لم يصدر، إلى حد الآن، أي بلاغ عن مصالح الخارجية المغربية يدين الاعتداءات المتكررة للقوات الإسرائيلية على قطاع غزة، التي تغرق لليوم الثالث على التوالي في ظلام دامس نتيجة الحصار الذي فرض على القطاع منذ أزيد من أسبوع. ويزيد من وطأة صمت الموقف الرسمي المغربي، بخصوص هذه القضية، فتور تفاعل الشارع المغربي مع القضايا القومية مقارنة مع ما كان عليه الحال في السابق. فرغم مرور أزيد من أسبوع على بداية الحصار الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، وارتفاع حصيلة الشهداء التي خلفتها الغارات الإسرائيلية، فإن تفاعل الشارع المغربي، الذي كان يخرج في السابق في مسيرات بالآلف، ظل إلى حد الآن جد محدود، فباستثناء الوقفات الرمزية التي نظمتها مجموعة العمل الوطني لمساندة العراق وفلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني أمام مقر الأممالمتحدة بالرباط، والتي لم يتجاوز صداها محيط بناية هذه المؤسسة الدولية، فإن الشارع المغربي ظل يغط في نوم عميق. وفي الوقت الذي عزا فيه عدد من المراقبين ضعف تجاوب الشارع المغربي مع القضايا القومية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إلى حالة اليأس التي أصبح يعيشها المواطن المغربي وانشغاله بالأساس بقوته اليومي ومعاناته الاجتماعية، نفى خالد السفياني، رئيس المؤتمر القومي العربي، أن يكون هناك أي ضعف مسجل في هذا المجال، مشيرا في تصريح ل«المساء» إلى أن تحركات كثيرة انطلقت مباشرة عقب بداية هذا العدوان، بمبادرة قامت بها كل من مجموعة العمل الوطني لمساندة العراق وفلسطين، والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، والتي عرفت مشاركة العديد من الأمناء العامين للأحزاب السياسية والمسؤولين النقابيين والحقوقيين. وبخصوص حصول تراجع في ما يتعلق بالتفاعل مع القضايا القومية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، نفى السفياني ذلك وأوضح أن الأمر يتعلق فقط بجو التعبئة، وأن القيام بوقفة احتجاجية أو مسيرة تحتاج من الهيئات المنظمة وقتا ليس باليسير وتعبئة كافة الطاقات، مضيفا في السياق ذاته أن المغاربة لم ينسوا فلسطين وأنهم يعتبرونها جزءا لا يتجزأ من قضيتهم، مضيفا أن عمل المجموعة التي يتحرك فيها جاء مباشرة عقب العدوان. وحول طبيعة العوامل التي تتحكم في نوعية المشاركة في تلك الوقفات، اعتبر السفياني أنه لا يمكن القياس على ظرف معين، وأن ذلك يتوقف أيضا على جو التعبئة ومدى انشغال الأطراف السياسية المغربية بقضايا أخرى. إلى ذلك، أوضح عبد العالي حامي الدين، منسق مبادرة الاحتجاج على العدوان، التي انطلقت فعاليتها مساء أمس الاثنين أمام البرلمان بالرباط، أنه ليس هناك أي انكفاء في ما يخص التفاعل مع القضايا القومية، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه: ربما أن الشارع المغربي يحتاج إلى بعض التحقينات حتى يمكن له التعبير عن دواخله»، مضيفا أن العديد من المبادرات التي تتخذ في هذا الشأن تكون في البداية محتشمة، لكن سرعان ما تتطور إلى مسيرات كبرى كما حدث خلال سنوات 2003 و2005. وبخصوص ظاهرة ضعف تجاوب الشارع المغربي مع ما يحدث الآن بقطاع غزة، رفض حامي الدين أن يتم وصف هذه الظاهرة بالضعف، مضيفا أنه ليس هناك أي تراجع في هذا الشأن وكل ما هنالك هو تعدد المبادرات وتنوع الأشكال التضامنية، لكنه يستدرك ويضيف: «الذي يعرف التراجع هو بعض الهيئات السياسية التي كانت في السابق تشتغل على هذه المواضيع، مثل الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، اللذين لوحظ عليهما -يضيف حامي الدين- انطلاقا من 10 سنوات الأخيرة ضعف تعاطيهما مع القضية، كما تم تسجيل تراجع بعض المركزيات النقابية عما كانت عليه في السابق. وحول تأثير الفضائيات العربية وما تبثه يوما من أخبار عن القضية، وما إذا كانت لعبت دورا في امتصاص غضب الشارع المغربي، قال حامي الدين إن العكس تماما هو الذي وقع وأنها ساهمت بشكل كبير في حشد التعبئة. من جهة أخرى، كشفت مصادر مقربة من مجموعة العمل الوطني لمساندة العراق وفلسطين أنه يتم التفكير حاليا في تنظيم مسيرة وطنية كبرى تنديدا بهذا العدوان.