تتضاعف بإيطاليا أرقام الأسر المغربية والنساء اللاتي تنتزع منهن المؤسسات الاجتماعية أبناءها الصغار، وتحتل جهتا البييمونتي ولومبارديا القمة في هذا الأمر، ليبدأ الموضوع يثير قلق مغاربة إيطاليا ويؤرق بشكل كبير النساء منهم، خصوصا اللواتي يعشن مشاكل أسرية واجتماعية. فغالبية الصغار المغاربة الذين حرمتهم آلة القانون الإيطالي من أسرهم وأمهاتهم بشكل خاص، يسلمون إلى أسر إيطالية لاحتضانهم ولتلقينهم ومنحهم ثقافة وهوية تختلف، شكلا ومضمونا، عن الثقافة المغربية الإسلامية. هذا الموضوع إن كان يمثل، بالنسبة إلى الجالية المغربية والجاليات الأخرى المقيمة بإيطاليا، كابوسا وقلقا مستمرا، فإن بعض الأسر الإيطالية غير القادرة على الإنجاب تجد فيه خلاصا من الوحدة القاسية التي تعيشها داخل مجتمع يعاني من شيخوخة مرتفعة جدا. بمدينة ريدجوإيمليا (جهة إيمليا رومانيا بالشمال الإيطالي)، تحولت قضية انتزاع طفلتين من أمهما المهاجرة المغربية. أمينة غيات، إلى قضية رأي عام، هناك، بعد أن قررت هذه الأخيرة الدخول في إضراب عن الطعام وطرق أبواب وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الإيطالية من أجل استرجاع فلذتي كبدها اللتين سلمتهما إحدى المساعدات الاجتماعيات بمدينة ريدجوإيمليا إلى أسرتين مختلفتين بنفس المدينة. فالأم أمينة لم تكن تتوقع أن التجاءها إلى مكاتب المساعدة الاجتماعية للتخلص من عنف زوجها الإيطالي الممارس على طفلتيها اللتين أنجبتهما من زوج مغربي سابق، سيجعلها تعيش، لأكثر من سنتين، بعيدة عنهما، بينما هما في حضني امرأتين إيطاليتين حرمتهما الطبيعة والظروف من الأمومة. فبعد أن سجلت محضرا ضد زوجها لدى جهاز الشرطة بمدينة ريدجوإيمليا، كما نصحتها بذلك إحدى المساعدات الاجتماعيات هناك، وجدت نفسها وبشكل قانوني تحرم نفسها من الطفلتين بعد أن قررت محكمة المدينة، بناء على تقارير المساعدة الاجتماعية نفسها، إبعادهما عنها بذرائع شتى لم تتمكن أية جهة من التأكد منها. كانت أول تهمة وجهت إلى المغربية أمينة هي تهمة الاعتداء الجنسي على الطفلتين (9 و7 سنوات)، فرغم أن مكتب المساعدة الاجتماعية، وبعد تسلمه الطفلتين، أجرى فحصا طبيا عليهما أثبت أنهما سليمتان من أي اعتداء جنسي، فإن المسؤولين عنه يدعون عكس ذلك بالاعتماد على رواية تحفظها الطفلتان وتحكيها كل واحدة منهما بشكل متناقض، وعلى تقرير الطبيب النفسي المعالج لهما الذي يتضمن 400 صفحة. أمام تعقد تفاصيل الملف وإحساس أمينة بأن هناك محاولة حقيقية لحرمانها إلى الأبد من طفلتيها، قررت توكيل عدد من المحامين بمدينتي ريدجوإيمليا وبولونيا بعد أن وجدت أبواب الجمعيات والقنصليات المغربية وحتى سفارة الممكلة بروما جميعها موصدة ولا أحد فيها له رغبة حقيقية في مساعدتها. فقد التجأت إلى جمعية «أكميد دونا» المغربية بروما التي تهتم بمشاكل المهاجرات المغربيات بإيطاليا، إلا أن رئيستها رفضت تقديم أية مساعدة إليها، لتتوجه إلى جمعيات أخرى وتطرق أبوابها دون كلل أو ملل، كما لم تتردد في السفر إلى عدد من المدن الإيطالية بالشمال والوسط بحثا عن أية جهة أو مسؤول أو إعلامي بإمكانه مساعدتها على استرداد ما أخذ منها. قضية أمينة تعيشها نساء كثيرات بإيطاليا حرمن، بشكل غير مفهوم، من أطفالهن في ظل ظروف هجرة قاسية وتجاهل تام لمؤسسات وجمعيات حقوقية بإيطاليا، فغالبيتهن أصبحت تظهر عليهن علامات المرض النفسي المؤدي إلى الجنون، لتبقى قليلات منهن فقط صامدات، رغم ما يكابدنه، وفي بحث لا يفتر عن أي بارقة أمل في استعادة أغلى ما ضاع منهن.. فلذات أكبادهن.