يخوض تجار سوق الجملة للفواكه والخضر بالقنيطرة، منذ أسبوع تقريبا، احتجاجات ضد ما وصفوها بمظاهر الفساد التي أضحت مستشرية في السوق، وفشل الجهات المسؤولة في حصر التسويق التجاري بالجملة للفواكه والخضر بسوق الجملة وتفادي التلاعب بالأسعار والتهرب الضريبي. وقالت المصادر، إن سوق الجملة يعرف احتقانا شديدا بسبب إقدام التجار الغاضبين على اتخاذ قرار بمباشرة جميع عمليات البيع والشراء خارج السوق، كرد فعل منهم على محاولة مجلس المدينة إخضاع جميع السلع للميزان البلدي وتأدية الرسوم عليها قبل دخولها إلى السوق، وهو الاحتجاج الذي أثر سلبا على الموارد المالية للمجلس. وأضافت المصادر نفسها، أن السياسة المتبعة في تدبير السوق لم تفلح في محاصرة جملة من الاختلالات التي نخرت هذا المرفق العمومي، حيث لا زال التدخل محتشما ولم يلامس مكامن الفساد، رغم الشكايات المختلفة لعدد من تجار الجملة الذين فضل العشرات منهم إما الانسحاب من ممارسة هذا النشاط التجاري، أو تسويق تجارتهم بالجملة خارج السوق، بعدما بسط أخطبوط الفساد هيمنته على سوق الجملة، على حد تعبيرها. وأشار المتضررون، في تصريحات متطابقة ل»المساء»، إلى وجود لوبي متعدد الرؤوس يستغل المرفق بشكل مخالف للقانون، ويستفيد من التهاون والتماطل في التطبيق الصارم للقانون، بمباركة من جهات نافذة، وهو ما يفسر التدني المخيف لمداخيل المجلس الجماعي من سوق الجملة، واستمرار تناقص التجار الذين يتوافدون عليه، نتيجة استشراء مظاهر التسيب والريع، مؤكدين أن عددا من عمليات التسويق بالجملة، تتم خارج السوق ضدا على القانون وعلى مرأى من الجميع، دون تحريك مسطرة الضبط والمتابعة من طرف الشرطة الإدارية وباقي أجهزة القوة العمومية. واستنكرت الجهات نفسها ضعف الجهود المبذولة لإرغام وكلاء السوق على الحضور الذي يعتبر إجباريا وإلزاميا وفقا للقانون الأساسي لوكلاء أسواق الجملة، كما شككت في شفافية المباريات الخاصة بهم، ومدى احترامهم لكناش التحملات، إذ أن البعض منهم يواصل غيابه ولم يعد قادرا على الوفاء بواجباته المهنية دون أن تطاله يد المراقبة والمحاسبة بعدما فوض مهامه إلى مستخدمين مغلوبين على أمرهم، مما يضيع مكاسب مهمة من الموارد المالية على الجماعة الحضرية للقنيطرة قد تصل إلى ملايين السنتيمات، بسبب التصريح بأثمنة وكميات أقل بكثير من تلك المطبقة حقيقة، وكذا التصريح بموظفين أشباح للتخفيض من الواجبات المالية المفروضة. التجار الغاضبون، الذين يشتكون من ظروف اشتغال جد مزرية من حيث النظافة والسلامة الصحية، يطالبون بفتح تحقيق في حقيقة الأموال التي صرفت على سوق الجملة، والتي قالوا إنها فاقت 5 ملايير سنتيم، خاصة وأن جميع مرافقه توجد في حالة جد متردية، وتفتقد إلى البنيات التحتية الأساسية، بما فيها مسجد السوق، دون أن تبادر إدارة المرفق إلى إجراء عمليات الصيانة والتجهيز الضرورية. في المقابل، أشاد عزيز الكرماط، نائب رئيس مجلس القنيطرة، بالجهود التي تبذلها البلدية من أجل تطوير سوق الجملة المرتبط بمتدخلين وفاعلين آخرين، لكنه أكد مستطردا «أن كل خلل في مهمة أي متدخل من تلك الجهات ينعكس سلبا على السير العادي لهدا المرفق ومداخيله». وزاد الكرماط قائلا «منذ مجيئنا في الولاية السابقة قمنا بعدة إجراءات لأجل تحسين المرفق، كان آخرها هو تخصيص 250 مليون سنتم لأجل تهيئة ساحة البيع وأمكنة أخرى لبيع الخضر والفواكه، كما تم تفعيل لجنة المراقبة خارج السوق، وتهيئة ميزان بمدخل السوق، خاص بالشاحنات وبكل أنواع السيارات التي تحمل الخضر والفواكه»، وهي الإجراءات التي لم ترق، في نظره، للبعض من الذي ألف التصريح بكميات مخالفة للحقيقة مع ما ينتج عن ذلك من ضياع رسوم لفائدة الجماعة، مذكرا في الوقت نفسه، بانفتاح مجلس القنيطرة على كل أشكال الحوار مع جميع المتدخلين من أجل تحسين وتجويد خدمات المرفق.