كان ومازال الجدل قائما حول مهارة المرأة في قيادة السيارة، ولن يتوقف البعض من السائقين الذكور عن الاحتجاج على طريقة قيادة النساء السائقات، معربين عن نفاذ صبرهم حيال طريقتهن في القيادة، إذ غالبا ما تتهم المرأة في كثير من الأحيان بعدم قدرتها على التحكم في المقود وتطويع السيارة بنفس مهارة الرجل، فالبعض يعزي ارتباكها لعدم قدرتها على ضبط النفس، كلما شعرت بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتكابها لأخطاء تجعلها تحت رحمة منبهات الصوت التي تزيد من ارتباكها، على عكس الرجل، الذي تجده يجازف ويغامر أثناء القيادة حتى وإن كان حديث الحصول على رخصة السياقة، وهذا ما لا تجرؤ عليه المرأة ولو قادت السيارة لسنوات طوال، ولكن رأي البعض الآخر كان مختلفا وصب في صالح المرأة، حيث يرى مناصرو القيادة النسوية أن المرأة هي أكثر احتراما للضوابط القانونية للسياقة، إذ تحرص على تطبيق قانون السير بحذافيره فتحترم إشارات المرور وعلامات التشوير، وهي أقل المتسببات في حوادث السير، في الوقت الذي اعتبر فيه البعض الآخر أن مسألة الحديث عن خوف المرأة أثناء السياقة أضحى متجاوزا. مهارة المرأة في قيادة السيارة الجدل الذي لا ينتهي «سوكان لعيالات» «هذه عبارة تقال في أغلب الأحيان للتعليق على أسلوب سياقة النساء»، هكذا علقت إحدى السيدات المنتميات لمؤسسة إعلامية، قبل أن تتذكر مجموعة من المواقف التي تعرضت لها خلال شهورها الأولى في قيادة سيارتها، فقد كانت كلمات السيدة مرفوقة بضحكات ليس من باب الاستخفاف بالأمر، على حد تعبيرها، لكن الأمر بالنسبة لها مثير للضحك كلما تذكرت ما مرت به من مواقف، ومن بين أبرز الأحداث التي ظلت عالقة في ذاكرتها موقف ناتج عن ازدحام حصل بين سيارتها وسيارة شخص آخر تقول: «تأجج غضبه بسرعة، قرأت الغضب في ملامحه في ظل الدهشة التي انتابتني أمام الموقف الذي تعرضت له، فما كان منه سوى أن قال «هادشي كله حيث امرأة ومعلقة 90 مازال»، تروي السيدة الحادث وتواصل الضحك لتعيد الجملة نفسها كلما استحضرت تفاصيل هذا الحادث، عذرا أنا أضحك على نوبة الغضب التي انتابت الرجل». وأضافت أنه من بين ما كان يؤرقها ومازال إلى يومنا هذا هو الاستعمال المفرط لمنبه السيارة الذي أضحى عادة لدى الرجال والنساء لكن وتيرة استعماله تتعالى إذا ما علم السائق أن من يتقدمه امرأة فإنه لا يكف عن ذلك وهذا أمر يضايقني كثيرا». لكن وحتى لا نعمم فقد أكدت مجموعة من السيدات أنهن خلال بداياتهن في رحلة القيادة التقين نموذجا لرجال متفهمين لا يؤمنون بمقولة «سوكان لعيالات» فمنهم من يساعد في إصلاح أعطاب السيارة التي تقودها سيدة أو مساعدتها على استبدال عجلة أو ركن سيارة كما تقول المتحدثة ل»المساء»: «لا نستطيع أن ننفي وجود مساعدة من الرجال وفي هذا الصدد تحضرني ذكرى عالقة أيضا في ذهني إذ كنت أحاول ركن سيارتي بموقف للسيارات وحاول الحارس المشرف عليه مدي بتعليمات لأنجح في ذلك، لكن دون جدوى حاولت وحاولت لكن بدون نتيجة، استعصى علي الأمر وأعتقد أن ذلك قاسم مشترك بين النساء جميعهن خلال البدايات الأولى في رحلة القيادة، المهم لم أتمكن من الركن وزادت توجيهاته التي تحولت إلى أوامر بعد أن فقد السيطرة على أعصابه في عرقلتي عن التنفيذ الجيد لأفاجأ برجل ينزل من سياراته ويمدني بالطريقة التي كانت صحيحة من أجل الركن وهذا ما حصل وهذا ما يدفعني للقول بأنه لا يمكن التعميم لأن هناك حالات استثنائية. ليس كل النساء ناقصات أهلية القيادة وعلى الرغم من الجدل المرتبط بقيادة المرأة للسيارة، إلا أن عددا من الرجال يؤكدون حرصها على التطبيق الحرفي للقوانين المنظمة للسير والجولان، إذ لا يمكن أن نلغي وجود حرص شديد من المرأة على التقيد بالقانون حتى في ظل وجود إمكانية تجاوزه. وفي تعليقه على قيادة النساء قال رجل في عقده الثالث، يشتغل في القطاع البنكي ل»المساء» إن «كل مستعملي الطرق متكافئين ولا يمكن لأحد أن ينكر مهارة المرأة في القيادة، لكن في اعتقادي إن النساء أكثر حرصا على تطبيق قانون السير، وهذا ما نلمسه خلال استعمال الطريق، بصراحة الرجال «شوية زاعمين» لكن النساء هن أكثر من يحترم إشارات المرور وهي نقطة يجب أن تحتسب لهن لا عليهن. اليوم عدد النساء اللاتي يقدن السيارات في تزايد خاصة خلال السنوات الأخيرة، ويكفي أن تنزل إلى شارع من شوارع المدن الكبيرة كالدار البيضاء أو الرباط لتجد أن عدد السائقين من النساء يقارب إلى حد ما نظيره من الرجال، باعتقادي أن حرص النساء على الالتزام بتطبيق القانون وعدم المجازفة هو السبب وراء ذلك، وهو الأمر الذي لا يلغي صفة الالتزام عن الرجال حتى أكون صادقا إذ تتبع النساء طرق القيادة الآمنة» وواصل «متطلبات الحياة اليوم أصبحت ترغم المرأة على شراء السيارة وقيادتها من أجل التوجه إلى العمل أو لاصطحاب الأطفال إلى المدارس أو لقضاء الأغراض الخاصة، بحيث أضحى عدد النساء المستعملات للسيارة في تزايد مستمر مع مهارتهن في السياقة، أظن أن الاعتقاد السائد لدى البعض بأن المرأة لا تقود بمهارة بدأ يتبدد». «غياب الزعامة» يبرر تردد المرأة كان لابد من التوقف عند أصحاب الاختصاص لإحالة السؤال المقلق عليهم فكان الجواب مغايرا لما هو سائد في أوساط مستعملي الطريق. يقول أحد المعلمين في مدرسة السياقة: «الذين يروجون دائما أن قيادة المرأة للسيارة في غاية السوء واهمون، وبحكم تجربتي في هذا المجال لا أعتقد بأن هذه المقولة صحيحة، أكثر من ذلك فالسيدات والفتيات يكن في الغالب حريصات خلال فترة تحضيرهن لاجتياز امتحان رخصة السياقة على الحضور بالتزام من أجل متابعة دروس قانون السير ويتفوقن على الرجال في ذلك، وحتى في تعليمهم لأبجديات السياقة يكن ناجحات أيضا ربما باعتقادي أن ما تقع فيه المرأة خلال السياقة بعد حصولها على رخصة القيادة، راجع للخوف الذي ينتاب المرأة بحكم طبيعتها كامرأة وبمجرد وقوعها في موقف من هذه المواقف تنفلت أعصابها وتصاب بالارتباك وهذا ما نسميه ب»غياب الزعامة « هو السبب المباشر وهو العنصر الذي تختلف فيه المرأة عن الرجل ما عدا ذلك فهما متساويان وأعتقد أن من هنا كانت النظرة عند الرجل أنه قد يجتاحها الخوف والتوتر أثناء القيادة، ولكن اليوم أصبح عدد النساء اللواتي يقدن السيارة موازيا لعدد الرجال وإن تغيير نمط الحياة وخروج المرأة إلى ميدان العمل أدى إلى التخفيف من حدة هذه الاتهامات، فالمرأة قد خففت الكثير من المسؤوليات عن كاهل الرجل كنقل الأبناء إلى المدارس والتسوق وغيرها من الحاجيات، فمقولة قيادة المرأة للسيارة في غاية السوء خطأ شائع، فقد يقود الشخص سنوات وسنوات وهو لا يزال غير مدرك لأساسيات التعامل مع القيادة أو كيفية تفادي الحوادث، هذا بالإضافة إلى كون الرجل يقضي أوقاتا أطول في قيادة السيارات مقارنة بالسيدات، مما يصقل خبراته في القيادة ويجعله متفوقا عن المرأة، كما أن معظم النساء لا يجدن استخدام مواقف السيارات بشكل صحيح، وهنا نقطة الضعف». خائفات والحمد لله في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن ما أسموه ب»التردد وغياب الزعامة»، ترى مستعملات الطريق أن الخوف مطلوب لكن شريطة ألا يصل إلى حد الارتباك، فالتردد يجعل الجالسة خلف مقود السيارة تفكر جيدا قبل اتخاذ أي قرار من شأنه أن يدفعها لارتكاب هفوة قد تؤدي ثمنها غاليا، في هذا السياق أوضحت فئة من السيدات ل»المساء» أن عامل الخوف حال بينها وبين الجلوس خلف مقود السيارة، وفي هذا الصدد أوضحت إحدى السيدات التي تشتغل كطبيبة أنها بحكم عامل الخوف والدهشة مازالت لا تتقن قيادة السيارة خاصة في ظل الاكتظاظ الذي تشهده الشوارع الرئيسية، خاصة خلال ساعات الخروج للعمل وتوجه الأطفال إلى المدارس». الكلمات نفسها ترددت من طرف سيدة أخرى «بعد أن اجتزت امتحان رخصة السياقة وحصلت على الرخصة التي وضعتها إلى جانب باقي الوثائق الإدارية لم أتخلص بعد من الخوف الذي ينتابني من قيادة السيارة، أكثر من ذلك حاولت الاستفادة من دروس لتلقين فن قيادة السيارة التي تعرضها مدارس السياقة وخضت ما يقارب 5 أو 6 حصص لكن في ظل الازدحام الخانق وما تشهده الشوارع دائما أقول في قرارة نفسي لن أستطيع السياقة وهي العبارة التي يرد عليها الجميع خاصك تزعمي باش تسوكي «. في المقابل اعتبر يونس سعيد، خبير في تدبير مخاطر الطريق في تصريحه ل «المساء» أن المشكل يكمن في رد الفعل، فالرجل لديه حس متطور في رد الفعل يمكنه من السرعة في التعامل مع الوقائع التي تصادفه في الطريق، عكس المرأة التي يكون رد فعلها بطيئا، ولا تتوفر على روح المبادرة الاستباقية، وأرجع ذلك إلى كون المرأة تفضل التريث وعدم الاستعجال في اتخاذ القرارات وهي جالسة خلف المقود، وأضاف أن : «الاحتياط الزائد عن الحدود يجنب المرأة الوقوع في مصيدة الحوادث فغالبا ما تكون حوادث السير التي تتسبب فيها المرأة غالبا ذات أضرار خفيفة، شخصيا أتمنى لو كان الرجال يملكون الحرص والحيطة الزائدة عن اللزوم التي تتسم بها المرأة خلف مقود السيارة». الحديث عن الخوف متجاوز لكن الحديث عن خوف المرأة ودهشتها وترددها أضحى متجاوزا وذلك لكون النساء أصبحن يتقن قيادة السيارة، أكثر من ذلك أوضح صاحب أحد مدارس تعليم السياقة بالدار البيضاء، أن النساء اقتحمن عالم السياقة منذ فترة طويلة وأن مهارتهن في السياقة توازي إمكانيات الرجل لأنهن يقطعن المراحل نفسها من أجل الحصول على رخصة السياقة ولا فرق بينهما في ذلك «لا يمكن الحديث في وقتنا الحالي عن هذا الأمر وخير دليل هو النجاح الذي تحققه مجموعة من الأسماء في رياضة سباق السيارات باعتقادي الحديث عن هذا الأمر أضحى دون جدوى لأنك تجد نساء أحسن من الرجال في السياقة». وهو الأمر الذي أكده أحد سائقي سيارات الأجرة الصغيرة ل»المساء» إذ قال بالحرف «في الكثير من الأحيان تفاجئني السيدات لقدرتهن على التأقلم مع الاكتظاظ الذي أضحت تشهده المدن الكبرى في ظل التزايد الكبير للسيارات». دراسات علمية: المرأة ليست أقل من الرجل يقظة أثبتت الدراسات العلمية أن المرأة أفضل في القيادة من الرجال وأنها السائق الأكثر أمانا الذي يمكن أن تركب معه بقلب مطمئن وبال هادئ، إن الدراسة التي أجريت في لندن عبر اختبارات عملية على نساء ورجال يقدن سياراتهم في واحدة من أكثر أماكن وسط المدينة ازدحاما، رصدت 14 خصلة مختلفة أثناء القيادة ثبت أن المرأة تتفوق في معظم الخصال الإيجابية بينما يحرز الرجال تفوقا في معظم الخصال السلبية. وأجريت الدراسة على عينة من 250 سائقا خضع 50 منهم لمقابلة عقب إنجاز القيادة للإجابة على أسئلة وكانت النتيجة النهائية للدراسة أن المرأة حققت 23 نقطة من بين 30 نقطة هي الدرجة النهائية المطلوبة فيما لم يحقق الرجال أكثر من 19 نقطة. ومع ذلك تبقى هناك صعوبات حقيقية تواجه المرأة أثناء القيادة، حسب دراسات أخرى، وتتمحور هذه الصعوبات حول مهارة المرأة في معرفة الطرق أو في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية في السيارة.فقد أثبتت إحدى الدراسات أن النساء يعمدن إلى الاعتماد على اللافتات الموضوعة في الطرق أكثر من اعتمادهن على أجهزة الملاحة الإلكترونية GPS، وقد يسبب لها عدم القدرة على تحديد الطريق الصحيح ارتباكا أثناء السير، ويجعلها تجد صعوبة في التجول بالسيارة في أماكن جديدة، أما الصعوبة الأخرى التي تواجه المرأة هي في ركن السيارة على جانب الطريق حيث تواجه صعوبة في تقدير الأماكن المحيطة، ما يجعلها تأخذ وقتا أطول بكثير من الرجل.