في خطوة تعيد إلى الأذهان ما عاشه المغرب في أبريل الماضي من إضراب وطني شل الحركة الاقتصادية وألحق خسائر فادحة بمختلف القطاعات الحيوية، قررت نحو 58 هيئة نقابية وجمعوية في قطاع النقل بمختلف مدن وأقاليم المملكة خوض إضراب وطني، وذلك للاحتجاج على تجاهل مطالبها بفتح حوار بناء ومسؤول معهما من قبل مجلس المستشارين ووزير النقل والتجهيز، الاستقلالي كريم غلاب. وخيمت أجواء من الغضب والاستياء على الاجتماع الاستثنائي الذي عقده ممثلو مهنيي النقل مساء يوم الجمعة المنصرم، بمقر المنظمة الديمقراطية للشغل، لتدارس المستجدات المرتبطة بمدونة السير، خاصة في ظل بدء مناقشة مضامينها الأسبوع الماضي بالغرفة الثانية. وكانت لافتة، وفق مصادر حضرت الاجتماع الذي توافد إليه مهنيون من مختلف مناطق المملكة، الانتقادات التي أثارها المجتمعون حول الطريقة التي تم بها تدبير الملف من طرف مجلس المستشارين، و«المغالطات التي يروج لها الوزير الوصي على القطاع»، على حد تعبير المصادر التي أشارت إلى أن المطلب العام الذي رفعه ممثلو المهنيين هو ضرورة التصعيد، متوعدين من يهمه الأمر ب«شلل في القطاع غير مسبوق». وفيما حددت لجنة انتخبها ممثلو المهنيين، يوم الاثنين 4 يناير المقبل، للإعلان عن تاريخ الإضراب، قال عبد الصمد اعنانة، الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل الطرقي بالمغرب، ل«المساء»: «دعوتنا إلى خوض إضراب وطني بقطاع النقل أملاها غياب حوار جدي من قبل المسؤولين عن القطاع، وإقدام مجلس المستشارين على استئناف مناقشة مشروع المدونة دون فتح باب الحوار مع الممثلين الفعليين للمهنيين والإنصات لمقترحاتهم بخصوص المشروع والملف الاجتماعي، وكذلك للاحتجاج على المغالطات التي يروج لها غلاب كما كان الأمر في تصريح تلفزيوني، مؤخرا، ادعى فيه أن المدونة لا تتضمن عقوبات زجرية». وأضاف قوله: «راسلنا الجهات المعنية بالملف، وكان آخرها رئيس مجلس المستشارين، حيث طالبنا بإيقاف النقاش حول المدونة إلى غاية الجلوس إلى طاولة الحوار مع جميع المهنيين والأخذ باقتراحاتهم، لكننا فوجئنا بإدراجها للمناقشة على مستوى لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بل وقرب المصادقة عليها». وقال المسؤول النقابي: «عوض الإصرار على زجر السائقين وقهرهم كان الأولى بالسيد الوزير التفكير والعمل على وضع منظومة للسائقين ولمهنيي قطاع النقل، وتخليق الحياة العامة للمحيط الذي يشتغلون فيه، والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفادة من التغطية الصحية، وكذا تفعيل الاتفاقيات السابقة مع ممثلي القطاع وتأهيله»، مشيرا في تصريحاته إلى أن قطاع النقل بالمغرب «يعيش الفوضى بصيغة النظام، حيث يتم تدبيره بمنطق التعليمات أكثر منه بمنطق القانون من قبل المسؤولين الأمنيين في كل ولاية أو إقليم». إلى ذلك، كشف عنانة أن النقابات والجمعيات المهنية شكلت لجنة من أجل صياغة ميثاق وطني لأخلاقيات المهنة، كبديل عن مدونة غلاب، سيتم الكشف عنه خلال الأيام المقبلة. ويطالب الميثاق، الذي شارك في صياغته مستشارون قانونيون وحقوقيون، بإلغاء نظام الامتياز، وتشريع المعاملة بدفتر التحملات في موضوع النقل، وكذلك بتعويض السائق عن الخسائر في حال وقوع حادثة واعتباره ضحية لحادثة شغل وحادثة سير. وفي ما يخص السلوك أثناء العمل، طالب الميثاق، الذي يبقى قابلا لإدخال تعديلات عليه، بتشكيل هيئات تأديبية مكونة من إداريي العمالات والمصالح المختصة، بالإضافة إلى ممثلي القطاع. في السياق ذاته، يقترح الميثاق، في ما يخص رخصة السياقة ورخصة الثقة، أن تكون الهيئة المشرفة على الامتحان من المصالح المختصة علاوة على ممثلي القطاع، والتشديد على أن سيارة الأجرة ليست فضاء لإدماج السجين، بالإضافة إلى مقترح بعدم منح رخصة الثقة لموظفي الدولة وعدم تمكين المتقاعدين منها وتيسيرها لحملة الشهادات العاطلين عن العمل.