يذهب العديد من المتتبعين لملف القضية الوطنية الأولى إلى أن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، كان إشارة واضحة من السلطات العليا إلى «قصور» دور المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية على تحقيق الأهداف المتوخاة من تأسيسه، و«عجزه» عن التعاطي مع مختلف القضايا المرتبطة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما جعل عدة أصوات – صحراوية بالخصوص- توجه إليه مزيدا من الانتقادات بلغت حد اتهام رئيسه، خليهن ولد الرشيد شخصيا، ب«الاستئثار» بتسيير مختلف دواليب هذا الجهاز الذي نص ظهير تأسيسه على أن يكون مؤسسة تمثيلية حقيقية تستوعب كل حساسيات الأقاليم الجنوبية، وليس «واجهة لأعيان» بأنفسهم يعملون على «تعطيل» اشتغال هياكله. ولم يخف أعضاء من داخل «الكوركاس» أن يكون «عجز» هذا الأخير، أحد أهم مبررات تنامي نشاط من يسمون ب«بوليساريو الداخل»، وبرأي العضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية وعضو لجنة الخارجية به، رمضان مسعود، فإن «انفرادية» رئيس هذه المؤسسة باتخاذ القرارات، والاقتصار فقط على استشارة بعض الدائرين في فلكه، والذين تربطه بمعظمهم قرابة العائلة، بالإضافة إلى تجميد أنشطة مختلف لجان المجلس، والتي لم تنعقد منذ إنشائه، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في «إحساس المواطن المنتمي إلى أقاليم الجنوب بالحيف»، وهو ما قد يشجع بعض هؤلاء على اعتناق أفكار الانفصاليين والترويج لأطروحاتهم، ليس حبا في البوليساريو، يقول مسعود، ولكن فقط كردة فعل انفعالية على طريقة عمل هذه المؤسسة وتركيبتها. والإحساس بالحيف لطالما نبه إليه أيضا نشطاء جمعويون المسؤولين، خاصة بعد تزايد أنشطة هذه المؤسسة، التي تمول من جيوب المواطنين، في محافل لا تخدم القضية الوطنية، يقول الداهي أكاي، رئيس جمعية ضحايا ومفقودي سجون البوليساريو، في الوقت الذي «يُستبعد فيه عمدا الممثلون الحقيقيون» للصحراويين، والقادرون على مجابهة نشطاء البوليساريو في مختلف المنتديات الإقليمية والدولية، لا بل والذين بإمكانهم دحض مزاعم الانفصاليين بالحجج والبراهين، إلا أن هؤلاء مع الأسف، يضيف أكاي في تصريحه ل«المساء»، حُرموا وما فتئوا يُحرمون حتى من النزر القليل مما يُنفق على أسفار ورحلات المحظوظين من أعضاء هذه المؤسسة، والذين «لا يعملون وفق مقتضيات قانون تأسيس المجلس الملكي الاستشاري، بل حسب أجندة رئيسه ولد الرشيد». ويرى العديد من المتتبعين، ومنهم أعضاء غاضبون من رئاسة «الكوركاس»، أن هذا الأخير ظل خارج سياق التطورات التي عرفتها القضية الوطنية في الآونة الأخيرة، بل إن من هؤلاء من أسرّ ل«المساء»، في وقت سابق، أن ولد الرشيد لم «يتفاعل» حتى مع الخطاب الملكي الأخير بمناسبة المسيرة الخضراء، على غرار باقي الفاعلين السياسيين والجمعويين، فلم يصدر أي بلاغ يذكر يرحب بدعوة الملك الرامية إلى نهج سياسة حازمة إزاء أعضاء بوليساريو الداخل، إلا بعد وقت عندما تزايدت انتقادات تلك الأصوات الغاضبة عبر الصحافة الوطنية، لتنقل مصادر من داخل «الكوركاس»، بعد ذلك، أن رئيس هذه الهيئة «قلق» من تحركات حزب «البام» التي كُثفت مؤخرا بشأن قضية الصحراء، وهو ما يبرر «مدى الضعف»، يخلص العضو في المجلس نفسه، رمضان مسعود، الذي وصل إليه حال هذه الهيئة، مما يستدعي «الإسراع إلى تحديثها وإعادة النظر في هياكلها، تماشيا والخطاب الملكي الأخير لاستيعاب كل أبناء الصحراء والتعبير حقيقة عن همومهم، بدل تحسيسهم بالتهميش والإقصاء، فيتلقفهم أعداء الوطن».