اتخذت الاحتجاجات على الأوضاع التي يتخبط فيها سوق الجملة للفواكه والخضر بالقنيطرة منحى خطيرا، بعدما قرر المطالبون بمحاربة الفساد ووقف النهب الذي يطال المال العام بداخل السوق، التوجه إلى القضاء لمحاسبة المتورطين. وسلط المحتجون الغاضبون، في شكاية وجهوها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، الضوء على ما وصفوها بالطرق الاحتيالية التي يتم بها استنزاف مداخيل سوق الجملة للفواكه والخضر، وتحويل مآلها إلى جيوب بعض الأشخاص الذين يستغلون الثغرات الكبرى التي تطبع نظام المراقبة بالسوق، بينها سهولة القفز على الضوابط القانونية المنظمة لبيع جميع المنتجات الفلاحية، التي تغادر أسوار السوق في ظروف مشبوهة، دون الكشف عن الأوراق التي توضح نوعيتها أو ثمنها أو وزنها. وقال المشتكون إن هذا المرفق العمومي يعرف العديد من التصرفات والممارسات الخطيرة التي أضرت كثيرا بالموارد المالية للجماعة والدولة من السوق، وأخلت بشكل سافر بمبدأ الشفافية وقواعد المنافسة الشريفة، ومنحت امتيازات غير مبررة للغير، كما أحدثت اضطرابات في أسعار الخضر والفواكه بالسوق، وهي السلع التي يعمد بعض النافذين إلى بيعها خارج أسوار السوق، للتهرب من أداء الواجبات والضرائب القانونية. وحسب الشكاية، التي توصلت «المساء» بنسخة منها، فإن هناك وثائق تخص السوق نفسه، تشير إلى وجود تلاعبات في أثمنة العديد من السلع التي يتم تزوير أثمنتها الحقيقية بتسجيلها بأثمنة منخفضة جدا عن ثمنها الحقيقي، أو عدم تسجيلها بالمرة، عبر تسهيل عملية خروجها من السوق، سواء في الأوقات المخصصة للبيع أو خارجها، على حد تعبير الشكاية نفسها، وطالب أصحاب الشكاية القضاء بتحريك مسطرة المتابعة ضد كل من ثبت تورطه في تلك التجاوزات. وكانت زينب العدوي، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، قد توصلت في 21 أبريل المنصرم، بتقرير مفصل بشأن ما يعيشه هذا السوق من مشاكل واختلالات جعلته لا يضطلع بأدواره، حتى أصبح يشكل نقطة سوداء وبؤرة للفساد، وفق تعبير جمعية «شباب نشيطي سوق الجملة للتنمية والتنشيط التجاري» بالقنيطرة، التي قرر أعضاؤها التصعيد ورفع مطالبهم بإيفاد لجنة للتحقيق إلى المجلس الأعلى للحسابات. ووجه التقرير لوما شديدا إلى المجلس البلدي وعاتبه على تقصيره في إصلاح البنيات التحتية لهذا المرفق، الذي يعاني من مربعات مهترئة ومتصدعة مما يتسبب في إتلاف السلع بفعل تسربات مياه الأمطار وأشعة الشمس، إضافة إلى الاختناق المتكرر لقنوات صرف المياه المتردية، وتدهور الوضع البيئي وقلة النظافة وغياب مرفق صحي للإسعافات الأولية، وكذا وضعية الإنارة الهشة التي تعرف انقطاعات من حين لآخر، وتتأثر بعوامل المناخ، وهو ما ينعكس سلبا على عملية التبضع. وكشف التقرير أن هذا السوق، عوض أن يكون فضاء لبيع الخضر والفواكه بالجملة، أضحى سوقا لجملة من الفضائح، التي تتطلب تدخلا عاجلا للمصالح المعنية، لوضع حد لتغلغل الفساد في أروقة هذا المرفق العمومي، إلى الدرجة التي أصبحت فيها سلع النافذين والمتواطئين لا تخضع للمراقبة حين خروجها من الباب الرئيسي، علاوة على استفادة فئات عديدة من التهرب من أداء واجب التعشير وواجب الجباية، ما يضر بالتنافسية داخل السوق، يؤكد التقرير.