رسم تقرير نقابي تم الكشف عنه أول أمس بالرباط صورة قاتمة الوضعية الاجتماعية خلال سنة 20009، واصفا الحصيلة الاجتماعية بالهزيلة والضعيفة، ومسجلا تراجعا كبيرا لعدد واسع من المؤشرات الاجتماعية بسبب ضعف وفشل السياسة المتبعة من طرف الحكومة. وكشف التقرير، الذي أعدته المنظمة الديمقراطية للشغل، عن تعاظم دور القطاع الخاص والاقتصاد غير المهيكل أمام تراجع الدولة، وتدميرها للخدمة العمومية المجانية، وتراجع الاستثمارات في نفس المجالات وتوقيف العديد من المشاريع التي كانت مبرمجة. وأدى التحول من الاقتصاد الموجه الذي تبنته حكومات سابقة، بحسب التقرير، إلى شرعنة اقتصاد السوق الحرة في مختلف المجالات، مما نتج عنه ارتفاع في أسعار المواد والخدمات الأساسية عانت منه الفئات الشعبية كثيرا سنة 2009 لتأمين الحد الأدنى من حاجياتها الأساسية. ووفقا لدراسات ارتفعت أسعار المواد الغذائية سنة 2009 إلى أكثر من 60 في المائة مع استمرار تجميد الأجور الضعيفة أصلا أمام غول الغلاء، كما ازدادت في نفس السنة الفجوة بين الأجور العليا والأجور الدنيا، كما بلغت حصة الأرباح لدى بعض الشركات أرقاما خيالية بلغت أحيانا مابين 75 و100 في المائة. وبالمقابل، عانت مقاولات صغرى ومتوسطة من تأثيرات الأزمة العالمية، مما دفعها إلى تسريح عدد كبير من العمال، وخاصة منها تلك التي لم تحظ بدعم من المخطط الحكومي للدعم لمواجهة تأثيرات الأزمة والحفاظ على ما سمي باستقرار الشغل. وأكد التقرير أنه بالرغم من بعض التصريحات التي يتم تسويقها حول تحسن بعض المؤشرات الاجتماعية، فإنه لاينبغي أن يخفي عنا مناطق الظل، وإمكانية وقوع الكارثة كما كان الأمر في الثمانينيات من القرن الماضي مع الحديث عن السكتة القلبية التي شخصها البنك الدولي. وقال التقرير إن سنة 2009 أظهرت من خلال التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المهتمة بالمجال الاجتماعي والاقتصادي مكامن الضعف في الأداء الحكومي للعملية الاجتماعية، وأبانت بكل وضوح عن انسحاب الدولة التدريجي من التأثير في المجال الاجتماعي، وغياب عدالة توزيع الدخل الوطني والمعالجة الجدية للأزمات التي تعانيها الفئات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة. ورصد التقرير أن الواقع المعيشي المغربي وخاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة والمعوزة وكذا الطبقات المتوسطة يخالف ما تسوقه بيانات ومؤشرات المندوبية السامية للتخطيط حول نسب البطالة والفقر والوضع المعيشي للمواطن المغربي، مشيرا إلى أن المغرب يسير وينمو بسرعتين مختلفتين: سرعة القطار السريع TGV وهي خاصة بالأغنياء على مختلف المستويات. والثانية سرعة السلحفاة وخاصة بالفقراء وذوي الدخل المحدود وخاصة العالم القروي. وفيما اعتبرت المنظمة أن التقارير الدولية تعبر بشكل صريح عن فشل السياسة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية سنة 2009 بالمغرب، دعا التقرير إلى ضرورة إعادة النظر في مختلف المبادرات والاستراتيجيات المتبعة بما فيها مبادرة التنمية البشرية التي تتطلب وقفة للتقييم والوقوف على النتائج الحقيقية والكيفية التي دبرت بها وصرفت الميزانيات الضخمة المخصصة لها، وكذا إلى إعداد خطة وطنية شاملة مندمجة للمسألة الاجتماعية ضمن مخطط سياسي واقتصادي عام واضح الأهداف والمعالم. المنظمة أكدت أن الحكومة مدعوة اليوم إلى القيام بإصلاحات جذرية وعميقة سياسية واقتصادية واجتماعية لدمقرطة الحياة السياسية والاهتمام بالطبقات الوسطى والفقيرة، كما أنها ملزمة بتقوية الاقتصاد الوطني عبر إعادة النظر في اقتصاد السوق والعودة إلى اقتصاد اجتماعي تضامني، وبناء سياسة تعليمية حقيقة قادرة على خلق الطاقات والأطر والكفاءات، وبناء سياسة صحية واجتماعية مبنية على التضامن والعدالة والإنصاف والولوج المجاني للعلاج.