في الوقت الذي لم تسفر نتائج المفاوضات بين المغرب والبوليساريو برسم الجولتين السالفتين عن أي نتيجة تذكر. كانت مصالح السفارة الأمريكية بالرباط تربط اتصالات مباشرة مع نشطاء في ما يسمى ببوليساريو الداخل. وحسب مصادر مطلعة فإن السفارة الأمريكية بالرباط هي من بادرت بربط الاتصال بهؤلاء. والتقت بهم في أكثر من مرة، وكان أبرز هذه اللقاءات قد تم بمنتجع سياحي بالعيون خلال شهر نونبر الماضي عقب منع السلطات المغربية بالعيون مؤتمرا لجمعية حقوقية صحراوية معروفة اختصارا ب«الكوديسا». وكشفت المصادر ذاتها أن هذا اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين حاول فيه المسؤولان الأمريكيان إقناع الناشطين الصحراويين بالقبول بمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب والخضوع للأمر الواقع. واستند المستشار القانوني والسياسي للسفارة الأمريكية، المكلف بمجال حقوق الإنسان، في محاولته لإقناع مخاطبيه إلى التجربة الأفغانية. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن ممثلي السفارة حاولا طيلة هذا اللقاء معرفة ما إذا كانت هناك فعلا أطراف تمثل البوليساريو بالداخل وطبيعة التأثير الذي تتمتع به داخل المناطق الصحراوية الخاضعة للنفوذ المغربي. وتضيف المصادر أن ممثلي السفارة الأمريكية بالرباط عرضا على مخاطبيهما إمكانية التوسط لدى الدوائر الرسمية المغربية وعقد لقاءات مباشرة مع هذه الدوائر في أفق حل مختلف النقط العالقة والمرتبطة بمجال حقوق الإنسان بالمنطقة. وحسب المصادر المشار إليها فإن النشطاء الصحراويين رفضوا خلال هذا اللقاء التعامل معهم على أساس أنهم يمثلون جبهة البوليساريو بالداخل وأن حضورهم خلال هذا اللقاء بصفتهم نشطاء حقوقيين لا غير. إلى ذلك أوضح علي سالم التامك، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان «الكوديسا» الذي تم منعه، أن هذا اللقاء يندرج في إطار العلاقة التي تربطهم بالسفارة الأمريكية بالرباط منذ نهاية التسعينات على أرضية وصفها بالواضحة «وهي وضعهم في صورة ما يحدث بالمنطقة من خروقات وانتهاكات»، مضيفا في تصريح ل»المساء» أن مبادرة السفارة الأمريكية لعقد هذا اللقاء تدخل في إطار انشغال مصالح الخارجية الأمريكية بوضعية حقوق الإنسان بشمال إفريقيا وذلك في إطار انجاز تقارير سنوية. وكشف التامك أن أعضاء الكوديسا تربطهم علاقات أخرى بعدد من المصالح الخارجية بدول أخرى، ذكر من بينها كلا من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وإيرلندا. وبخصوص طبيعة المواضيع التي تمت مناقشتها خلال هذا اللقاء قال التامك إنه تم التطرق إلى جملة من القضايا، من بينها الانتخابات ووضعية حقوق الإنسان بالمنطقة. كما حاول الطرف الأمريكي، يضيف التامك، إثارة مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، مشيرا إلى أن أعضاء جمعيته رددوا على مسامع ممثلي السفارة الأمريكية موقفهم المتمثل في «ضرورة احترام حق تقرير المصير للشعب الصحراوي». وقد مثل وفد السفارة الأمريكية كل من كريك كارب بصفته مستشارا في الشؤون السياسية وسبق له أن شغل نفس المنصب بالسفارة الأمريكية بأفغانستان، إلى جانب مستشار آخر مكلف بمجال حقوق الإنسان.