في الوقت الذي كان الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، في بيت عباس الفاسي، الأمين العام السابق لنفس الحزب، في إطار مبادرات فك العزلة، ورأب التصدع الداخلي للحزب، تكلفت «الحقيبة السوداء» لعمدة فاس السابق، ومفتشة حزب الاستقلال بإقليم مولاي يعقوب بوضع استقالته من عضوية مقاطعة زواغة والمجلس الجماعي لفاس ومجلس جهة فاسمكناس، دون أن يعلم قادة حزب الاستقلال، على الصعيد المحلي، بالقرار، حسب ما أكده أكثر من مصدر استقلالي ل»المساء». فيما لم يخف أكثر من فاعل سياسي، من خصوم العمدة السابق في العاصمة العلمية، ترحيبهم بقرار الاستقالة، ومن ضمنهم قياديون في حزب العدالة والتنمية، طبقا لاتصالات أجرتها «المساء» لجس نبض «النخبة المحلية» تجاه هذه المبادرة المفاجئة، من الناحية الإعلامية. ولم يشرح شباط في رسائل الاستقالة من عضوية هذه المجالس المحلية ملابسات القرار، واكتفى بالقول لمقربين له أثناء إجراء اتصالات به لاستفساره عن صحة قرار الاستقالة، بأنه قرر تحريرها منذ ما يقرب من 15 يوما، لكن لم توضع لدى كتابة الضبط في المجالس المعنية إلا أول أمس الخميس، 17 دجنبر الجاري. وقال، طبقا لما أورده مصدر مقرب، إنه يريد أن يترك الفرصة للطاقات الشابة كي تشتغل في الشأن المحلي، وكي يهتم أكثر بشؤون حزب الاستقلال. لكن مصادر أخرى قللت من شأن هذه التبريرات، مضيفة، بنوع من السخرية، أن شباط لم يكن شابا في محطة 4 شتنبر الماضي، وما بعدها، عندما تزعم لائحة الاستقلاليين، وتشبث إلى آخر رمق بالترشح لمنصب رئيس الجهة، مما أسفر عن تفجر قضية ما يعرف إعلاميا ب»ابتزاز الدولة»، وفك شباط لارتباطه بأحزاب المعارضة (البام والاتحاد الاشتراكي)، واتخاذه قرارا مفاجئا يتجلى في «مساندة نقدية» لحكومة بنكيران بعدما ظل يوجه لها القصف أينما حل وارتحل. وفشل شباط في الحصول على رئيس مجلس الجهة، فوجد نفسه بعد ذلك في مواجهة أزمة داخلية في حزب الاستقلال، بسبب غضب قياديين من وعوده السابقة، التي أكد فيها بأنه سيقدم استقالته من منصب الأمين العام لحزب «الميزان»، إذا لم يحصل على النتيجة الأولى في المحطات الانتخابية السابقة. كما وجد الحزب نفسه في المرتبة الأولى في عدد المتابعين في قضية «الفساد الانتخابي» في انتخابات مجلس المستشارين (16 متابعا)، حيث تمت متابعة نجليه، ومعهما 5 قياديين استقلاليين في مدينة فاس، ضمنهم «الحقيبة السوداء» لشباط ومفتشة الحزب بإقليم مولاي يعقوب، إلى جانب 9 استقلاليين آخرين في جهات أخرى. وكان حزب الاستقلال قد تعرض لهزيمة انتخابية نكراء في مقاطعة زواغة، القلعة السابقة لشباط وحرمه، حيث لم يحصد سوى مقاعد محدودة، فيما نال حزب العدالة والتنمية فوزا كاسحا بهذه المنطقة، ووجد شباط نفسه، وهو الذي كان في السابق الآمر الناهي في هذه المقاطعة، رفقة حوالي سبعة من المستشارين، معزولا، دون أن يفيد غيابه أو حضوره في المقاطعة ودوراتها في أي شيء، بعدما أحكم حزب العدالة والتنمية قبضته عليها، وبدأ مستشاروه في نهج جمع الأزبال والمشاركة في الأوراش بأيديهم، ومعهم عدد كبير من الجمعيات النشطة في هذه المنطقة، وتنظيم لقاءات مفتوحة لاستقبال الساكنة، وتتبع المشاكل المطروحة. وتكررت أحداث الهزيمة ذاتها في المجلس الجماعي لفاس، حيث حصل حزب العدالة والتنمية على أغلبية ساحقة في المجلس. ورغم العراك السياسي الحاد بين الطرفين، فقد قرر العمدة السابق التصويت لفائدة العدالة والتنمية رفقة المستشارين الاستقلاليين، وأعلن، وهو يتخذ قرارا مفاجئا، بأنه قرر اعتماد ما يشبه «المساندة النقدية» لحزب العدالة والتنمية، فيما لم يبال حزب «المصباح» كثيرا بهذا القرار، وبدأ النبش في ملفات التدبير السابقة، وكان آخر قرار اتخذه المجلس الجماعي هو إبعاد عدد من رؤساء المصالح ممن كانوا يعرفون بأنهم من «صقور» العمدة السابق في المجلس الجماعي.