احتضنت الملحقة الأولى لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، أول أمس الخميس، ندوة حول موضوع العدالة العقارية في ظل الوضعية الراهنة، وهي الندوة التي أجمع معظم المشاركين فيها، على أن ضمان العدالة القضائية والتشريعية في مجال العقار، لا بد أن تكون جزءا من منظومة الإصلاح الشامل للعدالة، منبهين إلى أن تشتت النصوص القانونية والإرث الثقيل لحقبة ما قبل الاستقلال، يشكلان أبرز التحديات أمام المشرع والقاضي. وخلال الندوة التي نظمها ماستر الدراسات العقارية بكلية الحقوق بطنجة، والتي اعتبر رئيس الشعبة، مرزوق آيت الحاج، خلال جلستها الافتتاحية، أنها تأتي كمحاولة لإسهام الأكاديميين ورجال القانون في ورش إصلاح العدالة، تم تشخيص الوضعية العقارية بالمغرب وبطنجة بشكل خاص على أنها وضعية صعبة ومتشابكة، كما أجمع المشاركون على أن الصعوبات القانونية في مجال العقار تشكل حاجزا أمام الاستثمارات. واعترف عمدة طنجة فؤاد العماري، خلال اللقاء، بأن الجماعات المحلية تواجه صعوبات في مسايرة القوانين العقارية الحالية، وتعاني أيضا من تداخل التشريع بالأعراف، مؤكدا أن بعض أنواع الأراضي التي تفتقر لإطار قانوني حاسم يؤطر استغلالها تضيع على الدولة أموالا بالملايير، مثل أراضي الجماعات السلالية. واعتبر العماري أن بعض العقارات تستطيع أن تساهم في عملية التنمية بفضل قوتها المالية، لكن منظومتها القانونية لا تساعد على ذلك، قائلا إن بعض المستثمرين الذين يحتاجون لأراضي سلالية لإقامة مشاريع قد تشغل مئات الأشخاص، يضطرون أحيانا إلى إلغائها فقط لأنهم لم يعثروا على رئيس الجماعة السلالية الموجود في قرية نائية. من جهته، نبه محمد يحيى، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية الاجتماعية بطنجة، إلى أن المنظومة التشريعية التي تعاني من نقائص عديدة فتحت المجال للاجتهاد القضائي، حيث حاول القضاة في القضاء العادي والإداري إيجاد حلول لبعض النزاعات العقارية التي لم ينص المشرع على أحكامها، معتبرا أن هذا الأمر تحد يجب تجاوزه. وأشار يحيى إلى أن المغرب بعد الاستقلال سنة 1956 حاول التوفيق بين إرث عقاري تقليدي متشابك يضم العقارات الوقفية والسلالية وأراضي الكيش وغيرها، وبين عصرنة المنظومة التشريعية العقارية، لكن هذا الأمر لم يحل المشكلة، بل أنتج نظاما عقاريا هجينا، وهو ما يفسر الإشكالات القضائية المطروحة على مستوى تنفيذ الأحكام العقارية أو قضايا نزع الملكية. من جانبه أورد حسن فتوح، رئيس قسم الدراسات والبحث والتوثيق بمحكمة النقض، أن النصوص المنظمة لقطاع العقار متشعبة جدا ويصعب على القضاة والمحامين والمختصين، مهما بلغ اطلاعهم، تتبعها، مشيرا إلى أن تشعب النصوص ينتج عنه تشعب الاختصاصات خاصة بين المحافظ العقاري من جهة والقاضي من جهة أخرى. وأشار فتوح إلى أن المحافظ العقاري له الاختصاص التام من حيث الشكل في الشؤون العقارية، وليس من حق القضاء مراقبته، في حين أن القاضي له الاختصاص من حيث الموضوع، والحال أن نصوصا تعطي للقاضي النظر في بعض القضايا من حيث الشكل أيضا، ما يعقد قضايا العقار بشكل صار يستدعي الوصول إلى تشريعات جديدة ملائمة للعصر. وللإشارة فإن هذه الندوة التي امتدت طيلة يوم كامل، والتي نظمت بشراكة مع محكمة النقض بالرباط وابتدائيات طنجة وأصيلة والعرائش وتطوان، واستئنافيتي طنجةوتطوان، وكذا هيأة المحامين وجهة طنجةتطوان، إلى جانب جامعة عبد المالك السعدي، ناقشت مواضيع همت عقارات الأحباس وإشكالات تملك الأصل التجاري وإدماج العقارات غير المحفظة وإكراهات تدبير الفضاء العقاري العام وإشكالات الدعوى العقارية وغيرها من المواضيع.