ما الَّذِي فَعلَتْه حكومة بنكيران، غير الزِّيادة في الأسعار، وإنْهاك جيوب البُسطاء من النَّاس، ممن، هُم في الحقيقة، مَنْ صَوَّتُوا لبنكيران، ومَنْ مَعَه. حُكومَة بأكثر من رأس، رُؤوس فيها تُشَرِّق وأخرى تُغَرِّب، وكُلّ الرؤوس، في ما يصدر عنها من قراراتٍ، لا تفتأ تجتهد في إصدار قرارات غير شعبية، وتُجْهِز على كُل ما كان مُكْتَسَباتٍ تحقَّقت بفضل نِضالاتٍ، أدَّى عليها يَسارُ البارِحَة، ثَمناً كبيراً، في الوقت الذي كان بنكيران ومن معه، يعملون تحت الأرض في السَّراديب المُعْتِمَة، ولم يكُن لهم أي دَوْر في كُل ما تحقَّق من مكاسب لصالح هذا الشَّعب الذي لم يَعُد يفهم ما يجري في بلاده، ولا مَنْ يحكم فعلاً. إلغاء التوظيف المُباشر، وفصل التكوين عن التوظيف، وتخفيظ منح الطلبة الأساتذة. تحرير أسعار المحروقات، والزيادة في ضريبة القطارات، وَوَوَ... واللاَّئحَة طويلة، بالصورة التي تجعل كُلّ واحد مِنَّا يتساءل عن علاقة هذه الحكومة بالشعب، وهل هي حكومة جاءت، وفق برنامجها الانتخابي الذي وَضَعَتْه في ثلاَّجَة الحزب، لتُنْصِف البُسطاء، وتحميهم من هذا الكَدْح الذي طال، واسْتَفْحَل، إلى الحدّ الذي بات معه للأغنياء، والباطرونا مَنْ يُدافع عنهم، ويتكلَّم باسمهم، أو يحمي مصالحهم، من داخل الحكومة نفسها، وأصبح المواطن البسيط، عارياً، يقف في مواجهة العواصف، لأنّه لم يَعُد يجد من يتكلَّم باسمه، أو يدفع عنه هذا «المُنْكَر» ولو بأبسط الأيمان. لا أفهم، كمواطن، يأكُل ويمشي في الأسواق، لماذا ينتخب النَّاس حزباً دون غيره، هل ليكون لِسانَهُم الذي يتكلَّمون به في دواليب الدولة، وفي رفْع الحَيْف عنهم، أم لمُضاعَفَة قَهْرِهِم، ووضع البؤس والحاجة في طريقهم، بدعوى أنَّ البلاد على شفا جُرُف هارٍ. مَنْ أفْسَد صناديق التقاعُد، وعَبث بأموالها، التي هي عرق الموظفين والعمَّال، وشقاؤهُم الذي أكل من حياتهم الكثير؟ ومن أنْهَك الزَّرْعَ والنَّسْل، وجَنَى ثرواتٍ لا تُقَدَّر بثمن، من عرق هؤلاء، ومن غيرهم ممن ينتمون لشرائح الكادحين، المُتْعَبِين؟ لا أحد يرغب في وضع يده في عُشّ الدبابير هذا، رغم أنَّ حكومة بنكيران، طالما صَدَّعَتْ رؤوسَنا بمحاربة الفساد، وحماية البلاد، ولا شيء من هذا كان، بل إنَّ الفساد باقٍ، والبلاد ما تزال تُجَرْجِر خلفَها عبث العابثين، بل إنَّها وجدت، هذه المرة، من يحميهم، ليس تعاطُفاً معهم، أو دفاعاً عنهم، بل خوفاً منهم، ومن سطوتهم، وما لهم من سلطة، تفوق سلطة رئيس الحكوم نفسه. وإلاَّ ما الذي سيدفع وزير التعليم إلى استصدار قرار الفرنسة، الذي ظل متشبثاً به، رغم أنَّ رئيسَه في الحكومة أمره بسحبه، لكنه لم يفعل، وهو ما دفع بنكيران إلى الالتجاء إلى البرلمان للاستنجاد به من سطوة وسلطة هؤلاء الذين هُم في الحكومة، ليس برغبة بنكيران طبعاً؟ كفى من العبث بنا، ف «الناس في بلادي»، «طيِّبون»، لكنهم، كما قال صلاح عبد الصبور «جارحون كالصُّقور».