الملك محمد السادس يعزي في وفاة البابا فرانسوا الأول    ولي العهد يترأس افتتاح المعرض الدولي للفلاحة    صيدلية الصفوة تفتح أبوابها في الناظور بتصميم عصري وخدمات صيدلانية متميزة    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    المغرب يحتفل بالأسبوع العالمي للتلقيح تحت شعار " أطفالنا كانبغيوهم، بالتلقيح نحميوهم"    عبد النباوي: الذكاء الاصطناعي يفرض تحولات عميقة على استقلال القضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    بركة: لن نشهد مشاكل للماء في الصيف والحكومة سرعت مشاريع إنجاز السدود ومحطات التحلية    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    الرباط تحتضن منافسات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم داخل القاعة للسيدات    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    "ترانسبرانسي" تدعو للتحقيق في الاختراق السيبيراني وفي دعم الماشية وترفض الهدم التعسفي للمنازل    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    العثور على بقايا أطراف بشرية في دورة مياه مسجد    المغرب يقود تحولاً صحياً شاملاً: تنزيل مشروع ملكي نال اعترافاً دولياً    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    الوزير برادة: نتائج مؤسسات الريادة ضمانة استمرار الإصلاح التربوي بعد 2026    رئيس الجمعية المغربية لحماية الحيوانات ل "رسالة24" : الكلاب في الشارع ضحايا الإهمال… لا مصدر خطر    اندلاع حريق في "جبل خردة" يغطي مدينة ألمانية بالدخان    تحسينات جديدة في صبيب الإنترنت تفتح النقاش.. لماذا تبقى الأسعار مرتفعة في المغرب؟    نهضة بركان تصدم الإعلام الجزائري    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    نزيف التعليم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    بعد ‬تحذير ‬البنوك ‬من ‬محاولات ‬التصيد ‬الاحتيالي..‬    الغضب يتصاعد .. موظفون يشعلون نيران الاحتجاج أمام البرلمان    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    الذهب يلامس أعلى مستوى له في ظل تراجع الدولار    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    وفاة محسن جمال واحد من رواد الأغنية المغربية    كيوسك الإثنين | الداخلية تطلق ورشا ضخما لرقمنة "الحالة المدنية"    بكلمات مؤثرة.. هكذا ودع زعماء وساسة العالم البابا فرانسيس    الريسوني.. عندما تتحول معاداة الصهيونية إلى معاداة مغلفة للسامية...!    تنفيذا لوصيته.. البابا فرنسيس يختار مكان دفنه بعيدا عن تقاليد الفاتيكان    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    نهضة بركان يضع قدما في النهائي بتغلبه على النادي القسنطيني الجزائري    تراجع أسعار النفط بأكثر من واحد بالمئة في التعاملات الآسيوية المبكرة    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس غداة ظهوره في عيد الفصح    الأساتذة المبرزون يضربون للمطالبة بالنظام الأساسي    شاب يُنهي حياته شنقاً داخل منزل أسرته بطنجة    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس    الزاهي يفتح أسئلة القراءة في متون السوسيولوجي عبد الكريم الخطيبي    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواطنون منسيون همهم الطريق للبقاء على قيد الحياة
نشر في المساء يوم 29 - 01 - 2008

لا يعرفون عن الوطن أي شيء ولا عن الحكومات التي تتعاقب على تدبير شأنه، يجهلون من هو عباس الفاسي وإدريس جطو والعنصر وبوستة والقادري... وكل شخصيات صناعة القرار السياسي وتدبير الشأن العام، باستثناء المحجوبي أحرضان الذي مر من دوارهم، مرتين خلال عقد الثمانينيات، ووعدهم خيرا، لكن وعوده تبخرت بمجرد مغادرته.
دوار أيت حمزة هو أحد الدواوير النائية الواقعة خارج التغطية، التي تقع على إحدى ضفاف وادي تساوت، بعمق الأطلس الكبير على الحدود الفاصلة بين إقليمي أزيلال ووارززات، وهو كذلك أحد الدواوير المتاخمة للحدود بين إقليمين.. وضع تتقاسمه دواوير كثيرة مثله كدوار أيت علا، أفلو، أيت علي نطو، مكداز، فخور، أمزيلن وتزناخت. أيت حمزة دوار، إلى جانب غيره من الدواوير النائية بدائرة دمنات، يفتقر إلى الطريق والماء والمستوصف... دون الحديث طبعا عن الكماليات من مدرسة وكهرباء...
يقول عمر الربيعي، رئيس جمعية أيت حمزة للتنمية والسياحة التي تهدف إلى جلب الماء الصالح للشرب إلى الدوار والساقية لسقي الناس وفلاحتهم البدائية: «الطريق، تواجدها رهين بتوقف هطول الأمطار، فكلما حل فصل الشتاء، فاض النهر، فتعذر على سكان مجموعة من الدواوير الوصول إلى سوق «أفلو»، وهو السوق الأسبوعي الوحيد، الصغير والبسيط، الذي يبعد عن الدوار بحوالي 8 كلم، يقطعها المتسوقون على الأقدام، وسط مسلك جبلي وعر محاذ للضفة اليسرى للنهر، حاملين كل حاجياتهم من مواش، دقيق، قنينات غاز، سكر... كل الأساسيات التي يحتاجونها خلال الفصل الممطر، حيث يتعذر عليهم التسوق لأن الثلوج تغطي كل شيء، حتى منازلهم البسيطة والتي أنشئت بمواد محلية كالتراب والتبن والخشب، لا يبارحونها إلا لإزالة الثلوج التي تتراكم بكثرة فوق سطوحهم».
التعليم بهذا الدوار يكاد يكون منعدما، باستثناء كتاب صغير يؤمه حوالي 50 طفلا، منقسمين بين فتيان بالأسفل، يكونون حلقة يتوسطها الفقيه، وموقد للنار، لتدفئتهم، حيث تلتهم النار حطبا أخضر ينفث دخانا ، يحجب الرؤية ويصعب معه ولوج الكتاب و استنشاق الهواء به ولو لمدة قصيرة، «الأطفال يفضلون أن يستنشقوا هواء أغلبه دخان على أن يموتوا بردا»، يؤكد الحسين، أحد أبناء الدوار، «يقضون أزيد من 8 ساعات في اليوم، يتطوع أحد أبناء الدوار للقيام بدور المعلم فلا وجود هنا لفقيه حامل للقرآن. أما الفتيات- كرفاقهن بالطابق السفلي- فيتخذن من مجموعة من الأحجار كراسي لهن، بسطح الكتاب حيث البرد القارس الذي تتغير معه بشرات الصغيرات الغضة وتتشقق إثره وجناتهن مخلفا عليها خطوطا دموية».
منظر الفتيات اللواتي يجلسن فوق الأحجار، وهن يرتعشن بردا وغايتهن تحصيل بعض المعرفة ولو على قلتها، يؤكد الرغبة القوية لدى سكان الجبل في البقاء على قيد الحياة مهما كلف الأمر. جمعية دوار أيت حمزة عملت على بناء مدرسة تتكون من قسمين وسكن للمعلم، بمساهمة أهل الدوار وأطر من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، وبقي المعلم هو الهاجس، حيث تحمل المسؤولون عن الجمعية مشاق قطع مسافة تزيد على 160 كلم للوصول إلى نيابة التعليم بأزيلال، وبالتالي المطالبة بتعيين معلم بالدوار، اعتذر المسؤولون عن القطاع بلباقة ووعدوهم خيرا السنة المقبلة. يعلق أحد أبناء الدوار: «المهم أنهم وعدونا في الموسم المقبل ونتمنى ألا يطول الوعد كما فعلوا قبل خمس سنوات عندما وعدونا بإحداث مدرسة بالدوار، لكن دون نتيجة. اليوم توجد المدرسة، لكن ينقصنا فقط المعلم، فهل يرسلونه هو الآخر أم علينا تدبر معلم؟».
مستوصف أسبيرين
الحديث عن الوضع الصحي وتوفير الخدمات الصحية رفقة أبناء الدوار يكاد يكون كحديث عن معجزات، أكثر من ثمانية دواوير تبعد عن بعضها البعض بأكثر من 15 كلم، كلها طرق ومسالك وعرة، لا تتوفر إلا على مستوصف صغير جدا يوجد بدوار مكداز، يبدو المستوصف نظيفا، يسيره فرنسي وتساعده مغربية في الترجمة، حل بالمنطقة منذ 4 شهور وسيلبث هناك سنه كاملة، في إطار مهمة كلف بها من طرف جمعية تسادور (وهي جمعية فرنسية تأسست سنه 2002 من طرف الفرنسي هنري نافار، وهي الجمعية التي قامت بإحداثه سنة 2004، نفس الجمعية الفرنسية هي التي ما زالت تسهر على تسييره. في البداية، اكتفت الجمعية بتوزيع بعض الأدوية البسيطة، إلا أن وزارة الصحة سرعان ما تدخلت وأضحت تزود المستوصف ببعض المستلزمات الطبية العادية كالأسبرين وحبوب منع الحمل...» المريض ينتظر قدره ويمتثل لمشيئة الله، حتى توافيه المنية بمنزله، لأنه غير قادر على مواجهة تكاليف العلاج، والانتقال إلى مستشفيات بعيدة سواء بدمنات أو بمراكش زاد من بعدها عدم وجود الطريق.
مواطنون لا يعرفون عن الوطن أي شيء ولا عن الحكومات التي تتعاقب على تدبير شأنه، مجموعة من قاطني الدوار أجمعوا على أنهم يجهلون من هو عباس الفاسي وإدريس جطو والعنصر وبوستة والقادري... وكل شخصيات صناعة القرار السياسي وتدبير الشأن العام، باستثناء المحجوبي أحرضان الذي مر من دوارهم في طريقه من مدينة وارززات، مرتين خلال عقد الثمانينيات، ووعدهم خيرا، لكن وعوده تبخرت بمجرد مغادرته للجبل، ومن غيره لم يزرهم أحد قط، حتى المرشحون للانتخابات التشريعية لم يسبق لهم أن زاروا الدوار وإنما ينوب عنهم الوسطاء في ذلك، مقابل بعض الوعود البسيطة كإصلاح المسلك الطرقي أو... وهي مطالب يوصلها الوسيط للمرشح رغم أنهم يجهلون ما هو الحزب الذي ينتمي إليه، كل همهم «أبريد أبريد أبريد» الطريق الطريق الطريق .
«لقد سمعنا أن دوار آيت عبدي في زاوية أحنصال كتبت عنه الجرائد، وزاره الوالي ووعد سكانه بإنجاز الطريق وبزيارتهم ولو على ظهر الدواب. نتمنى أن يزورنا بعض المسؤولين نحن كذلك، لا نريد وظائف ولا نريد شيئا فقط «أبريد أبريد «الطريق الطريق، لنتمكن من العيش في وقت الثلوج، وإيجاد الماء في فصل الصيف»، يقول شيخ مسن من ساكنة الدوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.