اختار بنكيران في جلسة دستورية منقولة على الهواء اليوم الثلاثاء بالغرفة الأولى الكشف عن مرجعيته الحقيقية في الموقع الذي يدير من خلاله البلاد، وهو الموقع الذي خول له الصلاحيات الواسعة في العبث بمسار بكامله وتحويله إلى "خبر كان" في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة، وهو المشهد الذي استطاع تشخيصه بالفعل، إرضاء لمرجعيته في الدوائر الإخوانية، تلك التي علقته بالأمس، وتعلقه اليوم من أمعائه وهو يبحث -منذ توليه كرسي رئاسة الحكومة- كيف يحافظ على السير في الركب الإخواني في مهمة شاقة، اعتقد ذات ربيع كشفت معالمه الكبرى، أنها مهمة ستحمى بأجنحته في المحيط ، لكن السقوط المدوي لمعقل التفكير والتوزيع الاستراتيجي، جعله يعلق الفشل على تماسيح وعفاريت مازلنا نبحث عنها كمتتبعين من أجل أن نكتب بالفعل عن مواقعها وجحورها، بمعطيات ملموسة لا بمنطلق الغيب الذي نعتبره تسجيلا للحظة هروب بامتياز وقت اليقظة في فضاء الحكم نفسه الذي أتعب بنكيران في نسختين حكوميتين متتاليتين، وزاد تعبه عندما انتهى الكلام وبزغت الحقيقة المرة التي أغرقت بلدنا بالديون، تلك التي تسربت إلى الجيوب المنتشية حد العشق الممنوع، وبناء "السرير و الدوش" لمتعة وفرت لها الشروط من عرق جبين البسطاء في وطننا،ن صدموا بالفعل هؤلاء الذين صدموا بالفعل عندما أصبحت اللغة المنقولة على الهواء بلسان رئيسهم في الحكومة تتعصي على الفهم وهي تنقل النقائض بين واقع يسجل تراجع المكتسبات حد إفراغ "القفة" من رغيف كان عاديا وجوده على طاولتهم، وبين لسان يدعوهم إلى تصديق أكذوبة "العام الزين" ذلك الذي قال عنه أن الله أوجد شروطه ضمانا لكرسي الرئاسة المسجل في إسم عبد الأله بنكيران، ولما لا أن يدعو الله حلفاء الرجل في الأغلبية أن يترافعوا باسم الذات الإلهية دفاعا عن تجربته في الحكم لأنه "الحاكم بأمر الله" الذي أمطرت السماء ماء وتلجا لإنقاذ كرسيه من السقوط، كما نفخ الله حربا بين دول مراكز القرار كي يصبح البترول بثمن بخس نزولا عند رغبة بنكيران في التشبث حد الهوس بحكم شعب توجه إلى حل مجمل المشاكل الناتجة عن التدبير الأعوج على حساب قوته وقوت أبنائه كما على حساب صحته وتعليمه وسكنه، لا يهم الرئيس الحاكم بأمر الله عراء شعب بقدر ما يهمه استغلال حتى قدرة الشعب على الصبر خوفا على استقرار الوطن. ولأن الرجل مقتنع جدا بمهمته، فإن اختلاط الأوراق اليوم في استعمال الدين الاسلامي الحنيف حد الانقلاب الفعلي على كل أهدافه السماوية، مرة بالإخوانية التكفيرية الدموية المسلحة بما هربته من أسلحة الشركات الوهمية والأشخاص العابرين للحدود دون أسماء وأوراق وهوية، ومرة أخرى "بالداعشية" التي اختارت كمنفذ للعالمية قطع الرؤوس على مرأى ومسمع العالم باستغلال مفضوح لكل مواقع التواصل الاجتماعي، دفعه إلى البحث عن موقعه كي لا يضيع موعده مع ما يعتبره بالفعل تاريخا في تجربته، لينتصب اليوم أمام نواب الأمة ناعتا المعارضة بالسفهاء و وظف الذات الإلهية دفاعا عن تجربته بعدما عودنا على توظيف اسم الملك في جلسات سابقة وهو بذلك يستمر فيما قاله أمام شبيبته في ملتقى وطني معلنا أن "الله " بوأه المكانة التي وصل إليها هو وحزبه، وأنه جل جلاله من وضعه رئيسا للحكومة وأن كرسيه مبارك من السماء، قائلا: "وها أنتم ترون أن الله سبحانه وتعالى، ورغم قلة عددنا وضعف إمكانياتنا رغم كثير مما يعاب علينا أو يؤاخذ علينا، ترون أن الله سبحانه وتعالى قد بوأنا المكانة التي تعلمون، وبعد أن كان دعاة الفساد والاستبداد يتنبئون بزوالنا أو تحجيمنا يرفعنا الله إلى أن نترأس الحكومة ونتصدر العمل السياسي". إن رئيس حكومتنا يكشف عن كل مخططاته في ضرب الدستور أولا، ذلك الدستور الذي بوأه المقعد الرئاسي الحكومي ضمن سلسلة من الإصلاحات خاضها المغاربة لتتويجها بوثيقة متقدمة جدا اعتبرت تتويجا لثورتهم الهادئة ضمن مسار لم يبدأه مغرب القوى الديمقراطية الحية اليوم ، بل هو مسار يعود إلى سنوات الرصاص. ولهذا فرئيس الحكومة بناء على هذا الخطاب " الاخواني الداعشي" الذي أنتج اليوم دواعش من حزبه سافروا بالفعل الى دولة داعش لمبايعة أميرهم البغدادي وآخرون في الطريق الى ذلك، ينصب نفسه خليفة للمسلمين، يأمر رعيته بالطاعة لأقواله وأفعاله وكل ما يصدر عنه، وأول الرعايا هي تلك العقول الصغيرة من شبيبة حزبه التي أمرها بطاعته وطاعة خطابه المقر بالمرجعية الدينية، واستعمالها في "مجال السياسة من الصغيرة إلى الكبيرة" كما جاء على لسانه، ضاربا بعرض الحائط ما دعت له أعلى سلطة في البلاد في عدم استعمال الدين في السياسة. إن الإخواني الداعشي فكرا ومرجعية، رئيس حكومتنا المبجل، الساقط فوق معاناتنا في كافة المجالات عشية حادثة صناديق الاقتراع التي ارتفع فيها معدل النجاح في الدوائر من سبعين كرسيا بالبرلمان الى ما فوق المائة ليس بقدرة قادر غيبي، بل بقدرة زمن الدواعش والاخوان الذي حزم المحيط دفاعا عن ممثليه في المنطقة وذلك هو مربط الفرس، الذي يقلق رئيس حكومتنا حد انفلات أعصابه أمام الرأي العام.