أظهرت النتائج النهائية لعملية تشكيل المكاتب المسيرة لمختلف مجالس الجماعات بمنطقة الغرب، اندحارا غير مسبوق لما يصفها البعض بالإمبراطورية السياسية لإدريس الراضي، وسقوط قلاع انتخابية ظلت تاريخيا محسوبة على حزب الاتحاد الدستوري، قبل أن ينجح إخوان بنكيران في السيطرة عليها، بعدما منحتهم انتخابات الرابع من شتنبر الجاري مقاعد مهمة ساعدتهم كثيرا في تشكيل تحالفات سياسية من موقع قوة والمسك بزمام أمور أهم الجماعات. فإذا كان عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، والقيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، قد حطم أرقاما قياسية في الاستحقاقات الأخيرة، بعدما تمكن من مضاعفة شعبية حزبه بالقنيطرة، وحصد أغلب أصوات الناخبين الذين جددوا فيه الثقة لتدبير شؤون المدينة لولاية ثانية، إلا أن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات بعاصمة الغرب هو حزب الاتحاد الدستوري، الذي خرج خاوي الوفاض منها، ولم يتمكن حتى من تجاوز العتبة، ليخرج الحزب من قصر بلدية القنيطرة خروجا مذلا، بعدما كان عنصرا أساسيا في معظم التحالفات التي ظلت لعقود تسير الشأن العام المحلي. وبحسب المتتبعين، فإن حزب الاتحاد الدستوري، كانت سيتلقى الضربة القاضية له، لو أبقى إدريس الراضي، نائب الأمين العام للحزب نفسه، على ملف ترشيحه كوكيل للائحة الحصان بالقنيطرة، وهو ما فطن له الراضي، ليتراجع في آخر لحظة عن قرار المشاركة في الانتخابات الخاصة بمجلس القنيطرة، بعدما تلقى تحذيرات من عدة جهات وضعت على مكتبه مجموعة من المؤشرات المقلقة التي تشير إلى أن نسبة نجاحه في هذه الانتخابات تكاد تكون منعدمة، وهو ما جعله يسارع الزمن إلى نقل ملف ترشيحه إلى جماعة القصيبية، حيث مسقط رأسه ودعم أبناء عمومته، التي قدم إليها وهو يجر وراءه ذيول الخيبة والإحباط. ولم ينتظر الإسلاميون بالقنيطرة ظهور نتائج الانتخابات للحديث عن كبوات حصان بدأت ملامح احتضاره تنال من عنفوانه وقوته، فقد تنبأ عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بانهيار كلي لحزب الاتحاد الدستوري، في كلمة ألقاها أمام تجمع حاشد ضم الآلاف من أنصاره في اختتام الحملة الانتخابية لحزبه بالقنيطرة، واستهزأ كثيرا من سحب الراضي ترشيحه بهذه المدينة، وقال «كاع هاذي رجلة فيك باش تترشح فالقنيطرة، القنيطريين واعرين عليك أُمَغاديش يخافو منك، بحال ليكادير لسكان البوادي فالغرب، كاتصاوب ليهوم المونتيفات وكاتفبرك ملفات ضدهوم باش تخافوهوم». حزب العدالة والتنمية واصل غاراته على المعاقل الانتخابية لحزب الراضي، وفي هذه المرة، لم يكن الضحية سوى الشاوى بلعسال، القيادي البارز في حزب الحصان، الذي يرأس الفريق البرلماني لحزبه بالغرفة الأولى، والذي كان يطمع في ولاية جديدة لجماعة مولاي بوسلهام، التي عوض أن تشهد انتفاضة سياحية حقيقية بالنظر إلى مؤهلاتها تحولت إلى مرتع للمجرمين ومهربي المخدرات عبر الطائرات الخفيفة. ولم تتوقف هزائم حزب الاتحاد الدستوري عند هذا الحد، بل استمرت لتشمل أيضا بلدية سيدي يحيى الغرب وسيدي الطيبي وجماعات أخرى، اختارت منح تسيير شؤونها لحزب المصباح والمتحالفين معه، وأسقطت رموز الحزب البرتقالي، الذين ظلوا، في نظر العديد من المتتبعين، يتعاملون مع العملية الانتخابية بنفس العقلية والمنهجية التي أكل عليها الدهر وشرب، ولم تساير مضامين دستور 2011 وكذا الإشارات القوية التي جاءت في الخطاب الملكي الأخير بشأن هذه الاستحقاقات.