قال الشيخ عبد الكريم الشاذلي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، الذي التحق بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، إن مقومات مشروعه السياسي داخل الحزب تقوم على تطبيق الشريعة الإسلامية بالمغرب، وأضاف الشاذلي خلال حوار مع «المساء» إن مشروعه السياسي يقوم على أرضية الثوابت، وفي مقدمتها المذهب السني والحفاظ على كرامة المواطن والعدالة الاجتماعية وأسلمة مظاهر الحياة العامة. واعتبر الشاذلي أن المغرب اليوم يعتبر أفضل من غيره، وأن السياق الآن مواتي من خلال الحرية التي تعرفها البلاد في تطبيق الشريعة الإسلامية، والمظاهر واضحة للإقبال على التدين، مضيفا أنه وفي المقابل هناك مظاهر يجب تضافر الجهود بين الدولة والفاعلين السياسيين من أجل إزالتها كبيع الخمور والقمار والربا والعري والفساد. وكشف الشاذلي عن مبادرة لجمع ملفات مجموعة من المعتقلين الذين خرجوا من السجون من أجل إخراج نسخة ثانية لهيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر وتعويض المعتقلين الإسلاميين وإدماجهم في الحياة العامة للحيلولة دون التحاقهم ببؤر التوتر. – ولجتم قبل أربعة أشهر العمل السياسي ما هي مقومات المشروع السياسي الذي تدعون إليه داخل الحزب الذي التحقتم به؟ مشروعنا السياسي يقوم على أرضية الثوابت، في مقدمتها المذهب السني والحفاظ على كرامة المواطن والعدالة الاجتماعية وأسلمة مظاهر الحياة العامة وتطبيق الشريعة الإسلامية. – ما ذا تقصدون بتطبيق الشريعة الإسلامية؟ اليوم المغرب يعتبر أفضل من غيره، والباب الآن مواتي من خلال الحرية في تطبيق الشريعة الإسلامية التي تعرفها البلاد، وهناك مظاهر واضحة للإقبال على التدين، لكن في المقابل هناك مظاهر يجب تضافر الجهود بين الدولة والفاعلين السياسيين من أجل إزالتها كبيع الخمور والقمار والربا والعري والفساد، وأنا هنا لا أقصد تكفير المجتمع. – انضممت إلى حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية لصاحبه محمود عرشان لماذا لم تترشح للانتخابات الجماعية؟ لا يوجد سبب مباشر لعدم ترشحي، وإنما هو نوع من التأني وكثرة المشاغل وخاصة أنه أصبح على عاتقي مهمة التنسيق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية وتقريبا هذا هو السبب الرئيسي، غير أنه يمكن أن أترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة. وعدم ترشحي للانتخابات الجماعية لا يعني أن كثيرا من السلفيين لن يترشحوا لهذه الانتخابات، وأستطيع أن أكشف أنه كان هناك إقبال كثير من طرف الإخوة على الترشح لكن حصلت لنا عقبة تمثلت في الجانب الإداري، على اعتبار أن كثيرا من الإخوة الذين كانوا ينوون الترشح لم يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية قبل 15 أبريل الماضي، وهو من بين الشروط لقبول الترشيحات، لكن تصويتهم على المرشحين باسم الحركة سيكون قويا إنشاء الله. والحركة غطت 47 دائرة ومقاطعة من أصل 73 وقد كان من الممكن تغطية أكثر من ذلك لكن قلة الدعم من طرف الدولة حالت دون تقديم مرشحين في جميع الدوائر. – هل تراهنون على أصوات الإسلاميين الذين يوجدون خارج اللعبة السياسية؟ الرهان الآن على أصوات أخرى غير أصوات الحركة السلفية سابق لأوانه، لأننا لم نفتح بعد الحوار مع الإخوة في جماعة العدل والإحسان وأتباع المغراوي الذين سنفتح لهم باب الالتحاق بالحركة، وسنحاول إدماجهم في المشروع السياسي للحركة (يقصد الحزب) على اعتبار أننا سنفتح مسارا جديدا لتصحيح المسار السياسي في المغرب، في أفق جديد بخطاب إسلامي جديد حتى تحصل الثقة لهذه المجموعات في الولوج إلى العمل السياسي. خاصة أن المغرب الآن في حاجة إلى تضافر جهود هؤلاء المخلصين من أبناء الشعب، لكي يقطعوا الطريق على هؤلاء المحسوبين على المفسدين والانتهازيين الذين يتلاعبون بأموال الشعب. – لماذا اخترتم العمل من داخل حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية ولم تنضموا إلى النهضة والفضيلة أو العدالة والتنمية القريبين منكم إديولوجيا؟ بعد خروجي من السجن حصل لي نوع من التأني في الانخراط في أي هيئة سياسية، على اعتبار أن عزوفي كان له سند واقعي وشرعي، لكن كانت هناك مجموعة تمثل شتاتا من الإسلاميين من العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة والسلفيين، دخلت في حوار مع محمود عرشان من أجل الالتحاق بالحزب، وهذه المجموعة اتصلت بي على أساس الالتحاق بالحركة من أجل إدماج التيار السلفي على أرضية الثوابت، فحصل لي نوع من التردد أول الأمر لكن بعد استشارة كثير من الإخوة حتى الأكثر تشددا في موقفهم من الانخراط في الأحزاب حصلت القناعة بولوج العمل السياسي، لكن من غير إملاءات من أي جهة أو خدمة أجندات معينة على أساس أن يبقى الإسلام السني فوق أي اعتبار. – ألم تجدوا حرجا في الانضمام إلى حزب عرشان رغم المؤاخذات الحقوقية التي يتعرض لها؟ ما يقال عن محمود عرشان مجرد تحامل عليه والسبب الرئيسي وراء هذه التهمة التي ألصقت به هو أنه عندما حصلت أحداث 16 ماي الإرهابية جاء محمد اليازغي وطلب من العدالة والتنمية حل الحزب وتقديم اعتذار للشعب المغربي، لكن محمود عرشان جابهه بالقول بأن من ينبغي أن يحل هو الاتحاد الاشتراكي وأن اليازغي ومن معه هم من يجب أن يقدموا اعتذارا للشعب المغربي، لأنهم أول من أدخل الإرهاب للمغرب، فما كان من اليازغي إلا أن جند صحافة حزبه للرد على محمود عرشان ونعته بالجلاد. بالإضافة إلى أن محمود عرشان الحافظ لكتاب الله قد سلمت أياديه من دماء الإسلاميين وأن ثمانية آلاف سلفي الذين اعتقلوا عقب أحداث 16 ماي الإرهابية قد تم التحقيق معهم في زمن وزير العدل الاتحادي المرحوم محمد بوزوبع. وهذا ليس دفاعا مني عن محمود عرشان، وإنما هو من باب الإنصاف، ولعل مذكراته التي كتبها باللغة الفرنسية والتي كانت كذلك من الأسباب القوية للتحامل على الرجل حينما كشف فيها النقاب عن مجموعة من الرموز السياسية ممن كانوا يرتادون دار إدريس البصري بحقائب فارغة ويخرجون بها مليئة بالأموال. – هل هناك سلفيون داخل السجون عبروا عن رغبتهم في الالتحاق بالحزب بعد الإفراج عنهم؟ قبل الالتحاق بالحزب حصلت لي مشاورات مع السلفيين الذين يوجدون بالسجون وعلى رأسهم حسن الخطاب الذي أكد لي بأنه يتشكل الآن تيار سلفي إصلاحي بالسجن يعد أتباعه بالمئات، وأن هذا التيار ينوي الالتحاق بالعمل السياسي سواء من داخل الحركة أو خارجها، كما دخلت في حوارات مع سلفيين غادروا السجون من مختلف المدن المغربية وقد استجاب الكثير منهم وبعضهم لا زال في مرحلة التفكير، والقليل منهم حصل لهم امتعاض من الدخول إلى العمل السياسي بشكل عام، إلا أن المؤكد مني لعموم السلفيين ولغيرهم أنه لا توجد عملية احتواء أو انبطاح في التحاقنا بالحركة. إنما السلفي بدخوله الحركة سيبقى سلفيا وعلى عقيدة السلف ولا يوجد هناك رهان على العقيدة السلفية، ولا يوجد أي إكراه من أي جهة كانت على هذا الأمر، وليس السبب هو التخوف من ظلم السجون ومن تعذيب معتقل تمارة لأنني لا أخاف إلا الله. – ما حقيقة المساعي التي تقومون بها لإطلاق سراح معتقلي السلفية الجهادية؟ من باب رد الفضل إلى أهله منذ أول دخولي الحركة قام محمود عرشان باتصالات في هذا الصدد مع مقربين من دوائر القرار، وهناك مبادرة من أجل إطلاق مجموعة كبيرة من سجناء السلفية الجهادية أواخر هذا الصيف من خلال مسطرة العفو. وهناك مبادرة لجمع ملفات مجموعة من المعتقلين الذين خرجوا من السجون من أجل إخراج نسخة ثانية لهيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر وتعويض المعتقلين الإسلاميين وإدماجهم في الحياة العامة للحيلولة دون التحاقهم ببؤر التوتر. – ما علاقتك برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وقيادات العدالة والتنمية؟ التحقت بالشبيبة الإسلامية سنة 1972 كنت التحقت بقسم الفلسفة بجامعة محمد الخامس 1980 وهناك التقيت قيادات في الشبيبة الإسلامية يومها كعبد الإله بنكيران وعبد الله باها والأمين بوخبزة وغيرهم وكنت في الخلية مع بنكيران المسيرة لمدينة الرباط وجامعة محمد الخامس، لكن بعد أن توصلنا في 1981 بمجلة «المجاهد» من لدن عبد الكريم مطيع حصل خروج جماعي من الشبيبة بعد أن اتهم هو بعض القيادات بالعمالة للقصر، وقمنا بإنشاء جمعية «الجماعة الإسلامية» التي سميت فيما بعد «الإصلاح والتجديد». – هل تعتبرون أنه من الطبيعي أن يوجد الشيعة إلى جانب السلفيين داخل حزب سياسي واحد؟ موقف أهل السنة والجماعة هو تكفير عموم فرق الروافد والإمامية على اعتبار أنهم يحاربون الإسلام يمالئون اليهود والنصارى ويسبون الصحابة ويقولون بمفهوم الإمامة والتقية والبداء وأن الكثير من نصوص القرآن محرفة ومن تم فإن العداء بين السلفيين والشيعة قائم وأنه لا يمكن أن يحصل بينهم أي تعايش. – وكيف تفسر وجود إدريس هاني داخل الحزب؟ إدريس هاني لم يحصل أي اتفاق بينه وبين الحركة على إدماج الشيعة أثناء الحوار الذي كان بين عموم الإسلاميين ومحمود عرشان، وحضوره كان طارئا أثناء الندوة الصحافية ليوم 23 ماي الماضي حيث زعم أنه سني، لكن المؤكد أني كنت أجهل الكثير عن هذا الرجل حتى رجعت إلى كتاباته ومقالاته الصحافية في إيران والعراق ولبنان فتبين لي أنه رافضي على مذهب الإمامية، وأنه يسب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأبا بكر وعمر ولا يترضى عليهما، وبالتالي فقد انكشف القناع عن رجل يحسن لعب الأدوار فهو في المشرق آية الله وفي المغرب يرتاد «المقاهي» في الرباط. وهو اليوم لا مكان له في الحركة. والحركة تسع الجميع إلا الشيعة والعلمانيين. والشيعة في المغرب إذا لم يتراجعوا عن عقيدتهم اليوم قد يفتحوا من الناحية الفكرية على أنفسهم أبواب الجحيم. لأن المغرب بلد سني ومحاربة المذهب السني خروج عن ثوابت البلاد ومحاربة لها. والكثير من أتباع المذهب الشيعي في المغرب قد سقطوا في مخالفات شرعية كشرب الخمور وغيرها. – كنت تشتغل خلال بداية مسارك المهني في إدارة الدفاع الوطني كيف خرجت منها؟ بعد اجتيازي لمباراة سنة 1989 للالتحاق بإدارة الدفاع الوطني بالتوارغة بالرباط عينت موظفا ساميا بقسم التعاون الدولي والعلاقات العسكرية الخارجية وميزانية الدفاع، ونشر اسمي في الجريدة الرسمية، إلا أنني فوجئت سنة 1992 بتوقيفي من طرف الجنرال أشهبار رحمه الله، ويدخل ذلك في إطار الشطط في استعمال السلطة، وكان السبب في ذلك هو وشايات كاذبة وتداعيات اعتقالي سنة 1985 من طرف الخلطي عندما كنت طالبا مجازا في إطار الشبيبة الإسلامية. وقد قاضيت المؤسسة العسكرية أمام المجلس الأعلى لعلي أحصل على جبر للضرر دون جدوى. – يعتبرك كثيرون منظرا لتيار السلفية الجهادية في المغرب هل هذا الأمر صحيح؟ صحيح أني كنت أنظر لمذهب أهل السنة والجماعة على مذهب السلف وكنت شغوفا بإبراز عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية من خلال كتاباتي ومقالاتي، لكن المؤكد أن أحداث 16 ماي ليست لي بها أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد، بل حوكمت ظلما بثلاثين سنة قضيت منها ثماني سنوات وعذبت في معتقل تمارة حتى خرجت بعفو ملكي في يوم 14 أبريل 2011. – هل كانت هناك صفقة بينكم وبين الدولة من أجل إطلاق سراحكم بعد ثماني سنوات من الاعتقال؟ لم يحصل أي اتفاق من أي طرف في الدولة حول الخروج من السجن أو التحول إلى العمل السياسي بعد الخروج، بل لم تكن هناك أية إملاءات لا داخل السجن ولا خارجه، ومن المؤكد والكل يعرف أني في مساري السياسي لم أكن أقبل أي إملاءات من أي أحد.