تفيد جل الدراسات الاستشرافية، والتقارير الإعلامية بوجود خمسة أماكن يمكنها أن تشعل العالم، وخمسة سيناريوهات محتملة. من قبيل ما كتبه روبرت فارلي ونشرته مجلة «ذي ناشيونال إنترست» الأمريكية قبل حادث إسقاط المقاتلة الروسية من قبل تركيا قبل أسابيع. استهل الكاتب -الذي يعمل محاضرا للعلاقات الدبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كينتكي- مقاله بالحديث عن أربع حروب عالمية شهدها نظام الدول الحديثة منذ 1756، وهي: حرب الأيام السبعة في الولاياتالمتحدة، والثورة الفرنسية، والحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية. وأشار إلى أن أطول فترة سلام شهدها العالم كانت من 1815 إلى 1914، وأن آخر حرب عالمية جرت قبل سبعين عاما. وقال إن أي حرب عالمية تحتاج لشرارة وصراع ما في مكان ما يمس مصالح أكثر من قوة كبرى واحدة. والحرب العالمية الأولى أشعلها اغتيال فرانز فرديناند، وحرب السنوات السبع كانت حربا متقطعة بين الفرنسيين والبريطانيين على طول نهر المسيسبي. والهدف من الحرب العالمية عموما هو إنشاء نظام عالمي جديد. مشيرا إلى أنه ربما يؤدي تصاعد وتيرة الاهتمام العالمي بما يحدث في سوريا إلى تعقيدات أكثر وخطوات أكثر، وربما تؤدي مواجهة عارضة بين حلف الأطلسي (الناتو) وروسيا إلى قرارات تكتيكية سيئة. وأضاف أن الحرب العالمية الثالثة ستكون الحرب الخامسة على نطاق عالمي في تاريخ نظام الدول الحديثة، ووضع الكاتب خمسة سيناريوهات محتملة سيناريوهات لنطاق الحرب العالمية الثالثة السيناريو الأول من المحتمل أن يحدث في سوريا، حيث يجتذب تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» اهتمام غالبية دول العالم الأقوى بما فيها فرنساوالولاياتالمتحدةوروسيا. وربما يؤدي تصاعد وتيرة الاهتمام العالمي بما يحدث في سوريا إلى تعقيدات أكثر وخطوات أكثر، وربما تؤدي مواجهة عارضة بين حلف الأطلسي (الناتو) وروسيا إلى قرارات تكتيكية سيئة. وأضاف أنه حتى إذا استمر التحالف المضاد لتنظيم الدولة، فإن الصراع بين القوى العظمى من الممكن أن يتجاوز هذا التحالف ويصبح صراعا شرسا، نظرا إلى أن فرنساوروسياوالولاياتالمتحدة لديها وجهات نظر مختلفة جدا حول مستقبل سوريا، وإذا قررت إحدى الدول الثلاث التدخل لصالح القوى الداخلية التي تفضلها، فمن الممكن أن يتدهور الوضع بسرعة ويتحوّل إلى قتال بين دول كبرى يجر معه تركياوإيران والسعودية، وينتشر فيما بعد إلى أجزاء أخرى من العالم. أما السيناريو الثاني، فهو نشوب حرب بين الهند وباكستان، حيث إن أسباب اندلاع شرارتها كثيرة، وإذا تكبدت باكستان هزيمة كبيرة بالأسلحة التقليدية فمن الممكن أن تقدم على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. وأشار إلى تقارب أمريكا مع الهند في السنوات الأخيرة و تقارب الصين مع باكستان. والسيناريو الثالث للحرب ميدانه بحر جنوب الصين، حيث بدأت الصين واليابان تلعبان خلال السنتين الأخيرتين لعبة خطيرة حول جزر سينكاكو/داياويو. ومن الممكن أن تتسبب أي حادثة بحرية أو جوية في إلهاب مشاعر الكراهية القومية لدى أي من الشعبين ضد الشعب الآخر إلى حد يكون فيه من الصعب تراجع إحدى القوتين. ومن المعلوم أن أمريكا ملزمة بمعاهدة للدفاع عن اليابان، وستجد أن من الصعب ألا تتدخل لصالحها، الأمر الذي سيضطر الصين إلى مهاجمة المرافق العسكرية الأمريكية في المنطقة، وسيثير ذلك رد فعل أمريكيا يشمل مساحات أوسع ويدخل منطقة المحيط الهادي بأكملها في فوضى، وربما تنشب حرب نووية مخططة أو عن طريق الصدفة. والسيناريو الرابع، مفاده نشوب حرب بين الولاياتالمتحدةوالصين نتيجة للمواجهات العديدة بين القوات البحرية والجوية الصينية من جانب، والقوات الأمريكية في بحر جنوب الصين من جانب آخر، أو في حال زادت واشنطن تدخلها لصالح فيتنام والفلبين ضد الصين. والوضع في وكرانيا -وهو السيناريو الخامس- قابل لكل الاحتمالات ومليء بإمكانيات الحسابات الخاطئة، وأي خطأ من الناتو أو روسيا ستنشأ عنه مواجهة مسلحة. وإذا رأت موسكو أنها لا تستطيع مواجهة الناتو بالأسلحة التقليدية، فستقدم على استخدام السلاح النووي التكتيكي. الطاقة في قلب الحرب في دراسة له، يشير الباحث السوري عماد فوزي شعيبي إلى أن الصراع على التسلح أنهك الروس، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، خاصة وسط غياب مخازن الطاقة الضرورية، فيما كان الأمريكيون يتحركون في مناطق النفط عبر عدة عقود مكنتهم من النمو ومن السيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن الطاقة (النفط والغاز). ويضيف الباحث في دراسته، التي حملت عنوان «الصراع على الشرق الأوسط: الغاز أولا»، أن ملامح هذا الصراع بدأت تتشكّل سنة 1995 «حين رسم بوتين إستراتيجية شركة غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا، فأذربيجان، فتركمانستان، فإيران (للتسويق) وصولا إلى منطقة الشرق الأوسط، وكان من المؤكد أن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيرسمان عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز كبديل للنفط أو بالتوازي معه ولكن بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها الموازي (نابوكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية على أساسها سيتعين القرن المقبل سياسيا واستراتيجيا.» هذا الأمر يفسر الحرب الدائرة حول أوكرانيا اليوم، فهذا البلد الأوروبي السوفياتي السابق تمر به العديد من أنابيب الغاز التي تمد شرق أوروبا بالطاقة و13 بالمائة من الغاز الذي يتم مده إلى الاتحاد الأوروبي، مما يجعل المسيطر على الوضع هناك يمتلك ورقة ضغط قوية. في السياق نفسه، كشف تقرير صدر عن وزارة الطاقة الأمريكية أن استهلاك العالم من النفط سينمو بأكثر من 5 بالمائة خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ليصل إلى أكثر من 12 مليار برميل يوميا بحلول عام 2025، وسيزيد أيضا استهلاك العالم من الغاز الطبيعي بنسبة 57 بالمائة مقارنة بالاستهلاك الحالي، مما سيترتب عليه نقص كبير في الكميات المعروضة وارتفاعات متواصلة في الأسعار، وهذا سيترتب عليه مزيد من التنافس والصراع من أجل الحصول على الطاقة وسيكون الشرق الأوسط قلب هذا الصراع وساحته. وفي ظل هذه الأحداث وهذه الحسابات الجديدة، مافتئت روسيا تؤكد على عدم موافقتها على خطط استثمار الغاز في المتوسط، إلا بعد حصولها على ضمانات غربية بعدم تغيير النظام في سوريا، أما على الصعيد الإيراني، فمقابل هذا المشروع القطري يوجد مشروع إيراني سوري قوامه مد أنبوب يأتي من إيران ويمر عبر العراق إلى حمص، ويتفرع منها إلى كل من اللاذقية وطرابلس. وتخلص بسمة ماجد حمزة، الباحثة في مركز حمورابي، إلى أن الصراعات المشتعلة اليوم، وخصوصا في سوريا، وإن بدت في ظاهرها صراعا عسكريا وسياسيا، فإنها في الأصل صراع من أجل النفط والغاز الطبيعي. ووفق دراسة للباحث إبراهيم نوار، صادرة عن مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، فقد تم اكتشاف كميات ضخمة من الغاز في هذا الحوض الذي يقع في المياه العميقة شرق البحر المتوسط، والذي يتميز باحتوائه على طبقة عميقة من الغاز، وربما من النفط أيضا، طبقا لتقديرات هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية، والشركات العاملة في التنقيب عن الغاز فيه. وهذه الاكتشافات، وفق دراسة إبراهيم نوار، تزيد من أهمية منطقة الشرق الأوسط كمخزن عالمي عملاق للطاقة، ومن ثمة سوف ترتفع حدة التنافس الدولي على ثروات هذه المنطقة التي تجتاز مرحلة صعبة في تاريخها. كيسنجر يطلب احتلال 7 دول شرق أوسطية صرح هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في عهد الرئيس رتشارد نيكسون، لصحيفة «ديلي اسكيب»، اليومية المحلية التي تصدر في منطقة الجالية اليهودية المؤثرة في نيويورك والتي تم نشرها في «رقيب نيوز» وتناقلتها بعض وسائل الإعلام، مؤكدا أن ما يجري في الشرق الأوسط والعالم لا يعدو أن يكون تمهيدا للحرب العالمية الثالثة. سيكون طرفاها كلا من الصينوروسيا من جهة وأمريكا وأوروبا من جهة أخرى ويمكن تلخيص تصريحاته التي وصفها كثير من المراقبين بأنها من العيار الثقيل بما يلي: «إن الدوائر السياسية والإستراتيجية الأمريكية طلبت من العسكريين احتلال سبع دول شرق أوسطية من أجل ضمان هيمنة إسرائيل بصورة نهائية على كامل المنطقة من ناحية ومن أجل استغلال مواردها الطبيعية خصوصاً النفط والغاز من جهة أخرى، مؤكداً أن السيطرة على البترول والغاز هي الطريق للسيطرة على الدول، أما السيطرة على الغذاء والدواء فهي السبيل للسيطرة على الشعوب. هذا وأكد كيسنجر أن العسكريين الأمريكيين حققوا هذا الهدف تقريباً أو هم في سبيلهم إلى تحقيقه استجابة لما طلب منهم». كذلك، أكد كيسنجر أن الدب الروسي والتنين الصيني لن يقفا موقف المتفرج بينما أمريكا تمهد الطريق لمسيرتها خصوصا بعد أن تشن إسرائيل حرباً جديدة شاملة ضد العرب بعد أن أنهكهم الإرهاب والاقتتال وانشغال العواصم العربية والإسلامية وكثير من الساسة في المنطقة بالنزاعات الهامشية وذلك في سبيل قتل أكبر عدد من العرب تمهيدا لإقامة إسرائيل لمشروعها «الشرق أوسطي» . عندما تستيقظ كل من الصينوروسيا تكون إسرائيل قد احتلت وهيمنت على نصف الشرق الأوسط.. (ولعل ما يحدث الآن في المنطقة يمهد لذلك) وسوف تصبح المهمة حينئذٍ ملقاة على عاتق الجنود الأمريكيين بصورة خاصة والغربيين بصورة عامة. فأمريكا لديها ترسانة عسكرية سرية لا يعرف الآخرون عن فاعليتها شيئا سوف تستخدم في تلك الحرب، وأن أمريكا سوف تخرج من ركام الحرب منتصرة وقوية مما يمكنها من إنشاء وتشكيل الحكومة العالمية. ينهي كيسنجر تصريحاته بقوله إن الذي لا يسمع طبول الحرب العالمية الثالثة تقرع لا بد أن يكون مصاباً بالصمم. نعم طبول الحرب تقرع بدوافع أمنية واقتصادية واستعمارية وصراع حضارات وتأليب صهيوني تبدأ بالأضعف ثم الذي يليه حتى تصبح الدول الكبرى المستهدفة مثل روسياوالصين في وضع لا يمكنها السكوت عليه. تشكل منطقة الشرق منطلق الشرارة، بسبب أن إيران تدس أنفها في كل حدب وصوب وروسيا تقف خلفها والحرب في المنطقة حتى الآن لا زالت تدار بالوكالة حيث لكل القوى الكبرى قوى تخدمها وتدفع الثمن ولا زالت شقة الحرب تتسع وتطال أطرافا أخرى وهي في الطريق إلى الانتشار بصورة أكثر وأكبر. أزمة أوكرانيا.. والأحلام الإمبراطورية لبوتين رأت صحيفة «ديلى إكسبريس» البريطانية أن الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل منذ 15 أبريل سنة 2014، وهو اليوم الذي شهد انتشارا لقوات من حلف شمال الأطلسي في منطقة البلقان لردع محاولات الروس اجتياح أوكرانيا، وقالت إن نشر هذه القوات يعادل اغتيال ولي عهد النمسا «فرانز فرديناند» وزوجته على يد صربى متطرف في يونيو 1914، ما أدى لاندلاع الحرب العالمية الأولى. واستبعدت الصحيفة أن يتوقف بوتين عند شبه جزيرة القرم، وإلا يكون كمن أطلق النار على قدميه، وتوقعت أن يحاول التقدم لابتلاع مناطق أخرى من شرق أوكرانيا تتميز بنسب عالية من السكان الروس، مثل منطقة دونيتسك التي انتهى استفتاء أجراه أهلها بتصويت 95٪ لصالح الانفصال عن أوكرانيا.. وعبرت الصحيفة عن مخاوفها من أن تتجاوز طموحات بوتين أوكرانيا لدول البلطيق الأخرى مثل -إستونيا ولاتفيا وليتوانيا- وهم أعضاء في حلف شمال الأطلسي، الأمر الذي من المحتمل أن يثير احتمال اندلاع حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، يمكن أن تتطور لحرب نووية شاملة. في ذات السياق، أكد الكاتب البريطاني «إدوارد لوكاس» بأنه يؤمن بأننا «نشهد بداية الحرب العالمية الثالثة» ويعتقد أن الأزمة في أوكرانيا لم تندلع بسبب انقسامات داخلية على أمور منها توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوربي، أو مع «موسكو»، لأن السبب الحقيقي هو طموح الرئيس بوتين الإمبراطوري، فبوتين يرى أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان «كارثة جيوسياسية» جردت روسيا من إمبراطوريتها ويجب تصحيح هذا الخطأ.. ويصف المؤلف البريطاني في مقال له بصحيفة «ليتوانيا تريبيون» روسيا بأنها دولة «بلطجية ومارقة» تجلس على بوابة أوروبا وتخطط لفرض سيطرتها على دولها. ويعتقد مؤلف كتاب «الحرب الباردة الجديدة» أن سُحب الحرب العالمية الثالثة السوداء تتكاثف الآن فوق سماء أوكرانيا، التي ستتحول إلى دولة فاشلة تعمها الفوضى بسبب تدخل موسكو فيها، وينصح الغرب بضرورة تحمل مسؤولياته وردع روسيا اقتصاديا وعسكرياً الآن قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.