أفلح كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، ولو مؤقتا، في امتصاص غضب ما تبقى من النقابات المعارضة لمشروع مدونة «السير في الطرقات»، وإبعاد شبح إضراب وطني يعيد إلى الأذهان ما عاشه المغرب السنة المنصرمة من شلل في الحركة الاقتصادية وخسائر فادحة بمختلف القطاعات الحيوية، بعد التزامه، في لقاء عقد مساء أول أمس السبت بمقر وزارته، بالاستجابة لبعض مطالبها. وخرج ممثلو المنظمة الديمقراطية للشغل والتمثيليات النقابية والجمعوية المتحالفة معها، بأقل الخسائر في «معركتهم» من أجل «إسقاط» مدونة غلاب، بعد أن أفلحوا في انتزاع تعهد من الوزير الاستقلالي بالاستجابة لبعض مطالبهم، خاصة الملف الاجتماعي ومطلبي إلغاء العقوبات الحبسية ونظام الامتياز، فيما ظلت نقط أخرى، ولاسيما الغرامات المالية، محل خلاف بين الجانبين. ووفقا لمصادر حضرت اللقاء، فقد التزم غلاب بأن يولي الملف الاجتماعي، الذي تقول النقابات إنه أصبح في سلة المهملات رغم الوعود والالتزامات الحكومية، كبير اهتمامه وسيشكل محور انشغالاته المستقبلية. كما التزم الوزير بأن يستجيب لمطالب المنظمة الديمقراطية للشغل وحلفائها وباقي النقابات المتعلقة بإلغاء نظام الامتياز، وتنفيذ الأوامر الصادرة عن ملك البلاد بهذا الصدد. وفيما تم الاتفاق على أن تبقى العقوبات الحبسية المنصوص عليها في القانون، هي المعمول بها وعدم معاقبة السائق إلا بعد تحديد مسؤوليته الكاملة عن حادثة السير، وعدم اعتقاله في الفترة الفاصلة بين الحادثة وإثبات المسؤولية، لم يفلح المجتمعون في التوصل إلى حل بخصوص الغرامات المالية، حيث تم الاتفاق على ترك صلاحية البت فيها إلى لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين. من جهة أخرى، أبدى الوزير الاستقلالي موافقته على النظر في ميثاق وطني لأخلاقيات المهنة أعدته النقابات وشارك في صياغته مستشارون قانونيون وحقوقيون، كما أبدى استعداده للنظر فيه وتزكيته وموافقته على عرضه على أنظار وزارته. إلى ذلك، وصف عبد الصمد اعنانة، الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل الطرقي بالمغرب، لقاء يوم السبت، الذي امتد لما يربو عن خمس ساعات، ب«الصعب»، وقال، في اتصال مع المساء»: «بالرغم من صعوبة اللقاء، فقد تمكنا في النهاية من التوافق حول ما يمكن التوافق حوله. وعلى العموم، فقد استطعنا أن نحقق مكاسب وأن ننتزع التزام الوزير في ما يخص الملف الاجتماعي وملف نظام الامتياز والعقوبات الحبسية». وقال اعنانة، ردا على سؤال ل«المساء» حول مآل الإضراب الوطني الذي هددت نقابته والهيئات المتحالفة حوله بخوضه وحددت لجنة انتخبها ممثلو المهنيين، يومه الاثنين، للإعلان عن تاريخه: «نؤكد أننا نأخذ تعهد الوزير الوصي على القطاع على محمل الجد من جهة، ومن جهة ثانية نرى أنه لو طبق الاتفاق المتوصل إليه كما هو فلن يكون لخطوة الإضراب الوطني أي معنى»، مشيرا إلى أن الاتفاق المتوصل إليه لا يلقى قبولا لدى بعض الأطراف المنْضَمّة إلى تحالف المنظمة الديمقراطية و58 هيئة نقابية وجمعوية، ومؤكدا في تصريحاته: «لم نكن نعارض من أجل المعارضة وإنما كان موقفنا مبنيا على مطالب مشروعة، كما أننا لم نقدم شيكا على بياض إلى الوزير على اعتبار أن الاتفاق في هذه المرحلة لا يعني أننا متفقون مع الوزير في باقي المراحل القادمة».