حضرن من المغرب إلى الأردن للعمل كمضيفات في مقهى ومطعم وبعقود عمل موثقة تضمن حقوقهن وتوضح واجباتهن تجاه مشغلهن. يتذكر مسؤول مغربي في السفارة أن عددهن يصل إلى خمسة. وصلن للتو إلى عمان، حيث وجدن في استقبالهن رسولا من صاحب المقهى والمطعم المفترض. أقل الرجل الفتيات إلى فندق صغير وسط العاصمة عمان، حيث قضين يومين قبل أن يأتيهن في اليوم الثالث، بحلاقة أعدت لهن ماكياجا مميزا، يوحي بما ستقوم به الفتيات، ومنحتهن ملابس شبه عارية أُجبرن على ارتدائها. نقلهن «الفيدور» إلى ناد ليلي وأمر الفتيات رفقة آخريات بالرضوخ إلى الأمر الواقع وتلبية رغبات الزبناء. مايلت الشابات المغربيات خصورهن تلك الليلة بأسى لعدم رغبتهن في القيام بمثل هذه الأشياء، لاسيما وأنهن وقعن على وثائق للعمل في مقهى ومطعم وليس في كباريه. استمر الوضع يومين، قبل أن تُفلت إحداهن من قبضة العصابة الأردنية، وقصدت مقر السفارة المغربية بالأردن، حيث قابلت حسن عبد الخالق، سفير المغرب بعمان، وقصت عليه ما جرى. حينها تحركنا لإنقاذ الفتيات، يقول مسؤول مغربي بالسفارة، وتمكنا من فك قيودهن وتم ترحيل الفتيات إلى المغرب من جديد. حالة الفتيات المغربيات الخمس، لا تختلف تماما عن حالات أخرى، غير أن بعض أصحاب الكباريهات، من المنتمين إلى مافيات منظمة في الاتجار وتهجير الفتيات، يحتاطون بشكل كبير ويطوقون عنق الفتاة بعدد من الالتزامات التي توقع عليها في عقد العمل تجعلها رهينتهم لجهلها بالقانون الأردني. ويعمد هؤلاء إلى وضع التزامات مالية وقانونية كبيرة على القادمات الجديدات مثل توقيعهن على تعهدات بإعطاء صاحب المرقص ثمن تذكرة الطائرة التي أقلتها من المغرب وقيمة الملابس ودفع مصاريف أخرى بدعوى أنها أعطتها الفتاة لتسديد حاجيات عائلتها قبل مغادرتها للمغرب، لتصبح الفتاة مجبرة على العمل من أجل تسديد التزاماتها، وغير ذلك قد يؤدي بها إلى السجن. عمان شهدت في بعض الأحيان حالات لفتيات يهربن من بطش أصحاب الكباريهات بتحرير شكاوى لدى الشرطة، رغم معرفتهن المسبقة بالمخاطرة في القيام بذلك، لأنها إن لم تتعرض للسجن من قبل الشرطة بسبب تهمة ملفقة من طرف صاحب المحل فإنها ستتعرض حتما لعلقة من «فيدورات» الكباريه عند عودتها. «الفيدورات» أو (البودي كارد) كما يسميهم الأردنيون رقم مهم في معادلة الاتجار بالبشر في مملكة الهاشميين، إذ يمثلون اليد الطويلة لأصحاب المحلات، ويشكلون أحد رموز البطش والفساد التي يستعملها صاحب الكباريه عند تمرد إحدى الفتيات عن الوضع القائم. وهو وضع يخدم مصالح مافيات التهريب والاتجار في النساء وكذلك مصالح الزبناء الذين لا تهمهم نبذة حياة الشابة المغربية المُجبرة على تقديم خدمة جنسية، مثلما هو الحال في عمان.