بات في حكم المؤكد أن ورش إصلاح القضاء لن يتحقق خلال سنة 2010 خلافا لتوقعات عبد الواحد الراضي، وزير العدل، الذي سبق له أن حدد السنة المشار إليها كسقف زمني لتنزيل مخططه لإصلاح القضاء. وعزا مصدر رفيع المستوى فشل الراضي في إصلاح جهاز القضاء إلى 5 أسباب، أولها العلاقة «المتوترة» التي تربط وزير العدل بالمصالح المعنية بهذا الإصلاح في دوائر القرار. وأشار مصدرنا، في هذا السياق، إلى الكيفية التي يدبر بها الراضي هذا المخطط في قطاع غاية في الحساسية، وقال بشأنها إنها محكومة بهواجس الحذر والتوجس وانعدام الثقة في الجهات المحيطة به، مضيفا في هذا السياق أن الراضي يحمل مسؤولية كل خلل يعتري سير تنزيل مخطط الإصلاح لهذه الجهات بدل تحميلها لفريق عمله في وزارة العدل، الذي وجد صعوبة كبيرة في مد جسور التواصل بينه وبين مراكز صنع القرار في علمية إصلاح ناجع لقطاع القضاء. السبب الثاني في تعثر تنفيذ المخطط، حسب مصدر «المساء»، يكمن في «الاجتهاد المتواضع» الذي أبداه الراضي تجاه جوهر المشاكل المرتبطة بإصلاح القضاء، ذلك أن وزير العدل، في تقدير مصدرنا، معروف ب«كونه يقف عند سطح الأشياء» ولا يحب التوقف كثيرا عند ما يسميه ب«التفاصيل»، فيما تعد هذه التفاصيل، في رأي مصدرنا، مهمة بالنسبة إلى إصلاح القضاء ومساعدة على فك تعقيداته المتشعبة. مسألة التمويل اعتبرها مصدر «المساء» محددا أساسيا وسببا ثالثا في تعثر مخطط إصلاح القضاء لسبب بسيط يكمن، بحسب المصدر نفسه، في كون رفع ميزانية الوزارة برسم قانون المالية الأخير لن يستجيب للإمكانيات التي يتطلبها تنفيذ مخطط الإصلاح، لأن ما انضاف إلى ميزانية الوزارة يكفي بالكاد لسد حاجيات نفقات التسيير. في سياق متصل، يؤكد مصدر «المساء» أن فلسفة إصلاح القضاء تفسر بالأساس في جانبها المالي أكثر من ذاك المتعلق بعقليات العاملين في مجال العدل، خصوصا القضاة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن كل إصلاح يتطلب رصد إمكانيات مالية مهمة لإنجازه، لكن جوهر الإصلاح، في نظر مصدر «المساء»، يجب أن يشمل عقليات رجال العدل، وهو ما لم يتحقق بعد، إذ يظل العنصر البشري بعيدا عن اهتمامات الوزير، لذلك أدرجه كسبب رابع في تعثر الإصلاح. أما بالنسبة إلى العامل الخامس، الذي يجعل مخطط إصلاح القضاء يشهد تعثرات، فحدده المصدر المسؤول في كون الراضي يريد أن يكون الربان الوحيد الذي يقود عملية الإصلاح، في الوقت الذي «لا يمتلك فيه الكاريزما أو المؤهلات المطلوبة للذهاب بعيدا بهذا المشروع»، يقول مصدرنا قبل أن يضيف قائلا: «إن الراضي يعطل مبادرات حسن النية التي تبديها كل مؤسسات الدولة على أعلى مستوى، ويشكو من جهات خارجية، لكنه في المقابل لا يقوم بأشياء ملموسة تدفع في اتجاه إصلاح القضاء الذي دعا إليه الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة عيد العرش الأخير».