بدأت صور لويس ثباتيرو، زعيم الحزب الاشتراكي الإسباني، وغريمه ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي، تظهر في الشوراع الإسبانية بطريقة محتشمة قرب محطات الحافلات والمترو، بيد أن هذا الاحتشام سرعان ما سيتحول إلى نار مستعرة تأكل كل شيء أمامها في الأسبوعين المقبلين، والواضح في إسبانيا أن الحملة بدأت فعلا إعلاميا ويكاد يكون راخوي هو بطلها إلى حد الساعة لكونه يريد أن يثبت للجميع أنه ليس فقط مجرد «وريث لأثنار» عين بطريقة غير ديموقراطية، بل يمكن أن يظهر شجاعة الأسود الإيبيرية ولؤم قردة صخرة جبل طارق، وهو يميط اللثام عن أكثر الأفكار محافظة ويمينية، أي تلك التي تخز قلب التقدميين ودعاة الانفتاح. لقد كانت الإسبانيات منزعجات من شارب أثنار وكشفن عن انزعاجهن من رئيس حكومة يحمل شاربا، لكن عليهن الآن أن يصوتن على راخوي الذي لا يشعر بالأفكار تنسدل من مخيلته إلا وهو يحك لحيته. أما لويس رودريغيث ثباتيرو، «فتى قشتالة» الذي دخل غمار السياسة وعمره لا يتعدى 26 عاما، فقد وجد نفسه مدعوما من طرف مجموعة من الفنانين والمبدعين الإسبان الذين وقعوا بيانا لنصرته وعلى رأسهم بيدرو ألمودوبار، فهذا المخرج العالمي لم تهزه دعوة راخوي إلى خلع الحجاب الإسلامي في المدارس والجامعات والمؤسسات العمومية إسوة بالتجربة الفرنسية الرائدة أو مدونة الاندماج التي صفقت لها جمعيات تمثل مهاجري أمريكا اللاتينية، بل خاف صاحب رائعة «كل شيء عن أمي» على نفسه من المضايقات التي قد يسببها له شخص مثل «وريث أثنار» الذي لوح منذ مدة بنيته خلق وزارة للعائلة ومنع الشواذ من تبني الأطفال، ولعل «فتى قشتالة» سيجني اليوم ثمار أولى القرارات التي اتخذها بعد دخوله قصر المونكلوا ممتطيا قطارات الضواحي، إذ إنه قبل زيارته التاريخية للمغرب في أبريل 2004 كان قد اتخذ قرارا بالسماح للشواذ بالزواج. ووجه راخوي ضربة قاسية إلى غريمه عندما زار مدينة مليلية المحتلة، ، ليؤكد أن زيارة ملكي إسبانيا كانت تأكيدا لإسبانية سبتة ومليلية، بمعنى أنها كانت تدخل في إطار الحسابات الانتخابية، لكن راخوي سيجر السجاد الأحمر من تحت أقدام ثباتيرو ليضعه تماما تحت حذائه عندما نسب إلى نفسه هذا النجاح القومي الباهر، فزيارة ملكي إسبانيا ليست، في نظره، أكثر من جني لثمار العمل الدؤوب لرئيسي الحكومتين المحليتين للمدينتين اللذين ينتميان بطبيعة الحال إلى الحزب الشعبي، فيما تفادى راخوي الحديث عن مسألة الحجاب في مليلية لأن الكتلة الناخبة المسلمة بها تمثل 14 ألف صوت، لا يريد الزعيم اليميني الإسباني إهداءها لثباتيرو بالجملة. ونقل عنه قوله إن ارتداء الحجاب لن يؤثر على مسلمي مليلية، لأنه واثق من إسبانيتهم، فراخوي يبدو خلال هذه الانتخابات «عالما بما تخفيه الصدور».