في الوقت الذي قررت فيه نقابات النقل الطرقي، تمديد الإضراب حتى إلغاء مشروع مدونة السير الجديدة، قرر مجلس المستشارين، في خطوة مفاجئة، أول أمس السبت تعليق النقاشات بشأن المشروع الذي أثار موجة احتجاجية كبيرة من قبل مهنيي النقل. وفيما عبر أحد أعضاء مجلس المستشارين عن استغرابه للقرار الذي اتخذ بشكل مفاجئ بعد تدخل ما أسماه «جهات عليا» في الموضوع، نفى رئيس مجلس المستشارين المعطي بنقدور أي شكل من أشكال التدخل، وقال إن المجلس مؤسسة مستقلة وأن القرار اتخذ بكل استقلالية. وهكذا قررت الهيئات النقابية والجمعوية المشاركة في إضراب النقل الطرقي بالمغرب، خلال ندوة صحفية عقدت صباح أمس الأحد بمقر الاتحاد الجهوي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالبيضاء، تمديد الإضراب إلى حين إلغاء مدونة السير وليس تعليق النقاش بشأنها. وفي تصريح ل«المساء»، قال عبد الله حموشي، الكاتب العام للجامعة الوطنية الديمقراطية لأرباب الشاحنات ونقل البضائع بالموانئ المغربية، «الجامعة ومناضلوها ترفض هذه المدونة وتطالب بإلغائها، فإن كان غير ذلك فنحن مستعدون لإدخال هذا الإضراب في كتاب غنيس»، وأضاف حموشي«ننصح وزاراتنا الوصية، التي تنهي كل وصلاتها الإشهارية ب«لنغير سلوكنا» أن تكون قدوة لنا بتغيير سلوكها ومنهجها الإقصائي». من جانبه طالب مصطفى الكيحل، الكاتب العام للفيدرالية الوطنية للنقل الطرقي بالمغرب، الحكومة المغربية بإلغاء مدونة السير، مؤكدا في تصريح ل«المساء» أن «ما يهم بعض الأفراد حاليا هو البحث عن الاستحقاقات الانتخابية، فالوزير الأول هو المطالب بإعطاء تصريح عن تعليق النقاش حول المدونة وليس رئيس مجلس المستشارين». في نفس السياق، طالب ميلود مديورات بفتح تحقيق حول الغرامات السابقة وتساءل حول من يؤديها وأدان انحياز الإعلام المرئي، الذي يمول من جيوب المواطنين، للحكومة ولبعض النقابات غير المضربة في تهميش تام للنقابات التي تخوض إضرابا. كما ندد ببعض المواد التي ستسهم في تشتيت الأسر منها المادة 165 من مدونة السير. وكان مجلس المستشارين قد اتخذ أول أمس السبت بشكل مفاجئ قرارا بتأجيل المناقشات بشأن مدونة السير. هذا القرار أثار عدة تساؤلات حول الجهة التي كانت وراءه. وفي هذا الإطار، قال عبد المالك أفرياط عضو الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين، في اتصال مع «المساء»، إن قرار تعليق مناقشة مشروع مدونة السير كان مفاجئا. وأوضح قائلا «فوجئنا بقرار التوقيف، ربما هناك جهات عليا تدخلت في الموضوع. ومع ذلك فنحن كنا قد طالبنا في لجنة المالية التي كانت تناقش المشروع، بضرورة تعليق النقاش حول المشروع ريثما يتم الوصول إلى حل للمشكل». وكانت لجنة المالية قد شهدت في اجتماعها يوم الجمعة الماضي نقاشا حادا، طالبت فيه أغلب الفرق البرلمانية بضرورة العمل على إيجاد مخرج للأزمة التي عاشتها أغلب المدن المغربية على إثر إضراب مهنيي النقل، خاصة مع حصول بعض التطورات الخطيرة وانضمام جمعيات أخرى مثل موزعي الخبز إلى الحركة الاحتجاجية وهو الأمر الذي كان ينذر بتعاظم الأزمة. غير أن رئيس مجلس المستشارين المعطي بنقدور نفى أن تكون «جهات عليا» أوحت لمجلس المستشارين بإيقاف مناقشة مشروع المدونة. وقال بنقدور: «لا أبدا، لم يتصل بنا أي أحد. نحن مؤسسة مستقلة واتخذنا قرارنا بكل استقلالية»، مضيفا «اتصلت بالسيد رئيس لجنة المالية بعدما وقع شنآن داخل اللجنة بشأن مشروع مدونة السير الجديدة، وطلبت منه إيقاف المناقشة بعدما تبين لنا أن إضراب النقل أخذ منحى تصاعديا وشهدت عدد من المدن تطورات خطيرة وحصل شلل في الميناء وأصبح الخصاص كبيرا في الخضر والمواد الأولية وتضررت الشركات، جراء أسبوع كامل من الإضراب في قطاع النقل». وأردف قائلا «اتصلت بالوزير الأول وبوزير التجهيز وأخبرتهما بأن الوضعية غير مريحة ونحن نشتغل بشكل غير مريح. واتصلت أيضا بوزير الداخلية شكيب بنموسى من أجل أن أطلب منه أن يتسلم الولاة والعمال في الأقاليم مقترحات مهنيي النقل الذين يوجدون في مناطق نائية ولا يستطيعون التنقل إلى مجلس المستشارين. كان اتصالي معه بهذه الغاية». على صعيد آخر، تسبب الإضراب في تراجع مخزون محطات الوقود إلى 80 في المائة. وفي شل الحركة ببعض المطاحن بعد نفاد مخزون الحبوب نتيجة توقف 2500 شاحنة لنقل الحبوب بجميع موانئ المغرب، وخصوصا بجهة الدارالبيضاء والضواحي، وكذا توقف شاحنات نقل مسحوق السكر«السنيدة». كما تسبب الإضراب في توقف شاحنات الصهاريج عن توزيع الوقود، خصوصا بشركة «أفريقيا كاز». كما توقفت الحركة بشركات الإسمنت، منها 1400 شاحنة ب«لافارج» التي تقوم بتوزيع ما يناهز 14 ألف طن من الإسمنت في اليوم، و600 شاحنة ب«هولسيم سطات»، و400 شاحنة ب«إسمنت تمارة»، وحوالي 1600 شاحنة بإسمنت المغرب بآسفي. كما توقفت شاحنات التبريد لنقل السمك بكل من الجديدةوالدارالبيضاء. وفي السياق ذاته، توقفت الشاحنات التي تقل الأسمدة الكيماوية من المكتب الشريف للفوسفاط بالجرف الأصفر وآسفي إلى شركات «فرتيما» وشركات أخرى تعمل في صناعة الأسمدة الفلاحية.