كان عضوا في مافيا صقلية وأحد أقوى شخصياتها في ثمانينيات القرن الماضي. معروف أيضا باسم توتو رينا، ازداد بتاريخ 16 نونمبر سنة 1930. لقبه زميل له ب»االوحش» بسبب طبيعته العنيفة، خاض رينا طيلة سنوات الثمانينيات والتسعينيات، حملة قاسية من العنف ضد كل من العصابات المتنافسة من جهة وضد الدولة من جهة أخرى. والتي بلغت ذروتها باغتيال القاضيين بالنيابة العامة لمكافحة المافي ، وهما جيوفاني فالكوني وباولو بورسيلينو. ولقب كذلك، بالقصير نظرا لقصر قامته التي لا تتعدى 160 سم. ويعتقد أنه قتل نحو أربعين شخصا وأمر بقتل المئات خلال مسيرته في الجريمة. ولد وترعرع رينا في كورليون، وانضم إلى عشيرة المافيا المحلية في سن التاسعة عشرة من خلال ارتكاب جريمة، وقبع على إثرها ست سنوات في السجن. في عام 1943 خسر رينا والده جيوفاني رينا وفرانسيس شقيقه (7 سنوات)، ومعه غايتانو شقيقه، حينما كانوا يحاولون استخراج البارود من القنابل الأمريكية غير المنفجرة خلا الحرب العالمية الثانية.. حققت مافيا صقلية بقيادة رينا سلطات لا مثيل لها وأخضعت مستويات عالية من الحكومة الإيطالية. ألغى خلالها رينا تقاليد المافيا وحطم قوانين الصمت، بدفع المافيا من صقلية إلى الساحة العالمية. ولكن هذه الحملة الدموية أدت إلى عواقب غير محسوبة تجسدت بأهم ملاحقة قانونية للمافيا في التاريخ. تشبع رينا بالعنف منذ سن مبكرة، ويقال إن مصيره قد تحدد سنة 1945 وهو في الخامسة عشرة من عمره، حين خرج مع أصدقائه ليلا وتشاجر مع أحد الصبية فعالج الأمر بإطلاق النار على ساقه وتركه ينزف حتى الموت، وأمضى على إثرها ثمان سنوات في السجن. وعندما أطلق سراحه اكتشف أنه حاز على مستقبل زاهر وسط مافيا كارليونز ما بعد الحرب. جذبت حرب المافيا الداخلية إليها أنظار العالم سنة 1963، حين قتل سبعة من ضباط الشرطة في انفجار سيارة، وأدى ذلك إلى أول ملاحقة واسعة ضد المافيا في التاريخ الإيطالي. اعتقل -حينها- حوالي ألفا عنصر من المافيا، من بينهم عدد من كبار الزعماء. فأجبر بعضهم على مغادرة البلاد، من بينهم توتو رينا. في فترة اعتقال الرجل الثاني لمافيا كارليونز وهو لوشيانو ليجيو، الذي تمت تبرئته بعد فترة قصيرة، قررت المافيا أن تحل قيادتها الأولى كي تعمل بصمت. عقب ذلك، تشكلت قيادة مؤقتة من ثلاثة زعماء للمافيا من بينهم لوشيانو ليجيو. ومع الوقت تحول اهتمام الرأي العام عن الموضوع، وتحول معه اهتمام الحكومة بمطاردة المافيا. فبدأت المافيا في صقلية بإعادة بناء نفسها تدريجيا. وأمام تعرض لوشيانو ليجيو لمشاكل صحية وقانونية، تخلى عن المنصب لصالح توتو رينا. نجم صاعد إبان ثمانينيات القرن العشرين، عرفت تجارة الهيروين انتشارا واسعا، إلا أن رينا لم يكن متورطا في تهريبه مباشرا، فبما أنه كان ينحدر من منطقة كارليون لم يكن على صلة طبيعية بمصادر المخدرات. ولم يكن لديه قباطنة للسفن، أو المختبرات اللازمة، أو الشبكة البشرية العاملة في الولاياتالمتحدة لاستقبالها. فاقتصر على التحكم بالعائلات التي تتمتع بتلك الاتصالات، ليستبدلها برجاله، أو بإجبارها على العمل تحت إمرته بعد التخلص من قادتها وإحلال رجاله مكانهم. أي أنه استولى على هذا العمل الذي لم يكن طبيعيا في مجاله. ومع نهاية سنة 1982، عندما بلغت تجارة الهيروين ذروتها، كان رينا على رأس المافيا في صقلية. كان كثيرا ما يعتذر عن لغته البسيطة ومستواه المعرفي المتواضع فهو لم يتخط الصف الخامس ابتدائي في المدرسة.. ولم يكن يتحدث الإيطالية جيدا، كما أنه لا يتحدث لغات أخرى. ولم يسافر إلى خارج إيطاليا وصقلية، ولم يبذل جهدا في الاطلاع على الشؤون الدولية البعيدة عن تهريب المخدرات. ولكنه في الوقت نفسه كان يتمتع بذاكرة هائلة، وكانت له قدرة خارقة على تذكر أسماء الأماكن والأشخاص وكل ما يحدث. كما تمتع بالقدرة على وضع خطط تسمح لرجاله بالتحرك والتسلل إلى عائلات يستولون عليها، وقيل عنه أيضا أنه كان حقودا جدا، بحيث لم يكن يفوت أي ضرر أو أي معروف. فيكافئ من يخدمه ويقضي على من يضره. بحيث كان يتميز بملامح قاسية تختلف كليا عن أفراد تخلص منهم في اللجنة، استطاعوا الاختلاط بالمجتمع والظهور بملامح رجال الأعمال. وهو الأمر الذي عجز رينا عن مجاراته ولم يحاول القيام به. في الخامس عشر من يناير سنة 1993، قامت الشرطة بقليل من الاستعراض باعتقال سلفاتور توتو رينا الذي عبر شوارع باليرمو بدون مقاومة. وقد ادعى أولا أنه مجرد مزارع يقوم بزيارة المدينة. ولكن سرعان ما تأكد للجميع أنه الوحش. وفي فبراير من سنة 1999 حكم على سلفاتور توتو رينا بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل باولو بورسيلينو، بالإضافة إلى قتل جيوفاني فالكوني وعدد آخر من جرائم المافيا. تلقى رينا عدة أحكام مشابهة. ورغم أن سراحه لم يطلق بعد إلا أن مجموعته ما زالت تنشط بحيوية داخل عالم الجريمة .