL يحتل مساحة 220ه، وهو المشروع الذي التزمت فيه الحكومة أن توفر له نسبة 1.5 مليون م م / السنة ، مليون متر مكعب عبر قناة روكاد و 500.000 م م عبر السديمة الباطنية. - مشروع stratégie partners : وهو الآخر الذي التزمت فيه الحكومة بتوفير 1.2 مليون م م في السنة باعتبار - - مليون متر مكعب عبر قناة روكاد و 200.000 م م عبر الفرشة الجوفية. رغم أهمية القطاع السياحي الذي تترجمه والتحولات الحضرية للمدينة ودوره الاقتصادي والاجتماعي، حيث يعمل أكثر من ثلث سكان المدينة في أنشطة لها علاقة بالسياحة، ، فإن تأثيرها على البيئة خاصة الموارد المائية، تبقى مسألة مقلقة ومحيرة، و هو ماجعل الكثير من الخبراء في الشأن المائي و قضايا التنمية المتوازنة يؤكدون أن الوقت حان للقول بأن السياحة مستهلكة وتحمل انعكاسات سلبية ذات كلفة باهظة على البيئة بشكل ينذر بكارثة يصعب ترميم نتائجها المستقبلية . يبدو ذلك أكثر وضوحا إذا ما استحضرنا المكانة التي احتلتها هذه المدينة باعتبارها الموقع الأكثر جذبا للسياح ، فلقيت معها اهتماما من خلال عدد من التدخلات الدولية منذ ربع قرن من الزمن والتي تمثلت في تهيئة مجموعة من المناطق السياحية، وإحداث سلسلة من الفنادق الفاخرة التي يتم تسييرها من طرف القطاع الخاص؛ خاصة بعد نهج سياسة الخوصصة في أواخر التسعينيات. فقد بلغ حجم استهلاك الماء من طرف الفنادق المصنفة سنة 2006 ما يناهز 2.111.443 مترا مكعبا وتضاعف هذا الرقم في سنة 2007 . شهد الإقبال الكبير للسياح على مدينة مراكش ازدهارا كبيرا على مستوى دور الضيافة والرياضات المتواجدة وسط المدينة القديمة، وهذه الدور أضحت قبلة للسياح خاصة الأوروبيين . و البعض منها يقدم منتوجا متنوعا للزبون؛ ليصل ثمن الغرفة الواحدة إلى 450 دولارا /الليلة ، ومنها ما يتجاوز هذا السعر . تجاوزعدد دور الضيافة حاليا بمراكش 750 دارا، عدد الأسرة بها يناهز 5750 سريرا؛ أي بنسبة 18% من السعة الإيوائية بالمدينة. وأغلب هذه الدور توجد بالمدينة العتيقة إذ تمثل 75 % في المجموع . تعتمد مراكش على هذه الفئة من المؤسسات لتنويع منتوجها السياحي غير أن العشوائية التي ينظم بها هذا القطاع تجعل الرابح الأول منها هم الأجانب الذين يحولونها من فضاء للإقامة إلى فضاء لجلب الأموال بطرق غير مشروعة . ومن جهة أخرى فإن نسب استهلاك الماء يطالها الابهام؛ كون أغلب الفنادق غير المصنفة خاصة داخل المدينة القديمة توجد بها آبار منذ تأسيسها، وبالتالي فإهدار الماء واستنزاف الفرشة الباطنية بالدرجة الأولى وتلوثه إضافة إلى الجفاف.. كلها عوامل تهدد مستقبل تزود المدينة من هذه المادة الحيوية، كما أن السلطات لاتتوفر على أية إحصائيات متعلقة بنسب استهلاك مياه الآبار بهذه المؤسسات السياحية، رغم أن قانون الماء يخول لها هذه الصلاحية. لكن التحدي الكبير يكمن في غياب الموارد البشرية والتقنية للقيام بذلك. لتظل نسب الاستهلاك مجهولة؛ وهو ما يؤكد في نهاية المطاف أن جانبا كبيرا من قطاع السياحة غير مضبوط ، وأن نسب الاستهلاك الحقيقية للقطاع غير شاملة ما دامت خارجة عن معدلات الاستهلاك السياحي بكل المرافق وهو ما يعني المزيد من الإهدار والاستنزاف بكميات هائلة. شكلت الانعكاسات السلبية التي مست القطاع الفلاحي بفعل زحف المشاريع السياحية على الأراضي الزراعية الإرهاصات الجنينية الأولى لبداية أزمة اجتماعية ظهرت ملامحها في مختلف التحديات التي تسببت فيها السياحة بشكل أو بآخر. فقد لا يدرك البعض أن الكثير من المشاكل الاجتماعية يرجع جزء منها إلى القطاع السياحي بمختلف تجلياته حيث ساهمت القفزة النوعية التي حققتها مدينة مراكش بفعل ما اكتسبته من شهرة عالمية، في ظهور مشاكل ربما كانت المدينة في غنى عنها، وظل المسؤولون يتملصون منها ويحاولون نفي أي ارتباط بينها وبين النشاط السياحي. ويمكن الإشارة إلى بعض من هذه الانعكاسات السلبية على الحياة العادية للساكنة المراكشية كارتفاع قيمة العقار الناتج عن ارتفاع الطلب وضعف التزود بالمياه، يقابله ارتفاع تكلفة أداء الفواتير وانقطاع الماء لفترات معينة على الساكنة خاصة في فصل الصيف بسبب آلات الضخ التي تستعملها المنشآت السياحية الضخمة، ونذكر على سبيل المثال مشروع الوزيرية بمنطقة الشريفية الذي يتسبب في انقطاع الماء بحي المحاميد خاصة سكان الطوابق العليا. يقول الخبراء إنه بعد أقل من 11 سنة ستعرف مراكش أزمة مائية حادة وهي محققة بحلول سنة 2020 ولن يفيد في حل ذلك بشكل جذري لا السدود المنشأة حديثا ولا محطة معالجة المياه، لغياب برامج حقيقية لتدبير الماء وخاصة الخروقات التي يحفل بها القطاع السياحي على مستوى التراخيص التي يحصل عليها أصحاب المشاريع السياحية باختيار المواقع الإستراتجية التي توفر إمكانيات تلبية الحاجيات الضرورية وغيرها للسائح الأجنبي مع الضعف الكبير المسجل في المراقبة وعدم ضبط وتيرة التوسع العمراني بما يناسب الإمكانيات المتوفرة والتسيب الواضح في استغلال المجالات الأكثر قربا من الفرشة المائية من قبل المشاريع السياحية الضخمة. تعد السياسة المائية خطوة أساسية لمعرفة مصير المياه الموجهة للاستهلاك في القطاع السياحي وهو ما لم يتم تحقيقه في جل المخططات التي حصرت اهتمامها في توفير الماء فقط. بل أكثر من ذلك فهؤلاء الخبراء يذهبون إلى أن تدبير الماء بمراكش سيؤدي بساكنة المدينة إلى دفع ثمن باهظ في المستقبل القريب بسبب غياب استراتيجية حقيقية في القطاع السياحي كأحد أهم المستهلكين بما يستدعي ذلك من عدم تكييف نشاط القطاع مع حجم الموارد المتوفرة والتي لا تزيد إلا تراجعا.ويكفي للتدليل على ذلك أن نذكر بحجم العجز المرتقب بمراكش في الماء الشروب والماء الموجه للصناعة حسب الدراسات التي أنجزتها المصالح المعنية بتدبير هذه المادة ، حيث من المتوقع أن يبلغ هذا العجز في السنة الجارية 10ملايين من الأمتار المكعبة وفي 2010 سيصبح 12 مليون متر مكعب وفي 2020 سيرتفع العجز إلى 22 مليون متر مكعب وفي 2030 سيتجاوز 33 مليون متر مكعب وخلال سنة 2040 سيبلغ 46 مليون متر مكعب، ليسجل هذا العجز بمراكش رقما قياسيا سنة 2050 ببلوغه 60 مليون متر مكعب..فهل تكفي هذه الأرقام لدق ناقوس الخطر في آذان المسؤولين؟.