أمر وزير الداخلية شكيب بنموسى، مؤخرا، بتشكيل «خلية يقظة لمتابعة تطورات أزمة النقل بالعاصمة وتطويقها»، على إثر «تزايد تداعيات تعثر» شركة التدبير المفوض لمرفق النقل العمومي بالعاصمة، التي باشرت تدبير القطاع منذ أزيد من شهر، وحلت محل 11 شركة وطنية، وهي العملية التي نتج عنها توقيف عدد كبير من العمال في انتظار تدعيم أسطول الشركة الفرنسية المفوت إليها المرفق بحافلات أخرى، اختلفت تصريحات المسؤولين بالشركة حول ما إذا كانت جديدة أو مستعملة. وكان عمدة الرباط، فتح الله ولعلو، أخبر مستشارين في مجلس العاصمة بأنه «سيكثف» من لقاءاته مع والي جهة الرباطسلا زمور زعير، حسن العمراني، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لأزمة النقل، خاصة في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي للعمال الموقوفين، الذين صعدوا من وتيرة احتجاجاتهم، وهي الاحتجاجات التي أضيف إليها تحرك المجتمع المدني، حيث شرعت تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات في القيام بوقفات احتجاجية ضد أزمة النقل، تدخلت على إثرها قوات الأمن وعناصر القوات المساعدة لتفريق المتظاهرين. ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يكون «تحرك» وزير الداخلية الأخير، بخصوص تتبع «أزمة النقل المتفاقمة» بعاصمة البلاد ونواحيها، ناتجا عن تعليمات من السلطات العليا، التي سبق لها أن تدخلت في تجارب سابقة لحل أزمة النقل عندما أشرف الملك شخصيا بمدينة مكناس، في الولاية السابقة، على عقد اتفاق أنهى تداعيات أزمة النقل التي حدثت بسبب معارضة جهات لتنفيذ بنود عقد التفويت الذي أبرمه رئيس مجلس المدينة السابق، أبو بكر بلكورة، مع شركة إسبانية، مما حال دون شروع هذه الأخيرة في العمل وشل حركة النقل بالعاصمة الإسماعيلية. يذكر أن الشركة الجديدة «ستاريو»، المتفرعة عن المجموعة الفرنسية «فيوليا» والتي فوت إليها التدبير المفوض لمرفق النقل العمومي، استثمرت 100 مليون درهم لتسيير قطاع النقل، بعدما تعهدت بتجديد الأسطول وإعطاء الأولوية لتشغيل عمال القطاع حسب احتياجات الشركة التي تصل حاليا إلى 3.200 عقد عمل، تم توقيع 1.800 منها إلى حد الآن، إلا أن ذلك لم يحل دون أن تشهد مدن الرباطوسلا وتمارة والنواحي منذ أيام حركة اضطراب كبيرة في مجال النقل العمومي، بسبب قلة وسائل النقل العمومي واستغلال ذلك من طرف العديد من الأشخاص الذين أصبحوا يستعملون وسائل نقلهم الخاصة لنقل المواطنين مقابل أثمنة مرتفعة. وفي الوقت الذي أشار فيه مسؤول من الشركة الجديدة، فضل عدم الإشارة إليه بالاسم، إلى أن شركته بدأت بتسلم دفعات من الحافلات من شأنها أن تخفف من «حدة الأزمة»، نفت مصادر من ممثلي العمال الموقوفين أن يكون قد تم استقدام حافلات إضافية، مبررة ذلك بأن العمال لم يتلقوا أي إشارة للالتحاق بالعمل الذي يرهنه مسؤولو الشركة بتعزيز الأسطول بحافلات أخرى. وكان العمال الموقوفون عن العمل صعدوا من احتجاجهم عشية العيد بالمركب الرياضي مولاي عبد الله على إثر توقف مسؤولي الولاية والشركة عن استكمال أداء أجر الشهر المنصرم للمئات من العمال، بعدما احتج ممثلو هؤلاء على تضمين لوائح المستفيدين أسماء أشخاص ليسوا من المتضررين من التوقيف، لينخرط العمال في مسيرة احتجاجية صوب مستودع الشركة الكائن بالقرب من محطة النقل الطرقي قبل أن تنضم إليهم جموع من المواطنين الغاضبين ويشرعوا في رشق حافلات الشركة بالحجارة، مما تسبب في تكسير واجهات العديد منها في الوقت الذي نَقل فيه شهود عيان أنباء عن وقوع إصابات خطرة، من بينها تلك التي تلقاها سائق إحدى الحافلات بسبب محاولة زملائه الغاضبين إرغامه على التوقف عن العمل. وكانت مصادر مقربة من الملف أفادت «المساء» سابقا بأن السلطات تتخوف من وقوع «انفلات أمني» بسبب استمرار أزمة النقل العمومي بالعاصمة، التي جعلت السلطات الولائية تأمر عناصر الأمن بتنظيم أصحاب النقل السري ومساعدتهم على نقل المواطنين إلى وجهاتهم، في الوقت الذي صرح فيه المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات، محمد غافري، أن تنسيقيتي الرباطوسلا ستخوضان مزيدا من الوقفات الاحتجاجية بعدد من المواقع في العاصمة ونواحيها، إضافة إلى الوقفتين اللتين نظمتهما التنسيقيتان إلى حد الآن واللتين تدخلت قوات الأمن بعنف لتفريقهما.