سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غاربرييل: الحكم الذاتي «تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن لنزاع الصحراء» هيلاري: هذه هي الخطة التي نشأت في إدارة الرئيس كلينتون ولا تزال هي سياسة أمريكا في إدارة أوباما
أظهرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مهارة دبلوماسية استثنائية وبراعة في القيادة السياسية والرؤية المستقبلية عندما سافرت إلى المغرب، في الفترة ما بين 2 و3 نوفمبر، للمشاركة في الاجتماع السنوي لمنتدى المستقبل السادس الذي حضرته دول من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى الدول الصناعية الثمانية. لقد قدمت كلينتون خطة رائعة لترجمة خطاب الرئيس باراك أوباما التاريخي، الذي أتى تحت عنوان «بداية جديدة»، في القاهرة إلى إجراءات ملموسة من شأنها أن تحسن العلاقات بين الدول وتحقق تغييرا حقيقيا في حياة الناس اليومية. وأماطت كلينتون النقاب عن مجموعة واسعة من المبادرات المتعلقة بالسياسات وناشدت القادة بالتوحد لتشكيل مستقبل «على أساس تمكين الأفراد بدلا من تعزيز الإيديولوجيات». وأكدت أن مفتاح التقدم هو «روح بناءة» قادرة على التغلب على الصراعات والاتهامات السائدة في الماضي. وتحقيقا لهذه الغاية، أكدت كلينتون مجددا على التزام الولاياتالمتحدة بتسهيل التوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما خصت نزاع الصحراء، مؤكدة من جديد سياسة الولاياتالمتحدة التي تبنتها منذ فترة طويلة والتي تؤيد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الواقعي الوحيد لإنهاء 34 عاما من الصراع. كلينتون قدمت عرضا بارعا، إلا أنه سرعان ما بات واضحا أن قوة الإيديولوجيات القديمة وسطوة تبادل الاتهامات لا تندحران بسهولة. وحتى قبل رحيلها من المغرب، واجهت كلينتون انتقادات حادة لتكرار تأكيدها على سياسة الولاياتالمتحدة التي تم تبنيها على مر الثلاث إدارات المتعاقبة. الصحافة الجزائرية اتهمت كلينتون بأنها لم تكن تتحدث باسم إدارة أوباما وشككت في علاقتها بالرئيس الأمريكي. جبهة البوليساريو المتمردة، المدعومة من الجزائر، اتهمت كلينتون بإساءة تمثيل سياسة الولاياتالمتحدة بشأن الصحراء والإفراط في الثناء على المغرب لسجلها الرائع من الإصلاحات السياسية والتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي على مدى العقد الماضي، وذلك بشكل كبير للعمل بروح بناءة من أجل التغلب على صراعات واتهامات الماضي. كلينتون أثبتت قدرتها على مواجهة انتقادات لاذعة من قبل، وهي على الأرجح سوف تتغلب على هذه الانتقادات مرة أخرى. إن تشويه الحقيقة واللهجة اللاذعة التي ميزت هذه الهجمات قد تسيء إلى شخص كلينتون، ولكن الخاسر الأكبر هو النقاش العام حول قضية الصحراء. كما أن الادعاءات الخاطئة تعمل أيضا على تقويض جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس لاستئناف مفاوضات جادة، كانت تحاول الانطلاق إلى الوجود لمدة عام تقريبا. «لقد كنت السفير الأمريكي في المغرب في الوقت الذي تبنت فيه الولاياتالمتحدة موقفها بشأن الصحراء، وأستطيع أن أؤكد أن كلينتون على حق لأنني شاركت في عملية المراجعة في أواخر عام 1998 وأوائل 1999 والتي أطلقت هذا الموقف السياسي خلال فترة رئاسة بيل كلينتون. سياسة الولاياتالمتحدة الحالية بشأن الصحراء تتلخص في أن الحكم الذاتي «تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن لنزاع الصحراء»، وينبغي التفاوض ضمن هذا المقترح «داخل إطار تقوده الأممالمتحدة».» كلينتون كانت على حق في النقطة التي أثارتها في المغرب عندما قالت: «هذه هي الخطة التي نشأت في إدارة الرئيس بيل كلينتون. وجرى التأكيد عليها من جديد في إدارة الرئيس جورج بوش، لا تزال هي سياسة الولاياتالمتحدة في إدارة أوباما. أنا لا أريد لأحد في المنطقة أو في أماكن أخرى أن يكون لديه أي شك بخصوص سياستنا التي لم تتغير وبقيت كما هي». الولاياتالمتحدة تبنت هذه السياسة باعتبارها الحل الواقعي الوحيد لإنهاء عقود من الجمود الطويل حول موضوع الصحراء، والذي لا يزال يشكل حاجزا للتعاون الإقليمي ونمو الاقتصاد في شمال إفريقيا ومعالجة التهديدات الأمنية، بما في ذلك الإرهاب والتهريب، بل وإنشاء ركيزة للاستقرار في جزء غير مستقر من العالم. كما أن الفشل في حل الصراع يكرس معاناة عشرات الآلاف من اللاجئين الذين حوصروا لأكثر من ثلاثة عقود في مخيمات صحراوية في الجزائر، حيث يحتجزون كرهائن على أيدي زعماء جبهة البوليساريو وإيديولوجيتهم الفاشلة المستعدة للتضحية بمستقبل الناس لتسجيل نقاط سياسية، وهذا أمر مخجل. كما أنه من المخزي بنفس القدر استخدام البوليساريو للسيدة أمينتو حيدر، إحدى ناشطات حقوق الإنسان والمدافعة عن جبهة البوليساريو والجزائر وأهدافهم الانفصالية في الصحراء، في ما يرقى إلى كونه دعاية مثيرة قاموا بها في نهاية الأسبوع الماضي لتوجيه انتقادات إلى المغرب ومحاولة إحراج كلينتون والولاياتالمتحدة. وكانت حيدر عند عودتها إلى جنوب المغرب من الولاياتالمتحدة، رفضت بشكل صريح ملء استمارة دخول الجمارك لمطابقة جواز سفرها المغربي. لقد رفضت الدخول، وتخلت عن جنسيتها المغربية، وعادت إلى جزر الكناري الإسبانية، وتقود إضرابا عن الطعام احتجاجا (على ماذا؟) على التزام المغرب بقواعد السفر الجوي التي يجب على جميع الركاب الانصياع لها؟ أربعة وثلاثون عاما هي فترة كافية كما أنها فترة طويلة لوقف المواقف والدعايات الإعلامية، وللبدء بشكل جاد في التفاوض لإيجاد حل توفيقي واقعي لوضع حد لمأزق الصحراء .ودعونا نتبع النصيحة الحكيمة لكلينتون التي عرضتها على قادة المنطقة في المنتدى من أجل المستقبل: «بناء مستقبل قائم على تمكين الأفراد، بدلا من تعزيز الإيديولوجيات». إدوارد م. غابرييل هو السفير الأمريكي السابق في المغرب (1997-2001) وحاليا يقدم المشورة إلى الحكومة المغربية.