– أنت ممنوع من الترشح حسب ما قاله عبد الإله ابنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.. الذي أعرفه أن هذا الكلام صرح به الأستاذ عبد الإله بنكيران أمام نخبة من الصحافيين، ولكن هذا التقدير لا علاقة له بمنظومة حزب العدالة والتنمية، اللهم إذا كان الأمر يتعلق برأي خاص عبر عنه بنكيران، وعلى هذا الأساس، لا يمكن لأي أحد أن يحجر على رأيه، ولا أعرف إن كان ما قاله يتخذ طبيعة التوجيه أو شيئا آخر، بيد أن الثابت داخل حزبنا أن الرأي حر والقرار ملزم، بمعنى آخر، فإن قول بنكيران بأني ممنوع من الترشح أمر يعنيه شخصيا ولا يخص الحزب. والأستاذ بنكيران لا يملك في الحزب قرار الترشيح ولا أن يرشح أحدا، لأن ثم منظومة مساطر تؤطر الحزب تجعل من مسألة الترشيح حقا حصريا لأعضاء حزب العدالة والتنمية. من يحاول الترويج بأن حزب العدالة والتنمية يشبه باقي الأحزاب الأخرى مخطئ تماما، لأن حزبنا يستمد قوته من الديمقراطية الداخلية المتينة التي أسسها عبر سنوات، وليس بمستطاع أي شخص سواء أنا أو الأستاذ عبد الإله بنكيران أن يقوضها بمجرد تصريح. – أعتقد أن ما قاله بنكيران ليس مجرد رأي خاص وأنه سبق للأمانة العامة أن جمدت عضويتك في هياكل الحزب، بصيغة أوضح: مالو معاك؟ دعني أكمل فكرتي السابقة. إذا كان ما صرح به الأستاذ بنكيران يدخل ضمن باب التوجيه أو الرأي الحر في إطار نقاش عادي، فلا ضير في ذلك، لأن البيجيدي مؤسسة تتوفر على هياكل وعلى أعضاء فاعلين ومساطر الترشيح لا يتحكم فيها بنكيران ولا غير بنكيران، أي أن منظومة المساطر لا تسمح لأحد بأن يترشح أو أن يمنع الأعضاء الآخرين من الترشح. وفي الأخير، أدرك جيدا أن بنكيران يعرف هاته المساطر، ولاسيما أنه ابن الحزب، ولا يقدر، مهما كانت الأحوال، أن يتجاوز مساطر الحزب المتعارف عليها منذ زمن طويل. – لكن ما الذي يدفع بنكيران إلى التصريح بأنك ممنوع من الترشح، وهو القرار الذي أثار غضبا واسعا في صفوف أعضاء من شبيبة الحزب؟ لا بد أن يعرف الجميع بأننا نعيش مرحلة حاسمة ومفصلية في تاريخ المغرب ستتوج بتقدم كبير، ومن المنتظر أن تندلع في هذه الأسابيع والشهور معارك طاحنة، فالقوى الإصلاحية تسعى لتثبيت الانتقال الديمقراطي وترسيخ قيم العدالة وتحقيق التنمية، وتدافع عن حق المغاربة في توزيع ثمار النمو، كما أن هناك جهات مستفيدة مستبدة تريد أن يعود المغرب إلى التحكم والفساد، وهذه الجهات تفعل كل شيء وتوظف كل الوسائل وتضغط لهدف واحد هو إسقاط حزب العدالة والتنمية، ولم يفلحوا في مسعاهم لأن الأساس الذي ينطلقون منه فاسد وخاطئ. – لكن بنكيران، إذا فهمت مقصودك، ليس عضوا في الدولة العميقة؟ أحس وكأنك تتهرب من الجواب عن السؤال. «وغير سمعني»، هناك مخاض عسير جدا يجب أن نعترف به جميعا. نحن في حزب العدالة والتنمية بمعية القوى الإصلاحية الأخرى نؤمن بأن المغرب قادر في المرحلة المقبلة أن يحرز رهان الانتقال الديمقراطي، والشعب سيختار رئيس الحكومة والتحالفات ستدبر بطريقة ديمقراطية. بطبيعة الحال، ثمة حراك في المجتمع وداخل الدولة، وبالتالي فإن النقاشات الدائرة حاليا لا تنهض بمعزل عن الأحداث والسياقات التي تحيط بنا، ومن الطبيعي جدا استحضار النقاشات التي تعتمل، سواء داخل الدولة أو داخل المجتمع، وفي الغالب أن بنكيران يستحضر كل هاته الأشياء وهو يعبر عن رأيه، لاسيما أن الجميع يعلم حرص الدولة العميقة الراعية للمشروع «البامجي» على إزاحة الأصوات المنافحة ضد البؤس. بصيغة أخرى، فإن الأستاذ عبد الإله بنكيران يتحدث ربما بناء عن معطيات وتحليلات، ولا أعتقد أنه يريد استهدافي. في العدالة والتنمية، وهذه حقيقة يعرفها البؤساء، ثمة تماسك قوي جدا، من الصعب أن ينهار بمجرد تصريح أو اختلاف في الآراء أو حتى مناقشة حول توجهات الحزب. – أنطلق مما قلت لأطرح سؤالا حول ما إذا كان بنكيران أو حزب العدالة والتنمية رضخا للدولة العميقة، وقد أثبتت قضية حامي الدين أن القرار الحزبي للبيجيدي يخضع للضغط كذلك.. في قضية حامي الدين التقطت الدولة النقاشات التي تعتمل داخل الدولة، ولكن لا يفسر ذلك بأنه خضوع، لأنه في بعض الأحيان لا يمكن أن تخوض صراعات تقدر أنه لديك ما يكفي من الوسائل للاستمرار في التقدم، فإما أن تؤجل المعارك أو تسحبها من جدول الأعمال. حزب العدالة والتنمية لا يعيش بمنأى عن التفاعلات التي تجري بالمغرب، ولن يتجاهلها على كل حال، وكلما اقتربت المعركة الطاحنة أي الانتخابات التشريعية المقبلة ستشتد ضراوة التفاعلات على كل الأصعدة. وسيتلقى حزبنا المزيد من الضربات تحت الحزام، وسيسعى تيار البؤس إلى محاصرة تجربة الحزب الحكومية وقد يوظف ما لا يخطر على بال من الوسائل، وفي إطار هذه التفاعلات التي ألفناها ونعرف مضمونها وسبق لنا أن تصدينا لها وقاومناها بل انتصرنا عليه. لا مناص من التأكيد على أن اللحظة السياسية صعبة وحاسمة وعلى أعضاء حزب العدالة والتنمية وقوى الإصلاح المختلفة أن توحد جبهتها ضد قوى النكوص. – وضعيتك في الحزب لا تزال غامضة، فهيئة التحكيم التي عرض عليها ملفك من لدن الأمانة العامة لم تحسم إلى حدود اليوم فيه.. «معندها ما تحسم» ولن تحسم شيئا، ولم يعرض عليها أي شيء، وقضيتي سياسية وليست حزبية «ولم يعرضوا شيئا ولا هم يحزنون»، والقرار الاحترازي الذي اتخذ وقتئذ كأنه لم يكن، وقد قدمت استقالتي وقتئذ من رئاسة هيئة النزاهة والشفافية بغية أن يستمر عملها. ما حدث كان موقفا سياسيا عبر عنه الإخوان أكثر من مرة. وليس في أيديهم أي شيء حتى يقدم لهيئة التحكيم في الحزب، إذ كيف يعقل أن تزور جزءا من تراب بلدك وتحاسب على ذلك: إنها سخافة ومسخرة أعتقد أننا تجاوزناها. ولا أعتقد أن الحزب سيتحدث عن الأمر في الأيام المقبلة لأنه لا يتوفر على أي دليل أو حجة ضدي، وكما قلت لك، فإن القضية ذات بعد سياسي محضر أملتها ظروف معينة لا أقل ولا أكثر. – أود أن تجيبني بصراحة دون استحضار سياقات الدولة العميقة كما تسميها: هل تنوي الترشح في الانتخابات المقبلة؟ يعد من باب قلة الأدب مع المناضلين، إذا ما جاء عضو من الحزب وقال إني سأترشح أو لن أترشح في الانتخابات المقبلة. هذا السلوك داخل حزب العدالة والتنمية يعتبر من قلة اللياقة، لأن الترشح من عدمه يعدو لإرادة للمواطنين. وحينما يرشح الأعضاء أحدا، من حقه ساعتئذ أن يعتذر عن الترشيح، وبالتالي لابد من الحرص على الحفاظ على هذه المنظومة لأنها ذات مستوى أخلاقي عال، وإذا حدث أن قام أحد الأعضاء بذلك، فإنه سيكون بصدد العبث بقوانين الحزب ومساطره. نحن رهن إشارة المناضلين وفق المنظومة المنصوص عليها في الحزب. وقبل كل شيء، يجب أن نعزز التراكم المعتبر الذي حققه الحزب في ميدان تدبير الترشيحات، لا أن نهد مكاسب حققها مختلف أعضاء الحزب في كل هياكله، لأن المواطنين الذين يثقون في حزب العدالة والتنمية يقدرون ديمقراطيته الداخلية ويعرفون تفاني مناضليه في خدمته لا أن يلهثوا وراء البحث عن الترشيحات. – تفجر مؤخرا ما أصبح يعرف بقضية «الشهادة الطبية» التي قدمها عمدة مدينة الرباط، المنتمي إلى حزبكم، من أجل إثبات العجز الطبي والاستفادة من تعويضات كبيرة، كيف تنظر إلى هذه القضية؟ من خلال ما تابعته إلى حدود اليوم لم يثبت ذلك. ولا علم لي بوجود شهادة طبية. الذي أعرفه في تقاليد حزب العدالة والتنمية، خاصة وأني كنت رئيسا للجنة الشفافية والنزاهة، أن المسطرة في مثل هاته القضايا أو المواقف تتحرك المسطرة بطريقة تلقائية، ولاشك أن الحزب سيسعى إلى توضيح هذه القضية للرأي العام. في العدالة والتنمية ليست هناك قضية، يمكن أن نغض عنها الطرف وأخرى نحقق فيها، هذه ليست من عاداتنا ولا من سلوكاتنا الديمقراطية، وأنا متيقن أن الحزب سيعالج القضية دون أي مركب نقص، وهذا يصب في مصلحة الحزب وفي مصلحة مجلس الرباط والأخ الصديقي، ونطمئن الرأي العام أن الموضوع سيأخذ مجراه إلى البحث والتقصي. ليس ثمة أي محاباة في التعامل مع الملفات. – أثير مؤخرا نقاش حول تخفيض العتبة الانتخابية، وفهم كثيرون، ومن بينهم أعضاء من حزب العدالة والتنمية، أنها محاولة لمحاصرة نتائج الحزب في الانتخابات المقبلة، كيف ترى السجال المطروح حاليا حول العتبة؟ أعتقد أن بعض الأحزاب والتيارات لديها حساباتها الخاصة بها، وللأسف تصرح الآن بعكس ما كانت تؤمن به في السابق. وأدعو حقا هاته التيارات إلى أن تبقى منسجمة مع نفسها. يظهر لي أن النقاش الذي من المفترض أن يكون موضع نقاش بين الجميع هو كيفية إفراز اتجاهات سياسية حقيقية أما إذا كان النقاش من أجل أن نضمن لحزب معين حصته في الانتخابات المقبلة كي لا يتدحرج إلى مستويات سيئة، فهذا نقاش لا معنى له وذو مضمون فارغ، بمعنى آخر، لا يجب أن تخفض العتبة بغية إنقاذ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بصيغته الحالية: «هادي مبقاتش سياسة هذه انتهازية حقيقية» أما إذا كان النقاش يصب في اتجاه استيعاب حساسيات سياسية تعبر عن حاجة مجتمعية إليها، من قبيل فيدرالية اليسار، فهو نقاش محمود ولا ينطوي على أي إشكال. ثم إذا قررت الأحزاب الكبرى أن تتفق على عتبة مرتفعة لمواجهة البلقنة السياسية، فلا يجب أن تحرم باقي الأحزاب من وسائل الدعم. أؤكد، مرة أخرى، أن تخفيض العتبة من أجل الحفاظ على موقع حزب تراجع بسبب مواقفه من المسار الديمقراطي في الآونة الأخيرة بمعنى آخر، يتوجب أن يكون النقاش متكئا على أسباب موضوعية معقولة، أما أن يحول إلى مجرد مطية تهدف إلى الحفاظ على موقع حزب معين، وهنا أقصد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالتحديد الذي دافع عن تخفيض العتبة، فهذا يشبه كثيرا الريع السياسي ولن نقبله بتاتا. حزبنا لا يخاف من العتبة ولا من النقاش، لأننا واثقون من أنفسنا ومن قدرة تيار الإصلاح على هزم تيار البؤس. – أعرف أن السؤال طرح عليك مرات كثيرة، لكن اللحظة السياسية تفرضه بقوة، هل يمكن أن يأتي يوما ونرى تحالفا بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة؟ لا يمكن ذلك إلى يوم يبعثون. وأنا متأكد، تمام التأكد، أن التضييق على الأستاذ عبد الإله بنكيران وحزب العدالة والتنمية وعلى تجربته الحكومية يبتغي تحقيق هذا الهدف لأن ثمة جهات في الدولة العميقة تدفع في اتجاه التحالف مع البؤس خشية عدم استمراره، وهما خطان متوازيان لن يلتقيا إلى يوم يبعثون، وأعلنها بشكل صريح: لا تحالف مع البام بأي ثمن. العدالة والتنمية ينتمي إلى تربة عبد الكريم الخطيب، والخطيب رجل كفاح، والحركة الإسلامية في المغرب كانت في طليعة الحركات الإصلاحية بقيادة السوسي وبلعربي العلوي المدغري، وهل تعتقد أن تيار الإصلاح يمكن أن يجتمع مع تيار الإفساد. بالبت والمطلق. وليس هناك عضو داخل حزب العدالة والتنمية يدافع عن هذا التحالف أو يرنو إليه، وكل ما يقال عن التقارب بين الحزبين، هي إشارات يروج لها حزب البؤس في أفق الانتخابات المقبلة ليبرز حزبنا بمظهر الخاذل لتوجهاته وقناعاته الحزبية. أرددها مرة أخرى: نتحالف مع الجميع ومستعدون للانفتاح على جميع فرقاء المشهد السياسي إلا المشروع البامجي. -هل ترون أنفسكم أقرب إلى حزب الاستقلال في صيغته الجديدة؟ حزب الاستقلال كما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مدرستان كبيرتان. وللأسف حزب الاتحاد يمر اليوم بأوضاع صعبة. نحن مستعدون للتحالف مع القوى الإصلاحية بدون استثناء، بمعنى أننا متشبثون بكل الأحزاب السياسية المغربية سواء المصطفة في المعارضة أو المشاركة معنا في الحكومة. البعض يريد أن يبين حزبنا بمظهر الحزب المنغلق الرافض لباقي الأحزاب السياسية الأخرى، لكننا حزب منفتح لا نرسم أي خطوط حمراء في وجه الأحزاب السياسية الأخرى. هناك استثناء واحد ووحيد هو المشروع البامجي، لأننا لا نلتقي معهم في أي شيء، وفي الأخير «أرض الله واسعة ومكينش غير الحكومة». – وجه صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار نقدا قاسيا لعبد الإله بنكيران ولحزبكم، وتوقف مزوار طويلا عند أخطاء البيجيدي في التدبير الحكومي وبدا وكأنه يشكل تيارا معارضا من داخل الحكومة، إلى أي حد قد تكون هذه الانتقادات موضوعية ومشروعة؟ ليست مشروعة ولا موضوعية. في حدود علمي فتراث الأحرار لا علاقة له بالبؤس الذي تلفظ به صلاح الدين مزوار، فمؤسس الحزب السيد أحمد عصمان كان رجل دولة، ثم التدبير القدير للأستاذ مصطفى المنصوري لشؤون الحزب وعلاقاتهم الأفقية داخل حزبهم والأواصر التي كانت تربطهم بالمناضلين في الكثير من الجهات، هي كلها مقومات لا تتوافر في التجربة الحالية. ما يقوله صلاح الدين مزوار غريب جدا عن ثقافة حزب التجمع الوطني للأحرار بل ودخيل على الممارسة الحزبية الداخلية، ثم إن ما قاله في المجلس الوطني الأخير لا علاقة له بالواقع، وكان في تقديري البسيط «يحكي حكايات.. حكايات وحكايات». لا أفهم كيف لا يعي هؤلاء أن ذاكرة المغاربة قوية جدا ودائما ما تمتلك الخيط الناظم لتفسير الأحداث والمواقف، ولذلك صوتوا من أجل توطيد أركان الإصلاح الديمقراطي في 2015. ألم يتعظوا من نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة التي احتل فيها العدالة والتنمية مواقع متقدمة، ألم يكن تصويتا دالا على قوة الحزب وإيمان المغاربة بمشروعه الإصلاحي؟ إذا غفلوا بالفعل عن هاته المعطيات فإنهم لا يستخلصون الدروس. المغاربة يميزون بين الغث والسمين ويدركون أن مدرسة التجمع الوطني للأحرار مدرسة وسطية، وعلاوة على ذلك، يعرفون أن البعض كان يحاول أن يلحق الحزب بتيار البؤس. ولولا مجريات حركة عشرين فبراير لتحقق لهم ما أرادوا. بطبيعة الحال، نحن نتفهم أن البعض يحن للعودة إلى الماضي كي يقوم بما عجز عنه طيلة سنوات، ومع ذلك، فحزب العدالة والتنمية ومعه جميع القوة الإصلاحية بالبلاد ستتصدى بقوة لأي مشروع يبغي أن يقوض تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب. – نادى الكثير من أعضاء حزب العدالة والتنمية بالتحالف أو التنسيق مع أحزاب فيدرالية اليسار، ألا تتفق مع الرأي القائل أنه في مسيرة الإصلاح لا تهم المرجعيات؟ أعتقد أن التحالفات ترتبط دائما بنتائج الانتخابات، وأنا أتمنى أن ينهض التنسيق مع فيدرالية اليسار، ولنا الشرف أن نتحالف مع مناضلين شرفاء من أمثال الأستاذ بنعمر، فهو من القامات الكبيرة، ورمز من الرموز الوطنية الشاهدة على الصمود. وأتصور أن الإنسان يجب أن يكون غير سوي لكي يقول إنه لا يريد التحالف مع مناضلين من قامة بنعمر، وحتى المكونات الحزبية الأخرى تمتلك كفاءات كبيرة وطاقات شابة ممتازة، وبيان ذلك أنهم يتوفرون على منتخبين في الرباط يقومون بمجهودات متميزة لا ينكرها أحد، وبصدق نشجع هاته المبادرات، ولئن كان حزبنا يختلف كثيرا مع قوى اليسار في المرجعيات إلا أنهم يلتقون كثيرا في المشاريع الاجتماعية الرامية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. أرجو أن يحدث نوع من الاجتهاد الفكري من الطرفين، ليس من أجل تغيير المرجعيات، وإنما بغاية إيجاد مساحات مشتركة للاشتغال، لاسيما إذا استحضرنا ما يحاك ضد الدولة والأمة المغربية، ثم استحضار المتغيرات الطارئة في المحيط الإقليمي خاصة في جنوب أوربا أمام تصاعد أحزاب يسارية قوية من قبيل حزب بوديموس في إسبانيا، فالسياسة في الأخير تخطيط استراتيجي، والذي يعرف حزب العدالة والتنمية عن قرب يعرف أنه حزب سياسي، يتشبث بمرجعيته لكنه لا يلبث في التنازل إذا تعلق الأمر بالتفاوض أو التداول حول قضايا تهم مصالح المغرب العليا، وقد نجحت تجربة التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية ذو المرجعية اليسارية، وإن كان ثمة الكثير من الاختلافات المرجعية، فإننا استطعنا طيلة خمس سنوات تقريبا أن نتعايش وأن نخدم المشروع الإصلاحي. رأيي في هؤلاء: عبد الحميد شباط.. كان يرجى منه أن يحسن وضعية الحزب وأن يقوي أجهزته، لكن الذي حدث أنه تلقفه البؤس، وأتمنى أن يقطع صلته به وأن ينجح في افتكاك الحزب من هذا البؤس، إذ يبدو أن أجزاء من الحزب وقعت بين مخالب الدولة العميقة. حسن أوريد.. كفاءة علمية حقيقية وشخصية مقتدرة. وما كتبه مؤخرا عن تجربة الإسلاميين يستحق النقاش، لأن أطروحة ما بعد الإسلاموية تنتمي إلى المدرسة الفرنسية، ولم تأت بنتيجة في أوقات سابقة. ما أرجوه من الأستاذ حسن أوريد أن تكون الاستنتاجات التي توصل إليها تصدر بالاستناد إلى تحاليل علمية لا أن تتحكم فيها توجيهات مدرسة فرنسية معروفة قالت بما بعد الإسلاموية، وأنا أقول أن المغرب يعيش حاليا المرحلة الإسلامية، وأرجو أن يستمر في البحث عن الخصوصية المغربية، كما ألفت انتباهه إلى أن استمرار المدرسة الإصلاحية نابع من التيار التجديدي. إدريس لشكر.. ينتمي إلى مدرسة كبيرة بمضمون هزيل.